كيف ننظر إلى المرأة



فوزي بن يونس بن حديد
2012 / 1 / 22


ما زالت المرأة الشرقية والغربية تمثل الحلقة الأضعف، وهي وإن كانت أنثى وتمثل ريحانة الرجل، فإن الرجل ما زال يلسع أنوثتها كل مرة وما زال ينتهك حرمتها ويعتدي على شرفها ويقمع فكرتها ويعتبرها متاع الحياة الدنيا. ما زال ذلك يظهر بقوة في المجتمعات الإنسانية سواء الشرقية أوالغربية، فالشرقية التي تنتسب إلى أعظم دين على وجه الأرض ما زالت المرأة ينظر إليها كجسد وليس إنسانة كاملة لها شرفها وعزتها وكرامتها وميولاتها وعواطفها وغرائزها وفكرها، والإسلام عندما جاء ليحررها من قبضة الرجل كرمها وأنزلها منزلة الرجل وربما أكثر فانظروا ما قاله سبحانه وتعالى في مريم :" فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا".
غير أن الرجل انحرف عن الفطرة السوية وظلت غريزته الشهوانية هي المسيطرة وهي الأمّارة بالاعتداء على المرأة كلما تحيّن الفرصة بدوافع شيطانية وبعد أن تنتهي حاجته منها يرميها ولا يعبأ بها وربما التفت إلى أخرى وهكذا حبل الشيطان يمتد به ويغرقه في بحر الهوى، ولا زلنا نقرأ أرقاما مخيفة عن حالات الاغتصاب والاعتداء بكل أنواعه من ضرب وتحرش وربما قتل لسبب أو لآخر، ألا يكفي ما حصل لها في الجاهلية وهي تتحمل كل أنواع الأذى والانتهاكات من حرمان من أبسط الحقوق إلى بيع بالجملة في الأسواق إلى وسيلة للتسلية والمتعة؟ ألا يجب أن يضع الرجل حدا لنفسه وغريزته الطائشة ويكف عن مهاتراته وجبروته بأنه الحلقة الأقوى وأنه سيد البشر، وبيده القوامة، وبيده الأمر والنهي، والحل والربط؟ ما هذا الهراء؟
ما زالت المرأة الشرقية والمسلمة عموما مستهدفة ومهانة في كثير من الدول الإسلامية وما زالت كرامتها تدس في التراب لم تستطع أن تلعق الحرية، كيف هي أحوال المرأة في أفغانستان وباكستان وماليزيا وسنغافورة وغيرها من البلدان التي يقطنها أقلية مسلمة؟ في حالة يرثى لها، في حالة هستيرية تعيش أحوالها اليومية في حزن وكآبة وكأنها خلقت لتخدم الرجل وحسب لا لتخدم نفسها وتحافظ على كرامتها، وانظروا إلى أحوالها في إفريقيا فإنها تعيش مأساة كبيرة ومعاناة عظيمة تتحمل الولادات المتكررة وتعاني أمراضا قاسية وتذل نفسها من أجل لقمة عيش والحصول على فتات المال، إنها حالة غريبة وقاسية.
وحتى المرأة العربية في شمال إفريقيا لم تجد حريتها فما زالت تتعرض لكل أنواع الإهانات والاعتداءات من الرجل القاسي الذي لا يعرف المجاملة واللطافة في معاملته بل تتسم بالخشونة والقسوة والإرهاب، فبعضهن يتحمل الأذى خوفا على حياتهن وحياة أبنائهن والبعض الآخر يتمرد فيلقى أنواع الخوف ويتشرد في الشوارع وبين الأزقة بحثا عن الدفء والسكن والعيش الهنيء.
أما الغربية وإن كانت تلك الدول تتشدق بالحرية وحقوق الإنسان وحرية المرأة وإعطاء حقوقها فتعاني المرأة من بطش الرجل وإهاناته المتكررة ولعل الأرقام المخيفة لحالات الاغتصاب والاعتداء تدل على حالة الخوف والرعب التي تعيشها المرأة هناك وفي الجانب الآخر من الحرية نجدها تباع وتشترى على غلافات المجلات والجرائد فتبيع جسدها بثمن بخس دراهم معدودوة ولا تبالي. فلا تهنأ المرأة بالحرية ولا بالكرامة ولا حتى بالحقوق الكاملة وما زال المجتمع الغربي يرفض المرأة في بعض المناصب العليا لأنها في نظرهم تظل ضعيفة الشخصية وضعيفة البنية.
ما زلنا نحن الرجال ننظر للمرأة على أنها جسد ممشوق يجوز التمتع به في كل وقت، وما زلنا لم نعط الأنثى حقها الكامل في التعبير عن نفسها وإن كانت هناك حالات استثنائية تمثل الالتزام والتحلل ولكننا في الغالب ما زالت نظرتنا للمرأة نظرة جاهلية تمثل انتكاسة خطيرة في حياة الأمم.