حق الرجل في تعدّد النساء



فرح نادر
2011 / 11 / 14

في الواقع، لا توجد امرأة تقبل أن تكون إحدى النساء في حياة الرجل، إلا إن تأكّدت أنها الوحيدة من تملك لبّه، ولسن كل النساء يقبلن بذلك، فمن تقبل بذلك، إما امرأة لا حول لها ولا قوة ومن باب الاضطرار والاحتياج، وهنا لا أسميه قبول، بل هي مُجبرة على العيش مع ذلك الرجل (وهذه المرأة ليست المعنيّة في موضوعي)، وإما أن تكون امرأة عميقة التفكير ومتفهّمة لرجل تحبه واختارته بكامل حريّتها.

كون الإسلام شرّع للرجل الزواج من أربع نساء كحد أقصى، لا أرى في ذلك عيب، بل إنها ميزة من حيث تفهّم رغبة بعض الرجال بالتعدّد، برأيي التعدّد رغبة دفينة لدى بعض الرجال، حتى وإن أنكر ذلك الرجل واستهزأ بتشريع الدين بالتعدّد، سواء كان الرجل مؤمنًا أم لا يعترف بدين، تبقى هذه الرغبة مكمونة في العقل الباطن للرجل الذي يرغب بالتعدّد أو التغيير سواء بالسر أم بالعلن.

الرجال أنواع، فهناك من تكفيه واحدة، تربطه بها مشاعر ورغبة متركزّة بتلك المرأة، وهناك من لا يريد أية واحدة، وفي المقابل هناك من يود لو بيده أن يكون بين غابة من النساء المتوحشّات، يمارس معهن وفق مزاجه، وكلما سنحت له فرصة لتطبيق ما في خياله الخاص ولو جزء بسيط منه في الواقع فلن يفوّت الفرصة، وآخر يملأن خياله نساء رقيقات، ذوات جلدٍ شفّاف كما الحوريات في الجنة، فالمؤمن يتحلى بالصبر وينتظر الجنة، وآخر يسعى جاهدًا لتحقيق حلمه في الواقع. ليس في ذلك الحلم عيب، العيب أن ينكر الرجل رغبته تلك، التي لا يفصح عنها إلا نادرًا.

وكيف يكون موقف المرأة من الرجل الذي يعشق تعدّد النساء في واقعه؟ إنه ليس بالأمر السهل، إنه واقع مرير لمن لا تتفهّم طبيعة الرجل الذي اختارته، الذنب ليس ذنبه، العيب ليس بهذا الرجل، إنما في الاختيار، العيب أيضًا في اختيار الرجل لامرأة لا تتفهّم ولا تحترم طبيعته، خاصةً إن كان صادقًا معها.

يحضرني هنا فيلمًا شاهدته عن حياة الفنانة Frida، التي ارتبطت بفنان تشكيلي أغرم بها وهو الذي دفعها للرسم، وقبل الارتباط به كان صريحًا معها، وأخبرها أنه لا يقاوم النساء وقبلت بشرطه، ربما باعتقادها أنها ستكفيه، ثم تُصدم حين تعود للبيت ذات مرة وتراه بين أحضان أختها لتصاب بانهيار، إنها صدمة حقًا إن أخفى عنها ولم يصارحها بنقطة ضعفه قبل الارتباط بها، برأيي إنها شجاعة منه أنه لم يخفِ عنها نقطة ضعفه، وبالتالي، مهما كانت الصدمة قوية بالنسبة لها، كان من الأجدر تفهّم موقفه بدلاً من إظهار الانهيار المخيف بالنسبة له كفنان صادق مع نفسه قبل أن يكون صادقًا مع حبيبته التي قبلت به وأصبحت شريكته، وهذا الموقف الذي مرّت به Frida ولّد لديها رغبة في الانتقام منه بأنها لم تعد تهتم إن رآها تمارس مع رجل آخر أو حتى امرأة مثلها.

أعود هنا لطبيعة الفرد منا، خاصية يتميّز بها كلنا، هذه الخاصية، بغض النظر عن كونها إيجابية أم سلبية، فهي ما تميّزنا عن سوانا، كيف للمرأة - Frida - هنا وفي هذا الموقف تغيير طبيعتها التي لا تقبل التعدد؟ ربما هي مرحلة الصدمة، التي تعود بعدها مباشرةً للهدوء، ثم اتخاذ القرار لمواصلة الحياة مع هذا الرجل في شقاء، أو إنهاء العلاقة وبترها رغم حبها له، أو الحل الأمثل إن كانت تحبه، أن تتفهم أنها لن تكسب حبه إلا بقبولها به رغم تلك الخاصية التي تراها عيبًا به.

تقدير الصدق، غائب عن حياتنا، الاعتراف بطبيعتنا، التي يسمّيها الآخرين عيوب، هي ليست بعيوب إن وجدنا من يتفهّم طبيعتنا، ثم احترام تلك الخاصية التي تميّزنا عنه.

ربما الرجل المزواج أو "النسوانجي" يترك كل النساء حين يجد ضالته التي تتمثل في صديقته، حبيبته أو حتى زوجته المميّزة التي تتفهّم نقطة ضعفه وتستمع لحكاياته ومغامراته مع الأخريات وبوجه باسم، يخلو من الغيرة، وثقة بنفسها أنها تفوق الكل، وتغدو أجمل نساء العالم بعينه، وتتركّز سعادته حين يجلس معها ويحكي لها، كما فعلت شهرزاد مع شهريار مع تبادل دور المستمع والراوي.

الحديث لم ينتهِ،
سأكمل همسي بجزء آخر قريبًا.