قول في ( للذكر مثل حظ الأنثيين )



راغب الركابي
2011 / 9 / 20

في البدء لابد من القول إننا نعتمد هنا في بحثنا على الكتاب المجيد وحده دون سواه بإعتباره المصدر الوحيد لدينا في إستنباط الأحكام الشرعية ، وأما ما يُسمى بالسنة النبوية فهي عندنا ليس سوى - مجموعة من الأخبار التي تُنسب إلى النبي محمد - وهي في أكثر الأحوال مادة للأستئناس ليس إلاّ - أي إنها ليست مصدراً تشريعياً موازياً للكتاب المجيد أو صنو له ،
فالسُنة عندنا مثقلة بسلة كبيرة من المشكلات الذاتية والموضوعية التي لا تؤهلها لتكون صنو الكتاب أو بقوته في الدلالة والبرهان ولا إنها تتفوق عليه كما يقول بعض فقهاء التراث ، كما لايجوز إعتبار السُنة شارحت للكتاب المجيد خاصةً إذا ما عرفنا زمن التدوين ورواة الأخبار وطبيعتهم النفسية والسلوكية ، والحق أقول ليس بين أيدينا من كل هذا الذي يقولون عنه سُنة نبوية خبر واحد نستطيع معه القول - هكذا تحدث محمد بن عبدالله باللفظ والمعنى - فكل مابين أيدينا منسوب إلى النبي وهذه النسبة مشكوك فيها علمياً والشك وحده مبطل لحجيتها في الإستنباط والأستدلال .
وهنا يلزمنا التذكير بما قلناه في مناسبات متعددة : إن الأصل عندنا هو الكتاب وما محمدبن عبدالله إلاّ رسول ناقل بأمانة لنا ما جاء له من عند ربه - ولهذا لايجوز إعتبار كلام محمد وإن صح بمستوى الكتاب المجيد ، نقول هذا للتنويه وإحتراماً منا لعقول القراء المحترمين وتقرير لحالة معرفية نتبناها في تأصيل الأصول وتقعيدها على نحو مغاير ومخالف لما رتبه الإمام الشافعي وسار على نحوه جموع المسلمين ....
* وفي بحثنا هذا حول موضوعة حظ المرأة في مقابل حظ الذكر في الكتاب المجيد سنعتمد على منهجنا الأصولي الذي قدمناه من أجل بيان الحكم الشرعي من الكتاب وحده - .
ولكي نجعل الكلام هذا يتحرك في سياقه الموضوعي والعلمي لنقرء النص مورد بحثنا من سورة النساء قوله تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ، وإن كانت واحدة فلها النصف ..) - رقم النص 11 - .
في هذ النص نلتقي بثلاث طبقات تعريفية :
أولها : ذكر واحد في مقابل أنثيين .
وثانيها : نساء فوق أثنتين .
وثالثها : إمرأة واحدة .
يبين الله هنا لنا القاعدة التي يتم على أساسها توزيع الثروة حسب وصية محددة حيث قال الله : إن للذكر الواحد في التركة حظ أو نصيب مساوي لحظ ونصيب كل واحدة من الأنثيين ، فلومات إنسان وترك له من الأبناء ذكر وأنثيين ، فإن الله جعل حصة كل واحد من هؤلاء الثلاثة مساوية لحصة الآخر ، فللذكر ثلث ما ترك وللأنثيين الثلثان كل واحدة منهما الثلث ، وبذلك يكون لكل واحد منهم الثلث ، ولهذا عبر النص عن ذلك بقوله : إن حظ الذكر مثل حظ الأنثيين سواء بسواء -، وليس كما يقول فقهاء التراث : إن حصة الذكر هي ضعف حصة الأنثيين التي هي عندهم حصة واحدة - وهذا التفسير التاريخي سلب من المرأة حقها الطبيعي ، فالمرأة حسب النص هذا هي القاعدة التي على أساسها يتم توزيع التركة أي إنها هي الثابت والذكر هو المتغير ، وهذا المعنى نشاهده في الطبقة الثانية من النص حين جعل الله حصة النساء من أثنين فأكثر الثلثين دائماً ، هذا الكلام من أصل التركة دون النظر لعدد الذكور المهم هو تحديد حصة الأناث والباقي للذكور سواء أكانوا واحداً أم أكثر فهم شركاء في الثلث الباقي من أصل التركة ، وهذا ما نجده جلياً في الطبقة الثالثة حيث جعل الله للمرأة نصف التركة في حال كانت واحدة والباقي يوزع حسب مراتب العصب من الأبناء والأباء وغيرهم المهم في بحثنا التركيز على ما تبناه الله في الكتاب المجيد ، وليس كما يدعيه فقهاء التراث في تقسيم التركة لتوافق رغبة الذكر ..

وللحديث بقية