المسلمات خارج حسابات المعاصرة .



محمد حسين يونس
2011 / 9 / 27

الاسد يرقد في كسل بين أعشاب و شجيرات مرج من المروج حوله أشبال تتحرك ، تلهو ، تتعارك ومن بعيد ترى عدد من اللبؤات تراقب الصغار و مهمومه بأمر غير مفهوم .
كنت أراقب الفيلم المعد بواسطة ناشيونال جيوغرافيك مبهورا بقدرة المخرج، المصور و طاقم العمل علي نقل الحياة البرية لنا كما هي .. سرب من حمر الوحش (زيبرا ) يتحرك في المراعي بهدوء .. اللبؤات تزحف في اتجاه القطيع ، لبؤتين خلفه و أخريتين كامنتين بين الاعشاب العالية ترقبان .. الخافيتان تظهران نفسيهما فتجرى الحمر عدا واحدة تتلكأ غير دارية بالخطر .. اللبؤتان تتجهان نحو الحمار اللاهي .. الذى يجرى للحاق بزملاءه ..الحمار يجرى بسرعة و هما تلاحقانه ..من بين الاعشاب العالية تقفز لبؤة علي ساقي الفريسة الخلفيتين والاخرى الي رقبته فيسقط صريعا علي جانبه .. اللبؤات الاربع تقف وتنظر في اتجاه الاسد الذى يقف متكاسلا ينفض عن نفسه ما علق به من أتربة وحشائش ويذهب تجاه الضحية.. اللبؤات تبتعد قليلا يقفز الاسد علي جثة الحمار ينهشه ، يتناول طعامه ببطء و استمتاع سامحا لبعض من الاشبال التي تبعته بمشاركته عندما يشبع يحرك رأسه يمينا و يسارا و يترك المأدبة للبؤات لتتناول طعامها من الضحية التي اصطادتها .
لا أعرف تماما ما اذا كانت جميع الحيوانات تتصرف بهذا الصلف من عدمه .. و لكن أعرف أن الانسان كلما اقترب من البدائية حاكي سلوك ملك الغابة و خليلاته و اشباله .. الانسان عندما كان يعيش في البرارى يجمع الجذور و الثمار و البيض طول اليوم ليكفل حياته و أطفاله كان العبء الأكبر يقع على الأنثى التى ظلت تتحمل ما قدرته لها الطبيعة حتى زمن قريب فى منتصف القرن العشرين عندما عاصرت هذا بنفسى فى ريف مصر .
ذكور خاملة وإناث نشطة تكد وتعمل طول اليوم.. فالفلاحة تستيقظ قبل الفجر تشعل الفرن وتخبز العيش وتملأ الأوانى بالماء وتجهز الافطار وتسقى البهائم وتحلب الجاموسة وتجمع البيض وتصنع الجبنة والقشطة والزبدة وتجهز غذاء الرجل تذهب به اليه فى الغيط ليتناوله وهو جالس تحت التوتة أو الجميزة دون ان تشاركه.. الفلاحة المصرية كانت تكد منذ الفجر حتى ترقد جثة هامدة بعد العشاء ، فيعتليها زوجها يفرغ طاقته بها وهى من التعب لا تدرى أو تتجاوب ، الفلاحة المصرية دائما مشغولة تحمل ، تلد ، ترضع ، تعتنى بالاطفال تعلمهم وتطعمهم وتغسل ملابسهم وتنظفهم وتعدهم لحياة شاقة أخرى .. تعد العشاء وتنظف المصابيح وتملأها بالوقود وتضيئها وتتأكد أن الفرشة نظيفة معدة للنوم ومع ذلك ، كانت فى الأفراح تغنى وترقص وتصفق وتطبل وتزغرد وتجامل وتبعث البهجة بين أصحاب السبوع أو الحنة أو الدخلة أو العائدين من الحج .. المصرى والمصرية الى عهد قريب ارتضوا أن توزع الأدوار بينهما كما وزعتها الطبيعة بين الأسد وزوجاته ، يعيش الرجل فى كسل على أمل الدفاع عن أسرته فى حالة الاحتياج ، والمصرية تتعب وتسعى وترهق فى تضحية لا تعرف مدى قدر قيمتها.
المجتمعات البدائية لاتزال مصرة على شريعة الغاب ، كل الخير للرجل ، كل العناء والجهد للمرأة .. السؤال هل اختلف الوضع بعد مرور عقد من القرن الحادى والعشرين !! وبعد أن اعتمدت القرية على المدينة فى تلبية أغلب احتياجاتها ، فالفلاحة لم تعد تخبز أو تملأ لمبة الجاز أو تغسل بدون غسالة ، ولم تعد تحمى الفرن بل تشعل البوتاجاز وتسهر طول الليل تراقب التليفزيون وأحيانا الدش ، والرجل أيضا اختلف ، لم يعد مرتبطا بالأرض إنه يسعى إما بالسفر للخارج أو للعمل فى المصانع أو الخفارة تاركا زوجته تربى الأطفال وتتحمل مسئوليتهم ، هل تغير بذلك وضع المرأة ؟ .. لم يتغير ، لازالت مواطنة درجة ثانية تتحرك باشارات سيدها ( أبوها ، أخوها ، زوجها ، ابنها ) ولازالت تجهز الطعام وتتنحى عن المائدة حتى يفرغ الأسد من تناول وجبته .
المجتمع المصرى رغم دخول الكهرباء والماء النظيف وأفران الخبز العمومية الى كل قرية تقريبا الا أنه يعيش حالة من البدائية فى تعامله مع الأنثى ، سواء كان هذا فى القرية أو المدينة أو حتى الكومباوندز الحديثة ، الرجل مميزا عن المراة ويعتبر نفسه رئيسها ، سيدها المسئول عنها ، المسيطر على كل حياتها حتى بعد أن خطا خطوات واسعة منذ منتصف القرن الماضى نحو المعاصرة .
سبب تدهور العلاقة بين الرجل والمراة وتدنيها الى هذا المستوى البدائى ، هو نظرة رجال الدين لها ، فالسيدة المسلمة لا يحق لها ( فى نظرهم ) أن تصبح بشرا متساويا فى الحقوق مع الرجل .. لا حقوق لها وعليها كل الواجبات ، هكذا كانت فى الغابة وهكذا هى فى المجتمعات البدائية .
الشيخ خير الله طلفاح خال صدام حسين له كتاب بعنوان ( لبؤات المسلمين ) وهو بالطبع يعنى زوجات الرسول صلعم فهل هو هنا على وعي بالعلاقة بين الأسد ولبؤاته أم أنها جاءت تكريما منه لهن .
المرأة المسلمة عليها إطاعة زوجها حتى لو تزوج عليها ثلاث أخريات أو ملأ المنزل بالجوارى فما هو موقف المرأة الغير مسلمة .
مع مطلع القرن الماضي بدأت المرأة تخرج من السجن الذى فرضه الرجال عليها في نضال مستمر ودائم تتخلص فيه من الافكار المكبلة لانطلاقها ((ابسن في بيت الدمية )) من اوائل الذين أدانوا تحكم الرجل في زوجته و تحويلها الي لعبة أو دمية يلهو بها وتبعه العديد من المفكرين و المفكرات و الفلاسفة الذين ارّخوا لعلاقة الرجل بالمرأة .. اشهرهم انجلز .. ثم جاءت الحرب العالمية الثانية بكل مآسيها لتفرض علي أصحاب المصانع توظيف السيدات .. عمل المرأة في كل المجالات التي طرقها الرجل و اتقانها هذا العمل كتب لها شهادة الميلاد العصرى الجديد .. المراة منذ ذلك اليوم لم تعد لعبة او عبدة.. اختارات ملابسها و زينتها و تعليمها و رغم تجبر الرجل باعطاها نصف اجره لنفس العمل الا انها قاومته و نافستة و اضطرته لان يعترف بانها انسانا مساويا ومماثلا رغم المعوقات الخاصة بالحمل والولادة والحضانة .. في نهاية المسار كانت المرأة رئيسة وزراء حتي لبلاد متخلفة مثل بنجلاديش و باكستان و كانت لآلىء في سماء السياسة مثل انديرا غاندى (الهندية ) و تاتشر (الانجليزية ) و جولدا مائير (الاسرائيلية ) ووزيرة في كل المجالات بما في ذلك الحرب، المرأة الاوروبية فنانة و ممثلة و مغنية وراقصة تلاقي الاحترام و التقدير وهي راهبة ورئيسة دير وعضو في البرلمان و جندى يقف في الحراسة الليلية علي حدود اسرائيل .. المرأة حصلت علي جوائز نوبل والاوسكار وكانت سفيرة في الامم المتحدة لكل بلاد الدنيا .. سوداء صفراء بيضاء .. من امريكا اللاتينية .. الا في بلاد المسلمين العرب.. العربي يحتقرالمرأة و يرى نفسه الاسد و هي اللبوءة التي عليها خدمته حتي بعدما خلعت الحجاب و حرقته في زمن ثورة 1919 سكت علي مضض لان التي فعلت هذا كانت هدى شعراوى وصفية زغلول .. ومن ساندها كان قاسم امين و كلهم لهم الاحترام و التقدير .. المصرية و أخواتها اللبنانية ، الشامية ،التونسية ،المغربية والسودانية إنطلقن يتعلمن و يتدربن و يجاهدن لكي تصبح لهن مكانا. الرائدات الاوائل عزيزة خليفة و نفوسة خليفة سافرن الي انجلترا للتدريب و عدن يربين اجيالا واجيال من الآنسات المتعلمات في كلية الاداب و الحقوق والمعلمات .. ثم تدريجيا بدأت رائدات في الالتحاق بالطب ثم الهندسة ولم يبق مجال لم تطرقه الفتاة او المراة .، عندما التحقت بكليه الهندسة عام 1956 كانت زميلاتي لم يتجاوزن أصابع الكفين الآن أكثر من نصف الدفعة آنسات .. عبد الناصر نَاصر تمكين المراة فاصبحت برلمانية ومذيعة واعلامية في التلفزيون والمجلات والجرائد ووزيرة ، وكانت السيدات الاوائل مصدرا للالهام لجميع الاجيال التالية ، رأيت هذه الصورة تتكرر في العراق ، سوريا ،لبنان وتونس حيث كانت المدرسات في جامعة الزيتونة سافرات و هن يدرسن الدين و الشريعة .. المراة العربية منذ أن خلعت حجابها حتي اعادت ارتداؤةه بعد سبعينيات القرن الماضي عاشت نصف قرن من الازدهار و الحرية كادت أن تقودها للعصرية حتي جاء الطاغوت .. الشيخ الوزير يقود الالآف من الدعاة المدرَبين علي تضليل الجماهير حركهم حقد مرضي علي الناصرية والقومية والحياة المعاصرة .
المرأة في الخليج كانت اثناء ازدهار اختها في الوديان العامرة لا زالت تعيش في خيامها الفعلية والنفسية حياة بدائية أقرب لحياة الاسد و لبؤاته ، هو السيد المتحكم في كل تفاصيل حياتها .. وحتي عندما سكنت القصور ظلت راعية غنم الا عندما تركب الطائرة وتغادر السجن الاعظم بلدها فتتحول الي شابة او امراة قاهرية بيروتية ، وفي بعض الاحيان باريسية مادام اهلها لا يدرون .. التوق لحياة طبيعية جعلت العديد منهن ينتفضن ضد ارادة الاسد رغم امداده لهن بالمال، لقد قابلت اكثر من سيدة سعودية ذات ثقافة وسلوك حضارى يدعو للاعجاب .. ولكن للاسف لم تستكمل المسيرة لقد طفحت قلوب الموالي بما علمه اياهم اسيادهم و عاد الاخوان المسلمين بالحجاب كملبس و كفكر هدية لبنات هدى شعراوى .
و لان الامر جد لا هزل فيه ، دعنا نناقش هؤلاء البدو المتخلفين.. ماذا ستكسب المرأة باسلامها ..المرأة المسلمة قانونا ناقصة العقل و الدين بمعني أن ساعى السيدة الوزيرة او سائقها تــُقبل شهادته ولا تـُـقبل شهادتها الا ومعها وزيرة اخرى .. و السيدة المذيعة النابغة تعتبر فتنة لدى المسلمين يجب اخفاء ملامحها ويا ليت كل النساء يتحولت الي عباءات سوداء متحركة كما في ايران و العراق و السودان و افغانستان .. السيدة المسلمة المؤمنة لن تدخل جنة الرجال لان هناك كباريه يفيض بكل انواع الملذات الجنسية والسيدات القانطات الحافظات لفروجهن يجب الا يستمتعن، فهن اوعية تلقي افرازات الرجال .. السيدة المسلمة لا تحصل الا علي نصف الميراث و عادة ما يلهفه البغل اخوها .. السيدة المسلمة تدخل بيت زوجها ولا تخرج منه الا محمولة لقبرها وهي غير مسموح لها بالتعلم او العمل او مخالطة الرجال لانها ستفتنهم .. المسلمة اذا نشزت تضرب بالعصا ضربا خفيفا يتزايد حتي يصل الي ربط شعرها في شعر ضرتها و ضربهما ضربا مبرحا ولم يشفع لها انها اسماء بنت ابي بكر
انظر كل يوم لطوابير الفتيات الصغيرات المحجبات و هن في طريقهن الي المدرسة واتامل هذه الزهرات التي تم خنقها بملابس غير عصرية و سلوكيات غير عصرية و حياة تتهم فيها انها فتنة، ثم بعد عناء تكون البنت الجادة الاولي علي صفها فتنحّي و ياخذ زميل لها اقل تحصيلا مكانها لترتفع نسبه البطالة و تطول اغلب الخريجات .. وعندما تعمل يتحرش بها رجل ويذلها ويمنع ترقيتها ويهمشها، وتبقي المرأة تحمد ربها انهم لازالوا يقبلونها بينهم .. القادم مع الاسلامجية اكثر حزنا ، لن يسمح لك يا ابنتي المتفوقه ان تخرجي من منزلك قري في بيتك و لا تتبرجي تبرج الجاهلية .. قديما قال الامام علي بن ابي طالب (( إني أعجب لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج علي الناس شاهرا سيفه )) فماذا تنتظرين .