لادين للنساء



نزار جاف
2004 / 12 / 21

وأنا أقرأ مقالة الفاضلة "فاتن نور" حول " منطق التسبيح و الدعاء للمرأة فقط " ، أعجبني فيها صراحتها التي وصلت بها الى حد الجرأة الغير العادية، ذلک أن تناول إشکالية الدين و المرأة هي من المواضيع التي ليست بالهينة للکثيرين خوض غمارها و إماطة اللثام عن مکنوناتها. لکن طرح هذه الاشکالية تدعو المرأ الى سبر غور الموضوع و البحث عن مکمن الداء و تحديده بدقة بعيدا عن کل أنواع المجاملات و اللف و الدوران و القفز على الحقيقة. وواقع الامر أن مسألة موقف الدين من المرأة بشکل عام سلبي على طول الخط، فهي " بحسب مفهوم الدين " رمز الخطيئة و سببه الاساسي في الوجود. وقد کان لمبدأ " سيادة الرجل " الذي ساد کوکبنا الارضي العامل الاهم في ذلک الموقف السلبي الذي تطور شيئا فشيئا حتى إکتسب بعدا مقدسا، وخصوصا حين طرح مفهوم سيادة الرجل في الکتب المقدسة و بصيغة لاغبار عليها، ففي التوراة هناک نص صريح يقول :" الى زوجک يکون إشتياقک وهو الذي يسود عليک" وأعتقد أن " هو الذي يسود عليک " واضح جدا و لايحتاج الى أي إسهاب. وهذا الامر ذاته يتکرر في الدين الاسلامي کما جاء في القران الکريم : " الرجال قوامون على النساء " ، وبموجب ذلک صارت المرأة مجرد تابع و ظل للرجل لا دور لها سوى الانجاب و تربية الاطفال وکما ينسب للخليفة المأمون قوله : إنما أمهات النساء أوعية ! وعودة الى التأريخ تبين مدى الظلم الفاحش الذي وقع على النساء، ففي أوروبا وکما يذکر " ويل ديورانت " في موسوعته " قصة الحضارة " موضوع " حزام العفة " الذي کان الرجل حين يغيب لأي أمر کان عن داره، يجبر المرأة على لبسه حتى يضمن إنها سوف لاتخونه! أو الديانة الهندوسية التي کانت الى عهد قريب تقوم بحرق المرأة " الحية " مع جثة زوجها ! ولعل من المناسب جدا أن أضيف هنا الموقف "الرجولي" للجنوب العراقي بوجه خاص وکما يورده الدکتور علي الوردي في " لمحات إجتماعية من تأريخ العراق الحديث " حيث أن مجرد ذکر المرأة سواء کانت أما أو أختا أو زوجة أو بنتا...الخ، فقد کانت کلمة " تکرم " تورد قبلها، و کلمة " تکرم " هذه کانت تورد حين يتم ذکر مفردات من قبيل أسماء الحيوانات و الغائط و البول و الحذاء، وقد وضعت المرأة في مصاف تلک المفردات !! أن موقف و رؤية الرجل في مجتمعاتنا الشرقية بشکل عام محکومة بذلک الارث الفکري ـ الاجتماعي ـ القبلي، وهو وإن إدعى التحرر و العقلانية في موقفه بصدد المرأة إلا إنه ليس من الهين عليه أن ينضو عن ذاته کل ذلک الارث بين عشية و ضحاها. المسألة أبعد و أعمق من ذلک ، إنه يحتاج الى المزيد من التحرر من الاطر المحشورة سلفا في الوجدان و العقل الباطن لکل رجل. إنه يحتاج الى إعادة صياغة الکثير من مفاهيمه بخصوص المرأة و قضايا اخرى ذات صلة قوية بالموضوع " مثل موضوع الحريات بمختلف أشکالها"ولعل من أهم و أخطرها هو تجاوزه للبعد المقدس لها ، فهل يستطيع ؟!
کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا
[email protected]