الفقر المؤنث



كامي بزيع
2012 / 3 / 7

يبدو ان المرأة تعاني من مسألة الفقر اكثر من شريكها في الحياة، وظاهرة الفقر والجوع هي ظاهرة مؤنثة بحسب الابحاث الجارية في هذا المجال، ذلك لان الرجل في المجتمعات التقليدية هو من يعمل، وبالتالي هو من يعول الاسرة، وهذه السيادة الاقتصادية، تجعل الرجل هو من يتولى كيفية الانفاق واولياته حتى لو كان ذلك على ملذاته الخاصة. لانه المعيل، والممول.
ويشعر الكثير من الازواج بالاهانة في تسليم زوجاتهم الرواتب لتقوم بتدبير امور العائلة، نعم المطلوب منها تدبير المنزل، ولكن دون التعاطي بمدخول الزوج، كما ومطلوب منها التدبير بدون السماح لها بالخروج للعمل، والمرأة منذ فجر التاريخ تولت اعالة العائلة بان قامت بالزراعة قرب البيت، وهاهي بعد مضي الوف السنيين تلجأ الى الامر نفسه، حيث المرأة تقوم بانتاج المواد الزراعية في كثير من بلدان العالم وخصوصا تلك التي تسمى "على طريق النمو".
ان الظاهرة الملفتة للنظر في كثير من المجتمعات التقليدية، هو ان المراة التي تقوم بتأمين المواد الغذائية للعائلة، تنتظر حتى يشبع زوجها ثم تتناول طعامها واولادها وهي ظاهرة متفشية في المجتمعات الذكورية التي يعتبر فيها الرجل رب البيت "سترة" .
ان النتيجة الصحية لعدم غذاء المرأة بشكل صحيح وخصوصا في فترة الحمل، حسب ما تكشف دراسات منظمة الصحة العالمية "ان فقر الدم الغذائي يؤثر تقريباً على نصف نساء العالم الثالث اللواتي في سن الإنجاب ونسبة 60% من النساء الحوامل"! مما يجعل الخلل في توزيع الموارد، لا يؤثر فقط على النساء شخصيا وانما ايضا على الاجيال، ذلك لان الامهات اللواتي يعانين من سوء التغذية ينجبن ابناءاً أكثر عرضة للضعف والمرض والتشوه. وتؤكد الابحاع بان النتائج السلبية لسوء التغذية عند الحوامل يتمثل في ان اطفالهن يولدون بنقص جسدي أقل من المعدل العام كما وايضاً بامكانية خلل عقلي، أو في أحسن الأحوال درجات الذكاء لديهم أقل مما لو كانت امهاتهم تغذين بشكل كاف.
وعلى هذا فان فقر المرأة ليس "مسألة نسوية"، بل ان العديد من الاجيال مهددة بالحرمان من نعمة الصحة من الاولاد والبنات وهو الامر الذي لن يزيد المجتمعات الفقيرة الا فقرا ومرضا واعتلالا.
ان هيمنة الذهنية الذكورية على المجتمعات وحتى المتقدمة منها، لا تجد نفعا من البحث حول التمايزات القائمة بين الرجل والمرأة في الحقول الاقتصادية، وحتى لا نذهب بعيدا فان دخل المرأة العاملة ينخفض بنسبة 22% عن دخل الرجل في بلد مثل اسبانيا، والمرأة عموما تعمل، ان كان داخل البيت فان عملها مضني، وهو ليس واجبا كما يدعي البعض، وليس على الرجل ان يعطيها اجرة كما يدعي البعض الاخر، لكن يكفي الاعتراف بانه عمل مضني، وتستحق فيه الام والزوجة، فترة من الراحة بين حين واخر، وتستحق فيه التقدير في كل اللحظات. ان الفقر اذا ما استمر مسألة انثوية فهو دون شك مشكلة البشرية بأسرها.