معاناة المرأة العراقية في الغربة



رعد عباس ديبس
2012 / 5 / 16

معاناة المرأة العراقية في الغربة
المرأة العراقية بشكل عام لديها معانات كبيرة وهذه المعانات تاريخية وليست وليدة اليوم فقد كان
المجتمع ينظر للمراة نظرة دونية متأتية من الفهم الخاطئ لمنزلة المرأة في الدين وايضا لنسب
بعض العادات والتقاليد القبلية الى الدين مما عمقها في الوعي الجماعي للمجتمع و جعل التعامل
معها كبديهيات اجتماعية دينية, وهذا لاينطبق على المسلمين فقط وانما ينطبق ايضا على معتنقي
الديانات الاخرى في العراق. وقد ناضلت المرأة العراقية بجد لتغيير واقعها الاجتماعي واستطاعت
الحصول على مكتسبات عديدة ومن اهمها اثبات وجودها في المجتمع كعنصر انساني فعال في
صنع المستقبل وبذلك دخلت مجال العمل الوضيفي والاجتماعي والسياسي, ولا ينكر دور الاحزاب
اليسارية والتقدمية في المساعدة على تحقيق ذلك. ومن النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي
ولغاية اواخر سبعينياته ازدهرت الحركة النسائية في العراق وذلك بسبب ازدهار الحياة السياسية
في العراق وخاصة التقدمية منها, وحتى الاحزاب الدينية شكلت لاول مرة في العراق في تلك
الفترة واعتمدت ايضا على العنصر النسائي.
ولكن مع تكشف الطبيعة الشوفينية والعنصرية لنظام البعث في العراق بدأت معاناة جديدة وقاسية
للمراة العراقية ألا وهي معاناة الغربة, ولفهم هذه المعاناة وما تعنيه للفرد العراقي بشكل عام وللمرأة
بشكل خاص علي ان اشير الى طبيعة الفرد العراقي والتصاقه بالمكان الذي ولد فيه فهو لا يحب
التنقل او الانتقال الى درجة ان الانتقال من مدينة الى مدينة اخرى تبعد عنها عدد قليل من الكيلومترات
يعتبره تغرب ويبدأ النواح والعويل بين اهله وجيرانه على غربته, وكثير من الزيجات عطلت لان اهل
الفتاة لايزوجوها الى شخص في مدينة اخرى حتى ولو كانت قريبة باعتبارها ستتغرب وكثير من
الطموحات الدراسية عطلت لنفس السبب لان الجامعات في المدن الكبيرة فقط. وحتى السياحة فالفرد
العراقي غير مهتم بها لا داخل العراق ولا خارجه واقصى مايقوم به هو زيارة العتبات المقدسة او
بغداد وابعد شيئ شمال العراق وقد تجد عراقيين عاشوا وماتوا ولم يخرجوا من مدنهم, وبالمناسبة
ان هذه الطبيعة ملازمة لمعظم العراقيين في الخارج فانا اعرف اناس لم يروا المناطق السياحية في
البلدان التي يعيشون فيها منذ فترة طويلة.
والمعاناة في الغربة تزداد على المرأة لانها هي التي تهتم بادارة شؤن البيت وتربية الاولاد لوحدها
دون مساعدة من احد كما هو الحال بين اهلها, وكذلك هي تتعامل مع عادات وتقاليد غريبة عنها قد
تكون كثيرا او قليلا, يضاف الى ذلك ترتيب اقتصاد المنزل الذي عادة ما يكون وارده ضئيل, وكذلك
قد تكون هي المعيل الوحيد بعد فقد الزوج في حروب النظام السابق العبثية او في قمع الانتفاضة او
بواسطة عبث الامريكان اثناء الاحتلال او بواسطة قوى الظلام الارهابي.
بدأت المعاناة مع بداية النظام السابق بتهجير العراقيين داخل العراق وخارجه فقد بدأ بتهجير العراقيين
من الاكراد الفيليه واخرين بتهمة التبعية الايرانية, ثم هجر الاكراد من شمال العراق الى جنوبه وهجر
العرب من جنوب العراق الى شماله ليغير ديمغرافية السكان, ثم اجبر الناس على الهجرة بعد قمع
الانتفاضة الشعبانية المجيدة التي شارك فيها الشعب العراقي من شماله الى جنوبه, وكذلك بعد افتعال
ازمة مع الامم المتحدة لتضع العراق تحت الحصار القاتل.
وبعد سقوط النظام خلف لنا قوى الظلام والارهاب التي استمرت بتهجير الناس او اجبارهم على الهجرة
على اساس طائفي بعد قتل اكبر عدد ممكن.
وعلى مستوى غربة المراة العراقية في البلاد الغربية فهي تعاني من الوحدة بالدرجة الاولى وهي
مسألة لم تتعود عليها لان المجتمع العراقي مضياف ويحب التجمع واللقائات الاهلية والصداقية لمصلحه
او بغير مصلحه والمجتمعات الغربية تفتقد لهذه الحميمية الا على نطاق ضيق جدا. والمشكلة الثانية هي
التعامل مع الاولاد وكيفية السيطرة على تصرفاتهم في مجتمعات مفتوحة وباخلاقية مغايرة للاخلاق
التي نشأت عليها هي, وهذا يتطلب منها جهد كبير للموازنه بين الممكن والغير ممكن وكيفية افهام هذا
للصبي او الفتاة وكسب تفهمهم للمسائل الجيدة ونبذ غير الجيدة. والثالثة العلاقة مع الزوج فمن الازواج
من لا يزال في داخله عقلية الرجل الشرقي المتخلفة وليست المتنورة مع العلم ان له اكثر من عشرين
عام في ارقى المجتمعات الغربية. والرابعة هي نظرة التمييز العنصري التي ازدادت بعد احداث الحادي
عشر من سبتمبر 2001 وكذلك بعد الازمة الاقتصادية الاخيره وخاصة للمرأة المحجبة. هذه بعض
المسائل التي اعتقد بانها رئيسية وارجو من الاخرين تبيان المزيد وارجو من الجميع المساهمة في رفع
المعاناة عن المرأة.
د. رعد عباس ديبس