المرأة العراقية ضحية العادات والتقاليد القديمة + القانون



كاترين ميخائيل
2012 / 2 / 21

منذ قرون والمرأة العراقية تعاني من العنف والغبن والتمييز والتخلف الاجتماعي والسياسي والقانوني والقضائي . ثقافة العنف متجذرة في المجتمع العراقي لعصور من الزمن, أحد أسباب العنف الرئيسية هي النظرة الدونية للمرأة . تفضيل الذكر على الانثى يبدأ من البيت من أول يوم لولادة الطفلة حيث يولد التمييز معها بالولادة والوراثة وهذا التمييز يشمل كل دول الشرق أوسطية .
التمييز تحول الى عادات وتقاليد موروثة لابل هو الان ثقافة مجتمع , هذه الثقافة متأصلة بثقافة عشائرية قبلية عميقة في المجتمع . كانت القبيلة تريد رجال لتحارب عن بقاءها في المنطقة التي تسكنها . زيادة عدد الاناث كان يُضعف القبيلة لكون النساء تتعرض الى السبي في الحروب القبلية . ومن هنا جاءت كلمة السبايا ,كان يُعتبر عار على القبيلة عندما تقع نسائها سبايا بيد العدو . لذا كانت المرأة تُعتبر إنسان غير مُنتج في الحروب بل عالة على المحاربين ومن هنا جاءت دونية المرأة في هذه المجتمعات القديمة , وإستمرت معنا الى يومنا هذا . الان تغير المجتمع وتغيرتْ مقايس المجتمع مع تطور المجتمع بالضرورة أن تتطور هذه النظرة الدونية حيث أصبحتْ المرأة الان إنسان منتج حالها حال الرجل بل لها وظائف أخرى من الانجاب والولادة وتربية الاطفال ومسئولية البيت كلها واجبات ومهمات تتبناها المرأة العراقية دون تقييم لكل هذا العبئ الثقيل على ظهرها .
دول الغرب فكرتْ مرتين وحاربتْ هذه الافكار القديمة حيث بدأت تُطورْ نفسها مع تطور آلالة وتطور التكنلوجيا الحديثة ودخلت المرأة ميدان العمل الصناعي والمهني وأصبحت إنسان منتج حالها حال الرجل وتدريجيا نبذت الفكر المتخلف تجاه المرأة وحاربت التمييز. المرأة نفسها بدأت حملاتها النضالية تطالب بحقوقها وتطالب بمساواتها مع الرجل في القانون والمجتمع والعمل بينما بقيت الدول الشرقية ومنها العراق تتراجع الى الوراء بسبب سلطة رجال السياسة المتأثرين بالفكر القبلي المتخلف والان هذه المجتمعات تعيش صراعات كثيرة منها صراع المرأة الحديثة التي تريد ركب موجة التعلم والعصرنة وبين المرأة التي تلتزم بالقديم وتريد لنفسها ان تكون أسيرة العادات والتقاليد الشرقية القديمة . الصراع الثاني هو بين المرأة التي تطالب بالمساواة والعصرنة وبين الرجال الذين يتمسكون بالفكر العشائري المتخلف الذي يجعل من المرأة ألة طاحنة للرجل يستعملها متى ماشاء وليس هناك قانون يحميها بمعنى أخر الصراع هو بين القديم والجديد على مستوى الحكومة والمجتمع . من هنا يأتي مصدر العنف ضد المرأة في مجتمع مثل العراق . هذا هو الاساس في الفكر الذكوري الجاهلي وبقي يتوارث عبر قرون وتحول الى عادات وتقاليد موروثة تحتاج الى دراسات واجراءات كثيرة لاختراقها والتخلص منها .
المجتمع دائما مع الذكر ,المرأة حتى وان كانت الضحية فهي المذنبة والمغضوب عليها . واصبحت الانثى تتقبل العنف العائلي ببساطة وكأنه امر مألوف . عندما تتحول ظاهرة سيئة الى شئ مألوف تتحول الى ثقافة مجتمع بعبارة اخرى ذهنية مجتمع او بالعراقي "ذبة مجتمع " وهنا تصبح معالجتها أصعب لانها تتحول الى ثقافة عامة .
بسبب هذا العنف الان في العراق روجت تجارة الرقيق حيث يذكر التقرير, ذكر تقرير أواخر شهر آب من العام الماضي 2011 ذكر إنّ معدل الاتجار بالاناث في العراق في تزايد مستمر في بلد عانى سنوات من الحروب والعزلة والعقوبات الدولية ، وتقول منظمة العفو الدولية في تقاريرها الدورية إنّ العنف ضد النساء والفتيات يبلغ أعلى المستويات أينما وجدت الحروب والصراعات في البلدان التي تشهد اضطرابا أمنيا وتدهورا اقتصاديا ومعاشيا وغياب للرقابة الحكومية.
ثقافة العنف تحتاج الى دراسات واجراءات كثيرة لاختراقها المجتمع الشرقي دائما مع الذكر والضحية هي الانثى فهي المذنبة والمغضوب عليها حتى وان كانت المجني عليها .المرأة العراقية تواجه القهر والحرمان بالوقت الحاضر بعد أن غيبت عنها كثير من حقوقها في الدستور العراقي وعلى رأسها المادة( المادة 39 : العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية , حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو إختياراتهم , وينظم بقانون ). هذه المادة تقسم المجتمع العراقي ولا توحده فهي تترك لرجال دين أن يصرحو على هواهم بكل القوانين الخاصة بالطلاق والزواج وحماية الامومة والطفولة وسيكون هناك فوضة عارمة والمرأة ضحية هذا الفكر الرجولي القبلي وليس من قانون يحميها . مثلا تأديب الزوجة مذكور في قانون الاحوال الشخصية وهنا لانستطيع التدخل أو الاعتراض على ذلك لان الرجل الديني ينطلق مما يملي عليه تفكيره والمرأة هنا تصبح مواطن من الدرجة الثانية لانها تتعرض الى العنف من قبل الرجل وهناك قانون يحمي الرجل ويضطهد المرأة . بمعنى أخر هذا التميز هو الذي ولد العنف .
القوانين العراقية وتصريحات المسئولين العراقيين متناقضة .
تنص المادة 14 من الباب الثاني في الدستور العراقي: "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي"، وكذلك المادة (17): اولاً :"لكل فردٍ الحق في الخصوصية الشخصية، بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين، والآداب العامة". جاء تصريح وزيرة شؤون المرأة الدكتورة إبتهال الزيدي مناقض لهذه المواد المذكورة في الدستور حيث طالبت بفرض قيود على لباس المرأة العراقية في العمل وعليه ردت عليها شبكة المرأة العراقية طالبت الشبكة بإلغاء وزارة الدولة لشؤون المرأة وتشكيل "مفوضية عليا مستقلة للمرأة" على غرار المجلس الأعلى للنساء في إقليم كردستان وربطها بالبرلمان العراقي بدلا من الحكومة.

الناشطة النسوية وعضو شبكة النساء العراقيات هناء أدوار قالت لـ"نقاش" إن "وزارة المرأة تتخذ قرارات تنطلق من مصالح وتوجهات الكتلة التي تنتمي اليها الوزيرة دون أن تعير مصلحة المرأة وحقوقها أية اهتمام". "الصحف العراقية"
نحن في القرن الواحد والعشرين وقانون العقوبات رقم 111 يعطي الحق للرجل بضرب زوجته ويسمى ( حق تأديب الزوج للزوجة ) بمعنى اخر حق ضرب المرأة مكرس في القانون العراقي . الكثير من النساء يتعرضن الى الضرب والاهانات امام اطفالهن واكثر من ذلك امام الاقارب والجيران . واحيانا اهل الزوج ايضا يتطاولون عليها مثل اخ الزوج او اب الزوج . والزوج يرى بذلك مسألة طبيعية . كثيرات النساء اللواتي يسكتن على هذا التعدي الصارخ فقط تهربا : لسببين خوفا من الطلاق او الزواج من الضرة " اي يتزوج عليها " هذا واضح جدا لدى المسئولين . ثانيا الفضيحة في كل الاحوال المجتمع العراقي يدينها وليس من قانون يحميها ." والان مع حكومة المحاصصة ازدادت هذه الظاهرة لان غالبية رجال الدين بشكل عام لم يحترمو المرأة ولازالو يعيشون بالتفكير القديم .
فئات كبيرة من المجتمع المدني ومنها الكثير من المنظمات النسوية هي واعية وتنظر بعين العقل إلى ما يخطط لها في دهاليز السياسيين من القرون الوسطى وإنها مصرّة على نيل حقوقها ودحض الفكر الذكوري المتسلط المخبأ في الفكر الجاهلي لدى الناس المتطرفين وغالبية السياسيين المهيمنين على السلطة.
تعمل منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها المنظمات النسوية في ظروف صعبة جدا إنها تتحدى الارهاب , تتحدى أحزاب المحاصصة الطائفية التي تضع مصلحتها قبل مصلحة عامة الشعب على حساب المرأة العراقية تمارسْ التمييز بين المراة والرجل خير دليل "اين المراة العراقية في الرئاسات الثلاثة" ؟

في الاونة الاخيرة اخذت مجموعة من الاكادميين يبحثون امور العنف في المجتمعات الشرقية وهذه بادرة ممتازة يجب تشجيعها والاخذ بها اي كان يقدم على هذه الدراسة رجل او امرأة والاجمل من ذلك ان الدراسات التي جاءت من قبل الرجال هي في غاية الاهمية وهي ضرورية اكثر مما تقوم بها المرأة لان الرجل الشرقي يسمعْ الى الرجل اكثر من المرأة . لكننا بحاجة ماسة للخوض في مسببات المؤدية الي جريمة القتل غسلا للعار تحتاج إعطائها أهمية اكثر من قبل رجال القانون ورجال الدين ورجال علم الاجتماع والاطباء بشكل عام .

القانون العراقي يحتاج الى تعديل وتحديث ابتداءا من الدستور وانتهاءا بقانون العقوبات وقانون الاحوال الشخصية بالذات نحتاج الى الغاء المادة التي تقر حق الرجل بتأديب المرأة هذه أهم المشاكل داخل العائلة .
تحويل عقوبة العنف المنزلي من قانون الاحوال الشخصية الي قانون العقوبات . معاقبة المجرم الذي يقتل المرأة بحجة غسل العار واعتباره مجرم قاتل مع سبق الاصرار ومحاسبته وفق ذلك القانون .
رجال القانون العراقي بحاجة الى توعية حديثة عن حقوق الانسان ابتداءا بالقضاة ورجال القانون.
إعتبار لائحة حقوق الانسان احد مصادر التشريع.
تشكيل هيئة من نقابة المحامين تضم نساء ورجال حقوقين يدرسون كل حالات العنف ضد المراة مستعينين بتقارير طبية وتقارير مراكز الشرطة وتقارير المنظمات المدنية والنسوية ابتداءا من الريف ثم المدينة وفضح كل هذه الحالات بدون استثناء على مستوي الاعلام .
تشكيل مركز للبحث والدراسة بقضايا المرأة في كل محافظة ينضم اليه من الاكادميين الرجال اكثر من النساء هذا المركز يقوم بدراسات ميدانية بين النساء والرجال ومنها تنزل توصيات الى الدولة . بالاضافة الى تشجيع الجامعات العراقية لتقديم بحوث ودراسات بهذا الخصوص .
العراق بحاجة الى ترسيخ ثقافة التسامح والسلام إبتداءا من العائلة والمدرسة والاعلام المكثف بهذا الخصوص .
خلق مراكز تسمى مراكز رعاية شؤون العائلة لتحمي ضحايا العنف العائلي مدعومة من الحكومة العراقية واعداد كادر كبير من باحثات اجتماعيات ومحاميات متختصات في كل انحاء العراق لتبحث هذه القضية المهمة الخطيرة .
إيجاد الية مبرمجة وعملية هادفة لتثقيف الشعب باكمله بخصوص قضايا حقوق الانسان ابتداءا من المناهج الدراسية ثم منظمات المجتمع المدني والاعلاميين . بمعنى أخر نحن بحاجة الى حملات توعية ضخمة من قبل المجتمع المدني + الاعلام + رجال القانون المواكبون لحركة التطور التكنلوجية العالمية بمعنى أخر نحن بحاجة الى ثورة ثقافية لنبذ سياسة العنف .
المرأة في العراق طاقات بشرية كبيرة يجب زجها في العملية الانتاجية والاقتصادية مما يعطيها اكثر إستقلالية إقتصادية في العائلة وتشعر إنها إنسان منتج وليس مستهلك فقط بذلك سيعطيها دعم أكثر للمطالبة بحقها عندما تتعرض للعنف من قبل أفراد عائلتها.