عمالة النساء في العراق



الاء الجبوري
2012 / 4 / 25

عمل المرأة في العراق كانت محصورا بإمرأة عاملة حاصلة على تحصيل علمي او أمرأة تمتهن الخياطة او الحياكة او اي مهنة اخرى , ولكن منذ فرض الحصار الاقتصادي على العراق اخذت عمالة النساء شكلا اخر وتحولت الى ظاهرة تستدعي الوقوف عندها لدراسة اسبابها ووضع الحلول الممكنة خاصة وان العراق يمتلك ثاني اكبر احتياطي في العالم , تؤهله لتنمية الطاقة البشرية في العراق بما يخدم حاضر ومستقبل العراق
ام علي 45 سنة تعمل خادمة حيث تقول : قتل زوجي في احداث العنف في عام 2005 وترك لي اربع بنات وولد وكلهم طلاب والراتب التقاعدي لزوجي لايكفي اسبوع واحد فكان لابد من العمل اننا وابني فعملت خادة في البيوت بأجر يومي لآحتمل مشقة العمل واحيانا التحرش بي رغم اني ابدو إمرأة عجوز .
نضال 19 سنة تعمل طواشة هي واخواتها فتقول عن مهنتها : الطواشة هي التي تجمع التمر وتعبئه في اكياس حيث يبدأ عملنا في الصباح الباكر وحتى المساء مقابل اجر يومي لايكفي مصاريف يوم لذا اعمل مع اخواتي كطواشات لتلبية متطلبات الحياة الغالية فعائلتنا كبيرة لايستطيع اخي وابي بمفردهما ان يوفرا معيشة العائلة .
ام عامر 50 سنة تعمل في جمع النفايات هي وابنتها التي تبلغ من العمر 16 سنة منذ سبع سنوات فتقول , اننا لانملك سكن وما نجمعه انا وأبنتي يذهب اغلبه لدفع الايجار والكهرباء والباقي لتوفير للقمة العيش .
عمالة النساء في ارض الاحلام
ارض الاحلام هو مكان تعمل في عشرات النساء ولكن واقعه عكس اسمه تماما فأرض الاخلام هو مكان لطمر النفايات في محافظة الديوانية استقطب النساء والاطفال ليبحثوا عن لقمة العيش بين اكوام النفايات .
ام هادي 40 سنة تعمل مع ابناءها الاربعة في جمع النفايات في ارض الاحلام حيث تقول : نحن النسوة اطلقنا اسم ارض الاحلام على هذا المكان طمر النفايات .لاننا ندفن فيه ما تبقى من حياتنا وندفن احلام ابناءنا في حياة كريمة فما ذنب اولادي الاربعة في العمل في هذا المكان القذر من اجل لقمة الحلال فالدولة لا تصرف علينا اي شيء حتى صارت النفايات عيشتنا .
سعاد 15 سنة تعمل مع اختها البالغة من العمر 13 سنة في جمع علب ( الببسي الفارغة ) وجمع الخبز اليابس وكل ما يمكن ان يباع , تقول سعاد : نحن هنا في ارض الاحلام لسنا بشر فالحيوانات افضل منا لانها تعيش في المكان المخصص لها ونحن نعمل هنا من الصباح حتى المساء وتضيف سعاد , احسد كل فتاة في المدرسة واشعر بالحقد على كل شيء عندما ارى ان سنوات عمري تنتهي سنة بعد اخرى في جمع النفايات .
سوق النسوان في ديالى
ومن افرازات عمالة النساء في العراق هو سوق النسوان في ديالى هذه المحافظة التي تعد من المحافظات الساخنة حيث ترك العنف المسلح اثاره على المجتمع هناك مما جعل شريحة واسعة من النساء هناك تتحمل اعباء الممسؤلية لتبحث عن اي عمل تعيل به اسرتها فكان سوق النسوان هو مكان لبيع الملابس المستعملة حيث بدأ بعدد محدود من النساء ليتسع ويصبح سوق النسوان .
ام محمد 39 سنة وام لخمسة اطفال تقول : اعمل في بيع الملابس المستعملة ولولا هذا العمل لما استطعت اعالة اطفالي الايتام بعد أن يأست من حصولي على راتب شبكة الحماية الاجتماعية حيث يطلبون مني دفع رشوة لأحصل على راتب الشبكة ولا اعرف الى اين اذهب .
سميرة 50 سنة تقول : لم استطع ترك ولدي يتحمل مسؤلية اعالة الاسرة بمفرده فأقنعته بالعمل لكي نستطيع العيش في ظل غلاء الاسعار المستمر .
عمالة النساء في العراق كانت احد الملفات التي ترصدها وزارة حقوق الانسان في العراق , السيدة سوسن البراك معاون مدير في وزارة حقوق الانسان تقول :
عمالة النساء ليست جديدة على المجتمع العراقي فقد بدأت في التسعينات بشكل واضح خلال الحصار الاقتصادي على العراق ولكنها تحولت الى ظاهرة خطيرة بعد 2003 حيث بدأت النساء تعمل في مهن لاتتناسب مع بايولجية جسم المرأة مثل مساطر عمالة النساء في الكاظمية والتاجي في بغداد وغيرها في العديد من المحافظات اضافة الى مهن صعبة ومجهدة نفسيا وصحيا مثل عمل النساء في معامل الطابوق والعمل في جمع الملح وجمع النفايات بل هناك من تعمل في القصابة
وترجع البراك اسباب ظاهرة عمل النساء الىى ارتفاع معدلات الفقر في العراق من 23% - 27% اضافة الى فقدان المعيل الذي دفع المرأة للعمل لإعالة اسرتها
لماذا انحسرت تقريبا عمالة النساء في مهن لاتنطبق عليها كلمة مهنة مثل جمع النفايات وجمع التمور ( والطواشات ) وجمع الملح وغيرها من المهن عن هذا السؤال تجيب الدكتورة منال جواد استاذة علم النفس التربوي في جامعة بغداد :
هناك العديد من الاسباب اهمها الامية اذ اغلب النساء اللواتي يعملن في هذا النوع من العمل اميات او لم يحصلن حتى على شهادة الابتدائية ولايملك اي مهنة كالخياطة مثلا اضافة الى تراجع القطاع الخاص الذي اغلق الكثير من المصانع بسبب اغراق السوق المحلية بالبضائع مما جعل الكثير من المهن تنحسر الى حد الانقراض مما خفض فرصة الحصول على عمل
ما هي اثار عمالة النساء على الاسرة والمجتمع والمرأة نفسها تجيب الدكتورة منال :
للأم دور مهم في الاسرة يتمثل في ادارة شؤون الاسرة الداخلية وامداد الاسرة بالعاطفة والمشاعر ولكن عملها القاسي سيأخذ الكثير من وقتها وجهدها اضافة الى وضعها النفسي السلبي الذي سيؤثر على مشاعرها اتجاه اسرتها وكل من يحيط بها وسيكون بينها وبين المجتمع حاجز نفسي وبالتالي ستعاني الكثير من العقد النفسية , فالعوائل التي انخرطت في عمالة النساء لاتحضى بجو اسري والفتور العاطفي يسودها وغالبا ماتعاني من التفكك الاسري , وتضيف ان انخراط الفتيات في عمالة النساء يشكل ظاهرة خطيرة جدا لأنهن عرض للتحرش الجنسي واذا ما تعرضت له الفتاة العاملة , فأنها ستعاني اثار نفسية قد ترافقها طوال حياتها
تتبنى منظمات المجتمع المدني مناهضة عمالة النساء حيث تقول شذى ناجي الناشطة في مجال حقوق المرأة :
رغم مساويء ومعاناة النساء ممن تنطبق عليهن ظاهرة عمالة النساء الا ان هذا هو شرف لهن لانهن اخترن الطريق الشائك المرهق للعيش بدلا من ذل السؤال , ولكن خطورة عمالة النساء في العراق هو اننا نملك ثاني اكبر احتياطيى نفطي في العالم فمن المخزي ان تكون لدينا نساء تعمل في جمع الملح وفي معامل الطابوق وانا كناشطة وانسانة اشعر بالخجل عندما اشاهد في الاعلام عمالة النساء العراقيات واتسائل هل يرى صناع القرارالسياسي ما يعرضه الاعلام العراقي من مأسي , وماذا سيقولون للمجتمع الدولي عن العراق الديمقراطي الجديد الذي وصلت فيه عمالة النساء الى 35% ؟
غالبا ما يتذرع صناع القرار السياسي في العراق بأنهم لايملكون العصا السحرية لتغيير هذا الواقع فما هو تعليقك :
نعم يقولون ان ثمان سنوات غير كافية لأحداث تغيير في حياة المجتمع العراقي عموما وحياة المرأة العراقية ,والعصا السحرية التي يتذرعون بعدم امتلاكها هي موجودة لدى العديد من الدول التي توفر الحياة الكريمة لمواطنيها وهي الارادة الوطنية, والارادة الوطنية هي العصا السحرية التي لايملكها صناع القرار السياسي العراقي لأمنتشال المواطن العراقي من هذا الواقع البائس ومنه وضع المراة العراقية بعد 2003 الذي سار من سيء الى اسوء ومعالجة عمالة النساء تتطلب العديد من الاجراءات اهما احياء العمل بالضمان الاجتماعي الذي سيحمي المرأة العاملة في تحديد ساعات العمل والاجور والخطورة.
وسوسن البراك معوان مدير في وزارة حقوق الانسان تقول:
ان معالجة ظاهرة عمالة النساء في تغيير العديد من القوانين اهما قانون الضمان الاجتناعي فليس من المعقول ان تمنح شبكة الحماية الاجتماعية اجرا لايكفي اسرة لاسبوع واحد اضافة الى ان المعوق لايمنح راتب شبكة الحماية الا اذا كانت نسبة العوق 75% وهذا مثير للاستغراب اضافة الى تفعيل الدوائر الرقابية في وزارة البيئة والصحة ووزارة العمل والشؤن الاجتماعية لمنع وقوع انتهاكات لحقوق الانسان وللمساواة بين الجنسين , والاهم من ذلك ان تتوفر ارادة سياسية لبناء البنى التحتية وحل مشكلة السكن التي تقضي على البطالة وتحل مشكلة اساسية يعاني منها المواطن العراقي عموما والمرأة العاملة خصوصا .
عمالة النساء في العراق تتنامى بسرعة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها العراق وهي احدى الصور السيئة للعراق الجديد بعد 2003 فهي تجمع بين ثلاث صفات تتقاطع مع الديمقراطية , انتهاك حقوق الانسان والفقر وانتهاك حقوق المرأة