قِمّة بغداد .. ذكورية بإمتياز



امين يونس
2012 / 3 / 30

في 27/3/2012 ، بدأتْ إجتماعات وزراء المال والاقتصاد والتجارة ، العرب ، في بغداد ، وفي اليوم التالي ، إجتماع وزراء الخارجية العرب .. وهي الإجتماعات التمهيدية التي تُهيأ الأوراق وترسم الخطوط النهائية للتوصيات والقرارات ، التي ستخرج بها القمة ، بعد إجتماع القادة في اليوم الاخير .. والغريب [ أو في الحقيقة ليسَ أمراً غريباً حسب واقعنا المُتخلِف ] .. هو عدم وجود إمرأة واحدة ، بين جميع هؤلاء الوزراء والسُفراء والرؤساء ! .. من بين عشرات القادة والزعماء والحُكماء ، الذين يتحكمون بمصائر الشعوب العربية ، من المحيط الى الخليج ، لم تكن هناك إمرأة قط !... نعم ، كان مؤتمر القمة العربية في بغداد ، ذكورياً بإمتياز .
لا أتوّقع ان تكون هنالك " وزيرة " سعودية او قطرية او خليجية عموماً ، تترأس وفد بلادها في الإجتماعات العربية .. ولا ان تصبح إمرأة رئيسة جمهورية السودان ، والسودان مضى عليها عقود من الحكم الدكتاتوري المُطّعَم بالإسلام السياسي .. ولكن المؤسِف ، ان لايضم الوفد المصري ، أية إمرأة على مستوى عالٍ .. مصر العريقة والمُنفتحة والتي تزخرُ بمئاتٍ من الكفاءات النسائية الراقية في كافة المجالات .. مصر التي يَجُرها الإسلام السياسي اليوم ، الى مصيرٍ لانتمناه لها . حتى لبنان الذي كان في فتراتٍ ماضية ، واحة لِكُل مواطنٍ عربي هاربٍ من جَور حكامهِ وتَزّمُت مجتمعه .. حتى لبنان لم يلتفت الى تمثيل النساء في وفده بشكلٍ لائق .. أما العراق ، الذي كان في حكومته قبلَ أكثر من خمسين سنة ، إمرأة شجاعة ومثقفة .. لم يَضم وفده المُشارِك الذي إقترب من سبعين عضواً .. سوى بضعة نساء ، جالسات في المقاعد الخلفية مُتلفعاتٍ بالسَواد ، جئنَ الى عُرس القمة العربية ، وكأنهُنَ في مأتَم ! .
من بين (48) بنداً ، صادراً كتوصيات وقرارات من مؤتمر القمة العربية في بغداد ، هنالك بندٌ واحد فقط حول حقوق الانسان وحرية ممارسة الطقوس الدينية ، وردتْ فيه جملة عامة تقول [ ... وأكدَ ضمان حقوق المرأة وتفعيل العلاقات بين المنظمات النسوية ..] !! . هذا كُل ماخرجتْ به قمة بغداد ، حول المرأة في الدول العربية ال 22 ... تسعة كلمات صَماء غير جدية .. بِصدَد أكثر من (180 ) مليون إمرأة !. 180 مليون طفلة وفتاة وإمرأة ، تُعاني الغالبية العُظمى مِنهُنَ القَهر والإستبداد والعُنف وإنتهاك الحقوق والتمييز ... المرأة في مجتمعاتنا الشرقية عموماً ، والإسلامية خصوصاً .. تتحَمل أعباء وسلبيات الدكتاتوريات الحاكمة ، والحروب والفقر ، بشكلٍ مُضاعَف .. وتكون هي الضحية في أغلب الاحيان .
........................................
ان من أهم أسباب تَخّلُفنا الحضاري .. تهميش المرأة ، وقمعها وسلب حقوقها .. ومؤتمر القمة العربي في بغداد .. خيرُ دليلٍ على ذلك .. سواء من ناحية ، إنعدام التمثيل النسوي ، وبالتالي عدم إشراك المراة في صنع القرار ، ولا مُشاورتها بإسلوبٍ جدي وحقيقي ، في رسم اُفق مستقبلها ودورها .. ولا من ناحية القرارات والتوصيات التي خرجتْ بها القمة .. حيث جرى إهمال قضايا المرأةِ تماماً !.