بنيتى حسابك ده كلام راجل أسمعا



هادية حسب الله
2012 / 5 / 14

الله والنبى لى كلام راجل أسمعا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا
راجل كان ماناداك ماتمشى تلحقا
بنيتى حسابك ده كلام راجل أسمعا
توبك المنجرنر بأبرة خيطا
بنيتى حسابك ده كلام راجل أسمعا
راسك المشمبل لمى مشطى
بنيتى حسابك ده كلام راجل أسمعا
المى وساخة فى خشم بابك لاتكشحا
بنيتى حسابكده كلام راجل أسمعا
كان كملتى خدمتك لى نارك اكتلا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا
حتتى عجاج بيتك عنقريبو فرشا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا
كورة أب قعر تحت سريرو جيبى ختا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا
بى طلحاية بى دورتايا لى حفرتك ولعا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا
كرعينك المشقق أدرشى حننا

جارتك المهوهوة لى بيتك بيخربا
بنيتى حسابك ده كلام راجل اسمعا

لكم تكره الأعراس.. دائما ماتحاصرها دعوات حضور الزفاف هذى فى اوقات غير مناسبة لظروفها البته ، فيفترض بها أن تدرس لامتحان غداً، كما أن طفلها الكبير مصاب بالملاريا ، الا ان زوجها لايقبل التقصير فى المجاملات التى تخص عائلته لذا هى مضطرة للذهاب..الأنوار ذات الحركة المنتظمة كانت تتجول فى الحائط المواجه لها بالحفل ، سرحت تتابع حركتها ليهزها زوجها وهو يمازحها بسماجة حول جمال احدى النساء واهتمامها ب"جيهتها" وحظ زوجها الجميل وحظه العاثر، سمعت آخر ما يقوله بصعوبة فقد رجعت تتابع الأنوار اللامعة.
وضعت الحطب بقرب القطية، انحنت امام الباب المنخفض لتدخل فشعرت بيد قوية تقبض على ظهرها، تجاهلت ألمها وواصلت عمل الغداء وغسل الاوانى وترقيع الراكوبة الأمامية بقش أضافى، وهز السمن ، لم تهدأ مطلقاً.. سمعت صوت الراديو فاندفعت واقفة وهى تكنس المكان بسرعة وتعيد فرش البرش على سريره ، فلقد كان صوت الراديو المنبعث من دراجته ينبهها لقدومه، نزلت من دراجته تسبق نصاعة جلبابه رائحة سجائر لم تجدى توسلاتها له ان يتركه رغم ان سعره شهرياً يساوى قوت الأطفال من القمح، أعدت له الطعام والشاى والقهوة وأغتسلت بعناية بعد ان تلقت منه اشارة تفيد رغبته بها، قضى وقته بسرعة ، سحب قدميه وهو يتذمر من خشونة كعبيها بفظاظة، سحبت قدميها وحرج بالغ يسكنها وأنزلت دمعة حارة قبل ان تنزل قدميها لتغادر فراشه.
كانت رائحة الشواء تملأ الحوش الواسع وكان أطفالنا نحن الصديقات يتقافزون مرحاً لمبيتهم بالخارج، وسط ضحكاتهم وضحكات الكبار انسرب الى هدوء لطيف وشعرت بسعادة ونحن نتجاذب أحاديث مرحة مترعة بذكريات الجامعة التى لاتعوض، حتى مازحت صديقتى زوجها بأنه يتدخل فى أمورها النسائية وعندما سألناها عن ذلك ضحكت وهى تقول يخبرنى دائماً ان "البخور " يجب أخراجه من الغرف قبل أن يتفحم.. اعتقدتها تمزح ولكنى وجدتها جادة ، فلقد شعرت ان اى تعليق سلبى حول ادارتها للمنزل هو جرح غائر لكرامتها وتدخل من زوجها فى أمورها الخاصة سرحت أفكر فغابت عنى رائحة الشواء...
عادت مرهقة وهى تدفع ببطنها ذات السبعة أشهر أمامها من العمل ، دخلت المطبخ وهى تفكر فى مشاكل عملها ورئيسها الذى يتحين الفرص للنيل منها ، تذكرت مواعيد الدكتور الدورية ، وظلت تتابع تفكيرها وهى تطعم طفلها وتحممه بعد عودته من الروضة،ومابين هذا وذاك قفزت فزعة وهى تشتم رائحة الأكل وهو يحترق فى النار ، تصورت وجه زوجها المتبرم فألقت بالطبيخ الى القمامة ووقفت تبكى...
انتظرت أن يعود بفارغ الصبر، ارتدت أكثر ملابسها أثارة ، بحثت بين رفوف خزانتها عما تتبرج به فلم تجد سوى قلم مكسور، ظلت تواصل البحث وهى تفكر فزعة حول تعليق احدى جاراتها عن تركيز نظر زوجها على احدى بنات الجيران ، بحثت ولم تجد فى خزانتها سوى شخبطات لرسوم أطفالها وتقاريرهم المدرسية ، بحثت عن مبراة للقلم المكسور فلم تجد ، ذهبت للحمام فوجدت موس حلاقة بقوة ضغطت على القلم المكسور بالموس ليعود لشبابه ويعيد شبابها فغاصت الموس فى أصبعها، صرخت متألمة ووقفت تبكى ألم كل الجروح..
كانت المذيعة تتحدث بصوت شابه بعض النعاس والغنج وتضحك بافتعال وهى تؤكد ما ذهب اليه زميلها المتظارف ، لتهدى المستمعين أغنية "بنيتى حسابك" ، أستمعت للأغنية وانا مذهولة من عدم الحساسية الذى يصيب حتى النساء أنفسهن، فاى هدية تقدمها امرأة لأخواتها من وصية هى قمة الامتهان للمرأة، ولمن لم يدقق فى الأغنية دعونا نتابع معناها اذ تبدى بتأكيد للوصية فهى كلام "راجل" ويجب عليها ان تسمعها ويلح المغنى والكاتب على هذه الجزئية اذ يظل هذا المقطع يتكرر بعد كل فقرة والثانية ليشدد على قيمة كلام الرجل، كما انها توصى المرأة وصايا لتعزيز سلطة الرجل فليس من حقها أن تذهب بمفردها للرجل ان لم يطلبها هو وعليها ان تظل معتنية بمظهرها ابتدأً من خياطة ثوبها، وتمشيط شعرها ، وعليها أن تكون مستعدة لطلبات زوجها الجسدية فبعد ان تذهب بعيداً بالماء المتسخ وبعد أن تنظف منزلها وتعد لزوجها السرير عليها ان "تتدخن" وتجعل أقدامها ملساء حتى لاتزعج زوجها بخشونتها. ويجب على هذا الزوج عدم بذل اى جهد فلايكفى ان تحضر الماء للزير بل يجب عليها ان تضع له الماء تحت فراشه مباشرة وبمواصفات دقيقة"كورة اب قعر" اذ يجب الحرص على ان لاتتلوث ماء شرابه ، لتختتم الأغنية بحبس تام للمرأة داخل هذه الواجبات فلاتفكر فيها حتى مع جارتها لانها كلب ينبح لخراب بيتها، ليتم عزلها وضمان استجابتها لسلسة الواجبات الاستعبادية التى ألقت عليها بدون تفكير او مناقشة مع أحد لأن النقاش خيانة وتهديد لسلامة بيتها كما تخيف المراة من الطلاق وتجعله شبهة يجب عليها ان تتفاداها لان الآخرين – حسب المغنى- سيتحدثون عنها انها طلقت من زوجها.
ان الشروط التعسفية الملقاة على عاتق النساء ليكن زوجات ناجحات فى نظر هذه الثقافة شروط ظالمة ولاتضع اى اعتبارات انسانية لظروف النساء وتقسيم العمل المنزلى فالنساء العاملات-وربات البيوت أيضاً- يعانيين من القاء مجمل أعباء ادارة المنزل على عاتقهن ويفعلن ذلك بحب وعطاء أقل ما يستحقنه هو التقدير وليس الانتقاد لاأدنى تقصير او هفوة، هذا اذا تجاهلنا حقهن فى مشاركة الازواج لهن فى هذه الأعمال،لقد طوفت فى غالب مناطق السودان وأعلم معاناة النساء فى هذه المناطق والعبء الملقى عليهن من زراعة او رعى وجلب للماء والحطب وارى انه من غير العادل بعد كل هذا الجهد مطالبتهن بان يكن فى صورة تشبع رغبات الزوج ان رغب بهن! غالب القصص التى ابتدرت بها مقالى هى قصص واقعية لنساء يعانيين من قهر مضاعف القتصاد المتوحش الذى جعلهن يركضن طوال النهار لتوفير لقمة العيش، وقهر أزواج تربوا على أفترا ض حالم حول الزوجة المثالية.
ان هذه الأغنية تختصر موقف الثقافة السائدة تجاه المرأة بصورة تمثل كل قبحها وإعجاب البعض بها إنما يؤكد مدى فعالية هذه الثقافة ، كما انها تجيد التحايل للسيطرة على النساء واخضاعهن ليكن تحت سطوة الرجال، ومن أكثر ما يمكن التاثير به هو المجال الإبداعى والذى يصل الوجدان بشكل أسرع ليصوغ مواقف النساء، ليجدن أنفسهن يخدمن الأجندة الذكورية فى تماهيهن مع ألق الصورة المطروحة . فلنرفع حساسيتنا تجاه نساءنا لننعم بحياة صحية لايحيط الظلم بها ويسودها الاحترام الانسانى والعدالة.