بيان 8 مارس



حزب العمال التونسي
2012 / 3 / 8


لا نجاح للثورة إلا بتحقيق المساواة التامة والفعلية بين النساء والرجال في مجتمع ديمقراطي وعادل

تحيي النساء وكل قوى التقدم في تونس اليوم العالمي للمرأة. ويكتسي الاحتفال بهذا اليوم هذه السنة أهمية خاصة. فقد مر أكثر من عام على الثورة التي أطاحت ببن علي والتي ساهمت فيها النساء مساهمة فعالة. وقد تم في الأثناء انتخاب مجلس تأسيسي وتشكيل حكومة مِؤقتة بزعامة "حركة النهضة" لقيادة الفترة الانتقالية التي ستتم فيها صياغة الدستور الجديد للبلاد والتصدي للمشاكل المباشرة التي يعاني منها الشعب. ولكن النساء يشعرن بمخاوف جدية إزاء ما يجري أمام أعينهن. فكما أن غالبية الشعب التونسي أصبحت تخشى أن تسرق منها ثورتها وأن تذهب آمالها أدراج الرياح فإن النساء يخشين من ناحيتهن التنكر لمطالبهن وطموحهن إلى تحقيق مساواة تامة وفعلية في الحقوق، بينهن وبين الرجال، بل إنهن يخشين حتى التراجع في ما حققنه وحققته العائلة التونسية من مكاسب.

إن الفقر والبطالة والبؤس يتفاقم في صفوف النساء من الطبقات والفئات الكادحة في الوقت الذي كن ينتظرن فيه أن تحسن الثورة أوضاعهن وأوضاع عائلاتهن. كما أن الدعوات للنيل من حريتهن وحقوقهن تزداد. وهذه الدعوات الرجعية صادرة عن أطراف في السلطة وخارجها وهي تهدف إلى العودة بالنساء إلى الوراء في مجالات الزواج والعائلة والشغل والمساهمة في الحياة العامة (تعدد الزوجات، إلغاء التبني، فرض لباس الحجاب أو النقاب، منع الاختلاط، منع النشاط الرياضي النسائي أو البعض منه، إرجاع المرأة إلى البيت أو الحد من نشاطها الاقتصادي والاجتماعي، منع الإجهاض...). وتحاول القوى الرجعية التي تدافع عن هذه المواقف تمريرها وفرضها تحت غطاء "تطبيق الشريعة" و"احترام الهوية الإسلامية" وكأن "الهوية" رديف للقمع والاضطهاد والتخلف.

إن النساء التونسيات، من الرديف إلى تونس ومن تالة إلى بنقردان، لم يثرن من أجل العودة إلى الوراء والتفريط في حريتهن وحقوقهن بل هن ثرن من أجل النهوض بأوضاعهن والتقدم إلى الأمام لتحقيق كرامتهن وإنسانيتهن في ظل دولة مدنية، ديمقراطية، قائمة على مبادئ المواطنة والحرية والمساواة التامة والفعلية بين الجنسين والعدالة الاجتماعية. وهذه المبادئ هي التي ينبغي أن تلتف حولها اليوم نساء تونس لكي تضمن بالتفصيل في الدستور الجديد وتتعهد الدولة بتطبيقها وتكرس، من خلال برامج ملموسة، في كافة مجالات الحياة. فلا تراجع عما حققته النساء من مكاسب ولا مماطلة في استكمال المسيرة نحو المساواة التامة والفعلية بينهن وبين الرجال للنهوض بتونس بلدا وشعبا.

إن المساس بحرية النساء وحقوقهن وكرامتهن هو التفاف على الثورة التونسية وإجهاض لها. وإن ما سيأتي به الدستور من حقوق للنساء سيكون معيارا للحكم على طابعه الديمقراطي والتقدمي. كما أن ما ستشهده حياة النساء من تغييرات سيكون شاهدا على نجاح الثورة أو فشلها. فليتحد جميع النساء، بل فلنتحد جميعا، من أجل دستور ديمقراطي ومن أجل إجراءات ملموسة في كافة المجالات للنهوض بأوضاع النساء في بلادنا وتحقيق المساواة التامة والفعلية بينهن وبين الرجال ليكون ذلك شاهدا على نجاح ثورتنا ومعيارا لتقدم مجتمعنا على طريق التحرر وضمانا لبناء أسرة جديدة متوازنة.

تونس في 8 مارس 2012