مكانة المرأة عبر التاريخ!!



مختار العربي
2004 / 12 / 19

نود أن نتعرض لوضع المرأة عبر مختلف الحقب والحضارات والثقافات والأخلاق التاريخية وذلك لنوضح الرؤية و نبين كيف يمكننا تناول قضية المرأة ومعظم المشكلات القائمة الآن في مجتمعنا الذي نعيش ونتفق على مبدأ وقضية واحدة وهي أن للمرأة الحق في تفهم وضعها الذي أملي عليها بفعل العادة والموروث والثقافة الذكورية التي سادت كل الثقافات والتحمت بكل الأعراف والمعتقدات وسارت جنباً إلى واستطاعت هذه الثقافة الذكورية أن تفرض سيطرتها وتؤسس لفعل عنيف ومتعصب فحولت المرأة إلى كيان ضبابي الوجود مشتت لا يسعه إلا الاعتراف بدونيته فعسانا ننجح ونستطيع أن نقرأ تطور البشرية وبالذات المرأة ككيان لنحصل على
صورة واضحة جلية تفسر لنا العلاقة بين الذي كان والفعل الآني
ففي خضم الوضع المزري الذي بلغته المراة في عالمنا الذي نعيش فيه كثرت الدعوات التحررية وحاولت إخراجها من تخلفها ومعاناتها ، إلا أن ابتعاد هذه الدعوات عن امتلاك رؤية نابعة من صميم حضارتها وإصرارها على ضرورة تقليد النموذج النسائي الغربي من أجل التحرر ، أفرز وضعية ماسخة للمرأة ، وأبعدها عن معالم الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه من أجل امتلاك ذاتها من جديد.
المراة عبر عصور التاريخ:
أ/ المرأة لدى اليونان :
لم تكن للمرأة أي قيمة تذكر سوى اعتبارها شيئاً ممتعاً للرجل يستخدمه للذته ومتعته ، وكانت فاقدة الأهلية كالطفل وغير العاقل. لكن المرأة بدأت تأخذ مكانة مهمة في المجتمع مع وصول الحضارة اليونانية إلى أوجها ، وبدلاً من أن تتحرر بوصفها إنساناً كامل الأهلية أصبحت رمزاً للجمال المادي فانتشر الفساد والإباحية باسم الفن والجمال وأصبح التحرر مرادفاً للتحلل والفاحشة.
ب/ المرأة لدى الرومان :
اعتبرت مساعدة للشيطان ونفسها لا تقارن بنفس الرجل ، فهي وضيعة لا تستحق الخلود في الآخرة . وكان القانون الروماني يعطي للرجل السلطة المطلقة عليها ، التي قد تصل إلى حد التعذيب والقتل. ثم انقلب القانون فجعلها مستقلة تماماً بدون ضابط.
فتعدد الزواج والطلاق بصورة مهولة ، وأصبح الزنا شيئاً يعترف به القانون ، وكانت مهنة الدعارة من أكثر المهن رواجاً حتى بين نساء العائلات العريقة ، وبذلك كان التحرر في العهد الروماني مطابقاً أيضاً للتحلل والفساد.
ج/ المرأة في شريعة حمورابي :
كانت المرأة في شريعة حمورابي كالماشية من حيث مركزها الاجتماعي لأن من يقتلها عليه أن يقدم بنتاً غيرها بدلاً عنها أو يقدم قيمتها وذلك نهاية الامتهان لها ().
د/ المرأة لدى الهنود :
المرأة في شريعة مانو بالهند قاصرة طيلة عمرها ، ولا تملك شيئاً من أمرها وكل حقوقها مناطة بزوجها ، فإذا مات حكم عليها بالإعدام وأحرقت معه وكأنه قطعة حقيقية منه تابعة له
هـ/ المرأة لدى اليهود :
إن المرأة لدى اليهود لعنة ينبغي التحرر منها والإبتعاد عنها وعدم ائتمانها على سر أو أمر عندهم وقد جاء في التوراة تحذيراً منها (المرأة أشد من الموت).
و/ المرأة لدى المسيحين :
المرأة عندهم تحمل لعنة أمها العليا حواء إلى يوم القيامة وقد جاء التحذير منها في نصوص دينية كثيرة أهمها قول القديس نوتوليان إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان .. ناقصة لنواميس الله . يقول القديس سوسقام (إنها شر لابد منه وآفة مرغوب فيها) وخطر على الأسرة والبيت ومصيبة مطلية مموهة.
في القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون للبحث في مسألة هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه ؟ وبعد البحث قرر المجمع (أنها خلو من الروح الناجية من عذاب جهنم). عقد الفرنسيون في عام 1958 مؤتمراً قرروا فيه (أنها إنسان خلق لخدمة الرجل فحسب). القانون الإنجليزي المسيحي البروتستانتي حتى عام 1805م كان يبيح بيع الزوجات. أما الثورة الفرنسية التي تفخر بها أوروبا المسيحية وتعتبرها منطلق التحرر في العصر الحديث فإنها اعتبرت المرأة إنساناً قاصراً ().
مكانة المرأة عند العرب :
ليس للزوجات عدد معين فيجوز للزوج أن يتزوج ما شاء عشرة .. عشرين أو أكثر.
الزوجة جزء من تركة الزوج فإذا مات ورثها أبناؤه من غيرها مع تركته ثم لهم أن يتزوجوها أو يزوجوها من يشاؤون.
وأد البنات كان منتشراً في الجزيرة العربية خوف الفقر أو خوف العار (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) ().
البنت شئ مكروه يستعاذ منه عندهم (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم) ().
شيوع نظام الاستمتاع ، وذلك بإرسال الزوج زوجته بعد استبرائها إلى أحد زعماء القبائل لتحمل منه ثم تعود إلى زوجها وذلك طلباً لنجابة الولد.

إن الناظر للاهتمام العالمي بقضايا المرأة يلحظ اهتماماً كبيراً متزايداً ومناداة بوجوب حصول المرأة على حقوقها بالمفهوم الغربي الشئ الذي يوضح عزم الغرب فرض مفهوماته وقيمه الاجتماعية مستقلاً حالة الهيمنة التي فرضتها منظومة العولمة.
تقول أبريل بالمرلي كبيرة المنسقين لقضايا المرأة الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية في كلمتها بمؤتمر استنابول 19/9/2002 (إن صيانة حقوق الإنسان جزء لا يتجزء من المجتمع العالمي ، وحقوق المرأة حقوق إنسانية ، وعليه فإننا نستطيع عبر الترويج لحقوق المرأة تحسين حياة النساء وعائلاتهن ومجتمعاتهن. ولكن ضمان حقوق المرأة لا يفيد أفراداً وعائلات فقط بل هو يعزز الديموقراطية ويدعم الازدهار ويزيد الاستقرار ويشجع التسامح).
ويقول وزير الخارجية الأمريكي كولن باول (إن دفع عجلة قضايا المرأة في جميع أنحاء العالم ليس فقط أمراً متناسقاً مع القيم التي يؤمن بها اشعب الأمريكي إيماناً عميقاً إنما هو أيضاً في مصلحتنا القومية إلى حد كبير أيضاً).
أما أهدافنا فهي :
دفع عجلة مفهومات حقوق المرأة الإنسانية وتمكين النساء ومنحهن سلطة كعنصرين مهمين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
دمج هذا الهدف وتحويله إلى جزء من مؤسساتها عن طريق الدبلوماسية العامة.
تشجيع الحرية والإيمان والأسواق الحرة عبر برامج تروج لقضايا المرأة.
والناظر في كل الدعوات لتحرير المرأة يجد أنها تركز على أن ولوج المرأة لعتبة الحضارة لن يتم إلا إذا تبنت بشكل مطلق النموذج النسائي الغربي ، وإن الرفع من شأن المرأة وإثبات ذاتها وتحسين وضعها المادي والمعنوي لن يتحقق إلا إذا تحررت من أصالتها وجذورها التي أصبح يطلق عليها مختلف الألفاظ والنعوت من الرجعية إلى الظلامية إلى الإرهاب .. وإلا إذا تتبعت آخر تقليعات الموضة المستوردة وتنافست في مظاهرالعري أو لوك بعض مفردات اللغة الأجنبية ، أو غير ذلك من مظاهر التبعية والاستلاب.