النسوية والحرية: الهروب من سجن الى سجن!!!



أسماء صباح
2017 / 3 / 16

بعد مرور أعوام طوال على الحركات النسوية في العالم الغربي والعربي، نصحو لنجدنا خرجنا من سجن الادوار الجندرية الى سجن تقليد الرجل "المثل الاعلى"، لقد انجرت بعض النسويات للاسف الى المطالبة بمساواة المرأة مع الرجل متخذات من "المرأة قادرة على القيام بما يقوم به الرجل" شعارا، يسعين من خلاله الى اقتحام عالم الرجال وتقليدهم في كل ما يقومون به!
السؤال الذي يطرح هو، هل بات الرجال هم المثل الاعلى للنساء، وبتقليدهم يحصلن على الحرية؟ طبعا لا.
ان هذه الخطاب والذي اتبعته ونادت به بعض النسويات، يفترض ان ما يفعله الرجال والطريقة التي يفعلون بها الفعل، هي المثل الاعلى والمعيار الذي ينبغي على المرأة السعي نحوه والوصول اليه.
ان هذه الخطاب انقلب على النسوية المنادية بالمساواة في المعاملة والحقوق والواجبات، والمقصد هنا ليس ان تقتحم المرأة عالم الرجل لتكون مثله، ولكن ان تدخل المرأة الى التخصص والوظيفة والعمل الذي تريده وتستطيع القيام به على اكمل وجه دون غيره من الاعمال، ومثال ذلك، هناك نساء يحببن ويبدعن في عالم السياسة وهن قادرات على ادارة حزب او برلمان او دولة، ويستطعن دخول هذا المعترك والمنافسة الشريفة من اجل الحصول على هذا المنصب.
ويقصد بالحصول على نفس الفرص والحقوق بالتساوي مع الرجل، يقصد بها ان تتلقى المرأة نفس نوع التعليم الذي يتلقاه الرجل، وتتلقى ذات المهارات والتدريبات التي تؤهلها للمنافسة معه، لا ان نجلسها في المنزل ونطلب منها الاهتمام بالاطفال ونسمح لها فقط بالتعليم (مهنة مقبولة ومستحبة بشدة للسيدات في الوطن العربي)، وعندما تتقدم لترشيح نفسها لتكون نائبا، تكون جاهلة بالقوانين ولا تعرف كيف يسير عالم السياسة بينما اقرانها من الذكور يعرفون كل ما يتعلق باللعبة السياسية وبالتالي فانهم سيهزمونها هذا محقق، وهذا المثل ينطيق على كل المهن، لذلك فانه من المهم ان تتعرض المرأة وتعطى نفس الفرصة (في التعليم والتدريب) التي تعطى للرجل ثم نترك لها بعد ذلك حق الاختيار.
هل المرأة قادرة ان تكون رجلا ايضا؟ وهل هذا ما نسعى اليه.؟؟ هل نتحول الى نسخة من الرجال؟ وهل النسخة التي وصلنا لها ترضينا كنساء؟ أين دور المرأة مقارنة بدور الرجل في لعبة الادوار؟ وهل اصبحت المرأة تسعى الى دور الرجل لانه المثل الاعلى وتركت ورائها دورها الذي يمكن ان يكون افضل من دور الرجل، ولماذا لم يسعى الرجل لدور المرأة ويقلدها ويرها المثل الاعلى؟؟؟ هل لان الرجل واثق من نفسه؟ ام لانه مقتنع بدوره؟
الاسئلة كثيرة ولا يوجد اجابات محددة، فالقارء لخطاب بعض النسويات يجد من وراء الكلمات ان هؤلاء يردن ان يكن نسخة انثوية من الرجل، ويتخذنه مثلا أعلى للحرية التي يطمحن في الحصول عليها، الا انهن نسين انه لا يمكن لاي طرف من (الذكر والانتى) ان يتحرر من ادواره الجندرية المفروضة عليه دون تحرر الاخر، ولو اردنا التحرر فعلا من الادور الجندرية فلن نحرر واحدا من الجنسين فقط، لان الحرية الفردية لا يمكن ان تتحقق الا بتحرير الجنسين معا، ففي حال تحرر الرجل من الدور الجندري خاصته يمكن للمرأة ايضا ان تتحرر من دورها الجندري، والا فلا معنى لتحرير المرأة من دورها الجندري دون تحرر الرجل.
فيالنهاية لا بد لنا من الاعتراف ان كلاً من ادور الجنسين الجندرية هي سجن، فماذا يمكننا ان نفعل لنحرر انفسنا من ثقافة عفا عليها الزمن؟ هل نعود الى الطبيعة الاولى؟ وهل من طبيعة أولى خلقنا عليها؟