من الصدمة الى الغضب



حنان محمد السعيد
2011 / 12 / 21

لا أظن ان هناك انسان لديه شعور وحس انساني لم يهتز لمشاهد القمع والقتل والتنكيل التي شاهدناها جميعا في التحرير وبعض ميادين مصر الأخرى في الأيام الماضي، الا أن مشهد الفتاة التي هاجمها العديد من الجند بعدتهم وعتادهم فسحلوها ونزعوا عنها ثيابها كان أكثر المشاهد الصادمة والتي لا أعلم لها نظيرا على الاطلاق ، وزاد بشاعة المشهد التنكيل الذي نال كل من حاول أن يدرأ عنها العذاب أو يستر جسدها الذي انتُهكت حرمته علنا وممن يفترض أنهم حماة الأرض والعرض.
لم تتوقف بشاعة المشهد عند هذا الحد ، ولكن ما تلى ذلك من نقاشات وتصريحات فجر بداخلي بركان من الغضب ، ففي مثل هذه المواقف تسقط الأقنعة وتصبح الكلمات والشعارات لا قيمة لها ، ولا يمكن قبول اي حجج أو مبررات تسوٌغ حدوث مثل هذا المشهد المفرط في البشاعة!


تصورت أن المشهد لا يقبل المزايدة ولا يحتاج لنقاش و تحليل .. الصورة واضحة تغني عن اي كلام، وبالرغم من ذلك انهالت التحليلات والادعاءات وبدأت عجلة التشهير في الدوران وصاغت الكثير من الروايات والحكايات واخذتنا في طرق فرعية لا معنى لها لتشويش الرؤية وصرف الانتباه عن الكارثة الحادثة.


من هي ؟ ماذا تفعل في الميدان؟ ماذا كانت ترتدي ؟ أين ذهبت؟ هل المشهد مفتعل لاثارة جماعات الاسلام السياسي الخاضعة تماما لكل ما يمليه عليهم العسكر وحتى الوصول للكرسي؟ هل الفيديو مزور؟


أسئلة لا محل لها من الاعراب وغير ذات مغزى ولن تصل بنا الى هدف.


يا بشر يا من أكرمكم الله بالعقل .. هل هناك مبرر ترتضية الانسانية ويرتضيه الضمير والعقل لأن تهان فتاة بهذا الشكل ، ولم تكن هي وحدها من تعرضت للأذي ولكنها وحدها من شائت لها الأقدار ان تنتقل صورتها فتحتل الصفحات الأولى في كل صحف الأرض من أقصاها الى أدناها.


في هذا اليوم ظهرت أشد الوجوه قبحا وبشاعة وتجسد الفكر المتعصب في شكل مخلوق مشوه لا يفهم الروح الحقيقية للأديان السماوية، ولا يعرف الا لغة المصالح التي تجعله يغض الطرف حتى عن الأعراض المنتهكة فلا ينطق الا بسخافات تثير الغثيان، ظهر لنا من هم أصحاب المبادئ ومن هم على استعداد للمساومة على كل شئ وبكل شئ مهما كانت قيمته.


في هذا اليوم لم نقف امام جسد عارٍ ولكن وقفنا أمام الحقيقة العارية والتي هبت كريح قوية لم تصمد أمامها كل الأكاذيب.