امراة مستورة



كامي بزيع
2011 / 12 / 20

اذا كانت العادات والتقاليد والاخلاق وجدت لراحة وتنظيم البشر، فالامر لا يبدو كذلك مع بعض المقولات وخصوصا تلك المتعلقة بالمراة، لفتني مؤخرا تعبير "امراة مستورة"، في الحقيقة حاولت فهم ماذا يقصد تحديدا بامراة مستورة، فجاءت النتيجة انها المراة "المخفية، الخفية، المخباة، المستترة، المحجبة والمحجوبة، المتوارية، السرية، الباطنية، وربما غيرها الكثير". لكن كل هذه المعاني انما تدل على الستر، وخصوصا الستر الجسدي وتغطيته، لكن الامر ابعد من ذلك، فان المقولة التي تتردد في الافلام المصرية "استرني الله يسترك"، ليست من فراغ، فهي انما تقول بطريقة اخرى لا تبح بسري، اي لا تفضحني. اذن تكون السترة عكس الفضيحة، وعليه "فامراة مستورة" تكون بمقابلة "امراة مفضوحة". يمكن بسهولة التنقل بين المعنيين، فاي امراة (بدون صفة) يمكن ان تصبح مفضوحة اذا اشتكت بان زوجها عاجز جنسيا، بينما تكون مستورة اذا تكتمت على الامر. واية امراة (بدون صفة) تكون مفضوحة اذا صرّحت بانه في بيتها لا يوجد طعام، وتكون مستورة اذا ما سكتت عن الامر، واقتنعت بما هو "غير" موجود. وهناك العديد من الثنائيات التي يمكن لها ان تصنف المراة مابين "مستورة" او "مفضوحة". انه عقلنا الذي يفرض الحدود والقيود، وهي التقاليد والعادات، التي نصيغها بانفسنا حتى لا يمكننا التهرب منها او مخالفتها، فالمراة عليها اولا ان تكون مستورة، اي ان تكون راضخة ومكتفية بما هو مقدر، غير متطلبة او متذمرة او شاكية، وقد يكون ذلك على حساب حياتها وصحتها العقلية والجسدية والنفسية (حيث العوارض المرضية يمكن ان تطال احد هذه الجوانب)، وتقول الدكتورة خولة ابو بكر "ان تنشئة قطاع كبير من النساء على تبني نفسية "المراة المستورة " والتي توازي نفسيا لما يسمى في المصطلحات النفسية "الشعور بالعجز المتعلم... المراة المكتئبة اكتئابا مزمنا، نفسية المراة المستورة ". منذ الطفولة تتربى البنت على الاخفاء والخفر والحياء (بحجة ان ذلك يجعلها اجمل) ومنذ صغرها يتم تدجينها وقولبتها على الطاعة، طاعة من؟؟ سؤال كبير، ليس الرجل وحده المسؤول عنه والذي احيانا يكون هو ضحية ايضا. انها العادات والتقاليد التي تكبلنا وترهقنا فيصبح لقب "امراة مستورة" لقبا فخريا لامراة مكتئبة وعاجزة عن الوقوف والتصدي، لتكون شريكة حقيقية في الحياة والمجتمع والبيت.