جثة تبحث عن هوية



عايدة توما سليمان
2011 / 10 / 7


*الضحية هي زميلة رولا الصفار البحرينية التي تعرضت للضربات الكهربائية لتجرؤها على الاحتجاج، وهي اخت لسميرة محمد المصرية التي تعرضت للاذلال وفحص العذرية لدى اعتقالها وأخريات في ميدان التحرير، وايمان العبيدي المحامية الليبية التي اغتصبها جنود القذافي*

زينب الحصيني شابة سورية عادية كان يمكن أن تمر في هذه الحياة دون ان نسمع باسمها ودون أن يكون لها صفحة خاصة على موقع الفيسبوك، ودون ان تهتف باسمها الاف الحناجر وتتحدث عنها محطات التلفزة ومواقع الاخبار.. ولكن شاءت لها الاقدار ان تتحول الى رمز يتنازع عليه النظام السوري من ناحية والمعارضة من الناحية الاخرى، ويتهم كل طرف الاخر بقتلها والتمثيل بجثتها .
جميعنا صُدمنا عندما سمعنا قصتها التي هزتنا من الاعماق حين تسلمت جثتها والدتها، سوية مع جثة اخيها الذي قضى في سجون الاعتقال تحت التعذيب، مبتورة الاطراف مقطوعة الرأس وممثل فيها الى درجة سلخ الجلد، تسلمتها الوالدة من الاجهزة الرسمية السورية بعد أن وقعت على وثيقة تؤكد ان ابنتها قتلت على يد عصابات ارهابية .
وكانت الصدمة الاكبر بعد ايام من غضب عارم اجتاح الشارع السوري والعربي والعالمي، عندما بعثت زينب حية على التلفزيون السوري الرسمي، لتؤكد انها لم تمت وأنها هي التي اختفت طواعية هربا من ظلم اخوتها وانكرت بذلك كل ما الصق من التهم بالنظام السوري وتعذيبه للمعتقلين .
والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة لماذا سلمت السلطات السورية جثة الفتاة لأهل زينب وكيف تم استصدار الوثائق الرسمية لدفن الجثة على انها زينب، في الوقت الذي لم يكن بالامكان التعرف على الجثة بسبب التشويه؟ والسؤال الاهم: من تكون صاحبة الجثة وما القصة وراء قتلها ؟ من سيحفظ للفتاة الحقيقية الحق في ان يجري الكشف عن قاتليها ؟ هل سيحفظ العالم اسمها وهل ستتحول الى رمز لما يدفعه السوريون والسوريات من ثمن باهظ، حياتهم ، من اجل حقوقهم المشروعة بحياة كريمة ديمقراطية خالية من الخوف والترهيب ؟
وتبقى الجثة بعد ظهور زينب تنتظر هوية تعيد لوجهها صورته التي شوهت ... فمن المؤكد انها لن تبعث للحياة من جديد ، ولكنها رمز لما تتعرض له النساء في العالم العربي في زمن الربيع العربي ، فهي زميلة رولا الصفار البحرينية التي تعرضت للضربات الكهربائية لتجرؤها على الاحتجاج، وهي اخت لسميرة محمد المصرية التي تعرضت للاذلال وفحص العذرية لدى اعتقالها وأخريات في ميدان التحرير ، وايمان العبيدي المحامية الليبية التي اغتصبها جنود القذافي .
ايا كان اسم الجثة فهي ضحية لعقلية استبدادية قمعية وذكورية تأبى أن ترى في المرأة مناضلة وانما مجرد امرأة .