هروب الحبيبين... حل ام مشكلة



شهلا كعبي
2012 / 1 / 27


بين الحين و الاخر نسمع قصصا مختلفة عن هروب الفتيات مع عشاقهن. فهذه الحالات اصبحت غير قليلة في مجتمعنا الاهوازي . و في اخرها و قبل اسابيع هربت عذراء مح حبيبها امير بعد معارضة اهل عذراء علي زواجهما. فاکثر من عشرة مرات خطب امير حبيبته من اهلها و اکثر من سبعة اعواما انتظرا کلمة النعم من ابيها. لکن کل محاولاتهم باتت بالفشل فعقول وقلوب اهل الفتاة کانت اکثر تخلفا و جمودا من ان تتغير عبر الزمن او ان تفهم معني الحب . لهذا اتفقا اخيرا ان يهربا من مدينة عبادان الجنوبيه مسقط راسهم ليعيشا معا بعيدا عن الاهل و الاصحاب . ومنذ هروبهم في تلک اليله الباردة من هذه الشتوية و حتي الان اضطرا لتغيير مکانهم اکثر من مرة بحثا عن ملجا و خندقا يحميهم و يخفيهم من رجال غسل العار!.فرغم ابتعادهم مئات من المسافات و التعايش مع اناس جدد لکن الخوف و القلق ما ترکهم مطلقا منذ خروجهم من البيت! فاحيانا يعتمدون علي النخوة العربية و القبلية و يسکنون القري و احيانا اخري يعتمدون علي وسعة المدينة و طابعها المغلق و يبيتون في المدن.
نعم انهم الان مشردين واصبحوا بلا ماوي و ملجاء لان الرجل التقليدي الاهوازي بشکل عام بعده يتصرف مع کل قضايا المراة و منها موضوع زواجها من منطلق ذوالحق المطلق ولا اقل. فکثير من الرجال التقليدين في مجتمعا يتعاملوا ببخل و رويه تعقيدية مع موضوع الزواج و کانما ان موضوع زواج بناتهم هو فرصتهم لاثبات الوجود ! و ناسين ان کسب اذن اهل البنت و کل مناسک الخطوبة تکون مجرد عرف و لا اکثر لهذا لا داعي لکل من هذه التدخلات و المخاوف.
فموضوع ارتباط حبيبين ابسط و احلي بکثير من ان نضيف اليها کل هذه المضايقات.فهل متاعب و صعوبات حياة الشاب او الشابة الاهوازي قليلة حتي تضاف لها کل هذه التعقيدات.
و اكثر من هذا فحتي اذ كان الاب او الاخ او العم متاكد من خطاء او فشل زواج الفتاة بمن تحب هل يحق له استخدام الضرب و التهديد لمنع هذا الارتباط؟ هل يجوز ان يکون راي الثالث اکثر من استشارة او نصيحة! فيا تري لماذا بعض الاسر التقليدية الاهوازية تتعامل بهذه الهمجية و اللاانسانية مع ابسط طلبات الفتاة ؟ هل لان هذه العوائل بعدها تعيش مرحلة ما قبل الانسانية! فما هي نسبة هذه العوائل في مجتمعنا؟ مطلقا ما اظن ان هذه النسبه تکون قليلة! ففي غالبية العوائل الاهوازية تسمع الفتاة علي طول عبارات کهذه " قتلك مثل الماي".. او اننا مانلاعب علي الناموس فکوني هکذا او ..... فيا تري هل يفکر قليلا الناطق اوالناطقة بهذه الکلمات بمدي تاثيرقساوة هذه الکلمات و اللهجة علي الفتاة. فهذه النوع من الحوارات و الخطابات تحرص الفتاة اکثر من اي وقت مضي علي الهروب و الابتعاد من العائلة و التخلص من جلاديها. فالمراة و بطبيعتها الانثوية اکثرعنادة و کذلک حساسية من الرجل. لهذا حتي ولو سکتت عن حقها، فسکوتها لا يعني بالضروة التنازل او القناعة بالتنارل بل علي الارجح يعني ممارسة الحق في الخفاء.....لهذا فحبذا لو الرجل الاهوازي التقليدي يستيقط اخيرا من جهله و نومه و يعيد حساباته و تعاملاته مع المراه. ففتاة اليوم تملک بما يکفي من المعلومات و اللامبالاة لعدم الرضوخ للرجل التقليدي. فاذ اب عذراء استند الي العصبية والغيرة الرجولية للاستمرار بلمعرکة و ربما حالف بشاربه للوقوف بوجه خيارها الشرعي، فهي کذلك استندت و اعتمدت علي حبها الکبير و قناعاتها حينما هربت من ذلک السجن و ترکت جلاديها خرساء و حائرين امام اعين الجيران و المارة. وهذا هو احسن و اعدل عقاب لهم، فانهم وحدهم مسئولين عن هذه النوع من المشکلات.
فصحيحا ان لشتي الاسباب کغياب الموسسات المدنيه و الثقافيه و القضائيه مجتمعنا باجمعه بقي غير منفتح، و الرجل التقليدي کونه جاهل يتعامل بهذه القساوة مع المراة لکن ما اظن ان الانسان يحتاج الي موسسات و دورات تعليمية حتي يحس بالحب و الحنان و الرافة اتجاه بناته و افراد اسرته! فنفس التعايش اليومي و حتي بين الانسان و الحيوان يکفي لتکوين حس تعاطفي و حنان بين الموجودات!
وختاما ليس لي الا ان اقول ان عذراء و امثالها من الفتيات اللواتي اما يختارن الانتحار و اما الهروب کخيارهن للدفاع عن ابسط حقوقهن هن ضحايا وشهيدات الثقافه الاهوازية و من واجبنا ان نحييهن و ندعمهن في اوقات محنتهن . فهن بدمائهن و انفاسهن يغرسن بذور التشکيک و الخوف في نفوس التقليدين من مجتمعنا و يمهدن الطريق نحو الانفتاح و التطور في المجتمع .
فالف تحية حب و تقدير لکل الاحرار اللذين بدل التکشيک في سمعة و شرف الضحايا او الابتعاد عنهن (کابتعاد الجبناء و الضعفاء) يتعاطفون معاهن و يساعدونهن في زمن المحنة و الحاجة.