شئ من الماضي الاوربي الاسود بخصوص النساء



نزار جاف
2005 / 1 / 20

الدم کان يقطر بغزارة من على محيا الام اليافعة و شابين کانا يلويان ذراعيها الى الخلف و بضعة رجال آخرين کانوا يقصون شعرها و في بعض الاحيان کان المقص يقص مع الشعر شيئا من فروة رأسها . أما طفلها ذو السنوات الثلاث فکان عليه أن ينظر الى أمه بحسرة و هؤلاء الرجال يستحيونها و يعرونها و يوشمون العلامة النازية على جبهتها و خديها ! هذه الصورة المروعة کان أبطالها من النرويجين و هم يحتفلون غداة أعياد الحرية في شهر مايس عام 1945 حين تحررت من الاحتلال النازي ، أما تلک المرأة فکانت واحدة من اللواتي ضاجعهن الجنود الالمان أيام الاحتلال ورجال النرويج يقتصون الان من هذه المجرمة و يثأرون بإندفاع و حماس و رجولة للشرف النرويجي " الرفيع أيضا " من الاذى الذي لحقه ! الشوارع کانت مزدانة باللافتات و الشعارات الوطنية البراقة و الانخاب کانت تشرب و الولائم کانت تقام على قدم وساق إحتفالا بالحرية التي کان يجب أن تدفع ثمنها کل إمرأة نرويجية ضاجعت النازين . ولم تکن النرويج لوحدها على هذه الحالة الانسانية " المتحضرة جدا جدا " وإنما سبقتها إليها بلد الحريات و الفکر النير " فرنسا " ! فقبل عشرة أشهر من الحدث المأساوي الآنف الذکر شهدت بلاد الثورة الفرنسية و الحريات و العطور أحداث أبشع للنيل من ألوف النساء الفرنسيات اللائي مارسن الحب مع النازين عشية إحتلالهم لفرنسا حيث کانت حفلات قص شعر المتهمات بالنيل من الشرف الفرنسي " الرفيع بالطبع " جارية على قدم و ساق . هذه الممارسات اللاإنسانية و المغالية في قساوتها أثارت الفيلسوف الفرنسي الراحل" جان بول سارتر" الذي لم يتمالک نفسه أمام بشاعتها فقال : هذه الطريقة من تعذيب النساء شئ مخجل و عمل سادي من تلک الاعمال التي جرت ضد النساء أبان العصور الوسطى . لکن هذه الممارسات السادية و المثيرة للإشمئزاز و القرف لم تقتصر على النرويج و فرنسا فقط وإنما تعدتها الى کافة الدول الاوربية الاخرى التي کانت ترزح تحت نير الاحتلال الالماني . إلا أن هذه الاعمال البربرية ترکت آثارا عميقة في الضمير الاوربي الذي صحا أخيرا من نشوة إحتفالاته السادية بتعذيب النساء الاوربيات اللاتي واقعن النازين و أنجبن منهم أطفالا ، خصوصا وأن قسما لايستهان به منهن کن متزوجات من جنود و ضباط ألمان بعد قصص حب و علاقات عاطفية لکن حتى الارتباط الزوجي لم يشفع لهن و شارکن قريناتهن في حفل سقوط القيم الانسانية ! الغريب أن الملايين من الشبان و الرجال الاوربين الذين کانوا يعملون لدى النازين و يقبضون أجورهم و رواتبهم بشکل منتظم ، لم يتعرض لهم أحد من الناس" وکان سعيهم مشکورا" هذه الصحوة الاوربية جاءت عقب نشر أرقام مثيرة حول عدد الاطفال الذين ولدوا من تلک العلاقات الجنسية بين النازين الالمان و الاوربيات حيث کان کما يلي :
100000 الف طفل في فرنسا
50000 الف طفل في هولندا
40000 الف طفل في بلجيکا
10000 الاف طفل في النرويج
6000 طفل في الدانمارک
ورغم ذلک فأن هذا المقطع التأريخي الاسود يظل يلطخ الجبين الاوربي بشکل خاص و الانساني بشکل عام و هي حافز قوي لنا کي نلتفت الى النساء في الشرق و نثير قضية حقوقهن المسلوبة مرة أخرى و نحاول إماطة اللثام عن خفايا الذي حدث و يحدث من إنتهاکات لحقوق النساء قبل أن تجابهنا الارقام المرعبة ، فهل بمقدورنا أن نفعل شيئا ؟

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا

ملاحظة : المعلومات الواردة في المقال تم الحصول عليها من مجلة " دير شبيکل" الامانية العدد 34 في 17 ـ8 ـ1998