تلك التي قيل عنها سافرة هي الحرّة بنت الحرّة هي البربرية و الفنيقية والقرطاجية و الرومانية والبيزنطية والعربية المسلمة



سيماء المزوغي
2012 / 1 / 30

عندما نتحدّث عن تونس الثورة وعن حرائر تونس تضيق العبارات من كل جانب. لا لأنّها لم تُحمَّل المعنى ولكن لأنّ اللغة لا تقوى على تركيب ما لا تفهم فمهما انفعلت اللغة ــ كل اللغات ــ فهي خجولة دائما لا تجرأ على الرسم بالكلمات المناسبة . عندما نقول الثورة التونسية نقول المرأة التونسية فالثورة نفسها امرأة ..لقد شاركت وساهمت وتعاطفت وتألّمت ولذلك انفجرت و ثارت وخرجت لشّارع و استشهدت.
إذن كيف سنتحدّى اللغة ونحن سنتحدّث عن المرأة التونسية ؟ هل سنبلّغ ؟ أتراهم سيتهموننا بالحياد لأننا لم نقص عواطفنا ، لأننا سنكتب بدمعة نصفها فرح و نصفها حزن ؟

اسمحوا لي أن أستعرض لكم لمحاتٍ موجزة بأهم القوانين والتشريعات التي تحصلت عليها المرأة التونسية ومُنحت لها طوعا أو استحقاقا أو افتكاكا
وقبل هذا لا بدّ أن نرفع تحية لنساء تونس على مرّ العصور مرورا بعهد الإستعمار وصولا إلى ثورة الأحرار ؛ نساء تونس اللواتي ناضلن في أكثر من حقل كالتعليم والطب والإقتصاد بمساعدة ومساندة من أوليائهن الرجال كالزعيم الحبيب بورقيبة والطاهر الحداد الذين طبقوا مقولة الشاعر حافظ ابراهيم "
الام مدرسة اذا اعددتها
اعددت شعبا طيب الاعراق
" وبعده قال الشاعر الفرنسي لويس اراغون" المرأة هي مستقبل الرجل" دون أن ننسى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم " إنما النساء شقائق الرجال " .

تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تُلغي الرق في عام 1848
تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تؤسس دستورا في عام 1861 إن لم نتحدّث عن الدستور القرطاجي وهو أول دستور عرفه التاريخ في 790 ق م .
تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تلغي تعدد الزوجات وتقرّ الطلاق القضائي و تمُنع التطليق الاعتباطي ، في عام 1956 بعدما افتكّت المرأة أوّل إعتراف تشريعي بحقوقها وهي "مجلة الأحوال الشخصية" إن لم أتحدّث عن “الصداق القيرواني” الذي يمنع تعدد الزوجات ويجعل العصمة في يد المرأة ولعلّ أشهر زواج قيرواني هو زواج أبو جعفر المنصور من أروى القيروانية
وهي أوّل دولة عربية مسلمة تمنح حق التصويت للنساء في عام 1957
تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تبيح الإجهاض بشروط في عام 1973
تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تبيح للأم التونسية المتزوجة بأجنبي من إكساب جنسيتها لأبنائها منه المولودين بالخارج بصفة قانونية.
تونس هي أوّل دولة عربية مسلمة تصدر قانون يتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين، بما يدعم الشراكة الزوجية.
كما صادقت تونس على أغلبية المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية للمرأة وعلى وجه الخصوص


الاتفاقية الدولية حول عمل المرأة بالليل، سنة 1957
الاتفاقية الدولية للعمل حول المساواة في المعاملة (الضمان الاجتماعي) 1967
الاتفاقية الدولية للعمل حول سياسة الانتداب
اتفاقية منظمة العمل الدولية حول المساواة في الأجر عن نفس العمل بين اليد العاملة الرجالية واليد العاملة النسائية (1968)
اتفاقية كوبنهيقن (1985) حول القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، مع بعض التحفظات بخصوص البنود المتعلقة بالأسرة.

ولا يجب أن ننسى أنّ أي حق يتطلّب واجبات تنتظر من المرأة أن تكون مسؤولة
وكما هو جدير بنا أن نذكّر بحقوق المرأة فإننا لا نفصل هذه المطالبة عن تذكيرها بواجباتها حتى لا يندرج إسناد الحقوق إليها في إطار
المجاملة أو المغازلة
لا يجب أن نتحدث عن المحافظة على مكتسبات المرأة التونسية، بل يجب أن نتحدث على احترام المرأة التونسية وفسح المجال أمامها للإبداع والتألق، دون الإدعاء بمنحها أي شيء، فهي ليست في حاجة إلى منح. وبالطبع يجب أن نفسح المجال لتحقيق منطلقات اجتماعية وثقافية جديدة يجد فيها كل فرد حريته ومكانته ودورا حقيقيا يريد القيام به في حياة المجموعة، وحينها لن نضطر مجددا للحديث عن مكتسبات أنثوية أو ذكورية؛ بل سوف نتباهى بمكتسبات ثقافية وفنية وتكنولوجية وعلمية تونسية متقدمة في كنف الاحترام والشراكة والحرية...بعدين كل البعد عن تلك النظرة الدونية الإستصغارية للمرأة في عقلها وفي دينها ..
نريد المرأة كما تونس آمنة تقدمية شريكة فاعلة فلا مجال للمزايدة على مكاسبها و لا مجال لتغافل عن مطالبها ..
نحن جيل الثورة لم نعهد تمييز الأدوار بين الجنسين ولا نقبل به فنحن مواطنون في دولة مدنية .
نحن جيل الثورة باسم كرامة الإنسان آمنا بكسر الأغلال الظلامية والقيود الرجعية و بحقنا في اكتساب مفاتيح لأقفال الحياة المختلفة.
نحن الجيل الثائر نريد أن نبني تونس لبنة لبنة .. نؤمن بذلك ولا نؤمن أبدا بتلك الجنة الخرافية التي يتربع فيها الراعي وأمامه خراف ترعى الكلام وسكينة تفوح منها رائحة الأفيون ..فنحن متساوون ولن يمنعنا أحد من أن نكون كالوادي يسير إلى الأمام ولا يلتفت إلى الوراء أبدا.

كل هذه المكتسبات التي ذكرناها يُستوجب حراستها و تأمينها وتدعيمها ضد كل الأفكار الورائية التي لا تريد للمرأة أن تمضي جنبا إلى جنب وعقلا مع عقل مع الرجل .فاذا كان كل رجل عظيم وراءه امراة فان وراء كل امراة عظيمة رجل يستحق لقب آلعظيم
.
أخيرا تلك التي قيل عنها سافرة هي الحرّة بنت الحرّة هي البربرية و الفنيقية والقرطاجية و الرومانية والبيزنطية والعربية المسلمة