ازمة المرأة المسلمة ... اهداء الى بنت الهدى ..



امنة محمد باقر
2012 / 5 / 19

في فقه علي ابي طالب عليه السلام: عفوا عن نساء الناس ، لكي تعف نساءكم ...

اخترت اسم الموقع تيمنا بالسيدة بنت الهدى رضوان الله عليها ...

وكنت اتمنى ان يكون هذا الموقع بالذات ذو منفعة للنساء بالدرجة الاولى ، لكني فوجئت بأن من يقرأه بكثرة هم من الرجال ...
وللأسف لم تتح لي حياتي كأمرأة من الجنوب ان اتعرف الى الفقه كما تعرفت اليه بنت الهدى التي نشأت في اسرة تدرس الفقه اصلا ... والا لوجدت اجوبة اكثر اقناعا واكثر عدالة ... لما نواجهه في واقعنا اليومي كنساء. لهذا اضع علامات استفهام كثيرة في مقالاتي اكثر مما اضع اجوبة ...
من السهولة بمكان ان تنبذ كافة التقاليد وتعيش على رسلك ، وتقول انا حر في حين ان حدود الحرية لاتنتهي ، وقد توقعك في شفا حفرة الله اعلم بها.... ما اسهل التخلص من التقاليد ، لكن .... التحدي ، وهو افضل الطرق لكي تحيا حرا، التحدي هو ان ترى نفسك كيف تتعامل بعدالة ، وتجعل نفسك ميزانا بينك وبين الاخرين ... في ظل ظروف وحدود وقيود منشأها عقيدة امنت بها ... كمن يؤمن اليوم بالغاء الاعدام ، ثم يأتون له بقاتل ابيه ؟ ماذا يفعل؟ الزموهم بما الزموا به انفسهم ...

لماذا اليوم ؟

لماذا اتحدث عن المرأة المسلمة اليوم؟ وماهي الازمة التي تواجهها؟

تحاول كتب علم النفس وطرق التربية الحديثة تعليم النساء القوة الثقافية ، اي ان المرأة تتسلح بالعلم ، والاخلاق .. وامرها الى الله ... ثم ترمي بها في معترك الحياة ... وهذه كلها امور غير كافية ...

عندما تضع امرأة محجبة – مثلي – نفسها في قالب الدين والحجاب عليها ان تلتزم بكافة جوانبه ، والحجاب هو عدة العمل ، حاله حال بدلة المهندس ، لكن المعرفة التي يتطلبها الحجاب والالتزامات التي يفرضها كثيرة ... في مجتمع زادنا رهقا بمتطلباته ... يريدها عذراء كمريم ، وكريمة المحتد كفاطمة ، وعبقرية كمدام كوري ، وكاتبة كجين اوستن ... وقديسة كمريم وخديجة وفاطمة ، ويريدها ايضا ان تكون كيرلفريند! محجبة وعلمانية ، واي نفاق هذا تجمعه في قلب واحد في جسد واحد ، ومتى كانت قواعد المواعدة الحديثة متوافقة مع مقولة الزهراء الشهيرة : خير للمرأة ان لاترى الرجل ولا يراها؟ متى ؟ اين الثرى من الثريا؟

قد تكون التعليمات التي تأتي مع الحجاب مفيدة في التعامل مع الاخرين ، لكن قواعد اللباقة في التعامل مع الاخر ومهارات التواصل لا تتأتى لكل احد ...

فأنت يجب ان تكوني مسلمة ، ملتزمة ، ويجب ان تعيشي في مجتمع علماني .... تحملين في قلبك الايمان بعقيدة امنت بها ، وترن في اذنك كلمات جدتك العجوز لا تجالسي الرجال ، وتذهبين للعمل مع الف رجل ، تتقيدين بأصول اللياقة ، والاتيكيت ، والعلمانية ، والدين! كلها .... وعليك ان تخرجي من هذه الازمة وهذا المعترك منتصرة دائما ... تيمنا بما قالته بنت الهدى : الفضيلة تنتصر ...

انني لا اقول هذا من باب الاستهزاء ... ولا يهزأ الا القوم الجاهلون ... ولو سكت الجاهل ما اختلف الناس... ( وهو كلام ينسب للحسن ابن علي عليه السلام )...
كانت بنت الهدى تتحدث عن حقوق الملكية وحرية العمل ، وغيرها من امور تخص المرأة ، ولربما كانت النساء في عهدها اكثر انفتاحا منا ، لأنها كتبت لجيل السبعينات ....
انني ابحث اليوم في اعماق نفسي ، وافتش عما تركته فينا بنت الهدى ، وعما احدثته من ثورة في مجتمع نساء علمانيات عشن في عهدها .. نحن جيل اخر جئنا بعدها وبحثنا في اثارها ، ومن الكتب الاثيرة لدي ... هو المجموعة القصصية لبنت الهدى قرأتها سرا فترة التسعينيات ، وحرصت على ان يكون اول كتاب اقتنيه بعد سقوط الصنم اضافة الى كتاب شبيه هدام وفلسفتنا ... وكل الكتب الاخرى ...

لكننا وبسبب الازمة الحالية في العراق ... وجدنا كتب بنت الهدى على الارصفة ... تباع ... وتزهد النساء في شراءها ... كتب كانت امنية الالاف من المثقفين الاطلاع عليها وقراءتها ...

امرأة استطاعت ان تضع النقاط على الحروف ، وعاصرت علمانيات العصر .... ونحن اليوم ... محجبات في زمن العلمانية ... وفي دول علمانية بحتة ، صرفة .... حرنا في تصرفات من حولنا ، وحرنا في ثقافة وتربية جبلنا عليها لا نستطيع الا احترامها ... ترعرعنا في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه ...
حاربونا على لقمة العيش وحق العمل ، وقاسينا الامرين في سبيل اكمال حياتنا الدراسية فترة الحصار الظالم والامر يشمل الرجال والنساء على حد سواء ، وحاربتنا تقاليد قذرة كانت تقول لوالدي : كيف تترك ابنتك تدرس في البصرة في فترة التسعينيات ، ونحن لسنا همجا بل نسكن مركز المدينة ابا عن جد ..

.......وتخرجنا لنعاشر سفهاء البشر من مدراء يطلبون مقايضة الوظيفة والتعيين بالصداقة والعلاقات اللااخلاقية وليس بالشهادة والكفاءة ... هذا هو الواقع الذي عاشته المرأة المسلمة .... امرأة كانت مكفولة وغدت اليوم كافلة ... لم ار فقيها واحدا افتى في امرنا ... سوى ان المرأة تخرج للضرورة للعمل ... وواقعنا يقول .... ان كل النساء اليوم لا يخرجن للنزهة ... بل لا تستيطع الاسر تدبير امورها بلا امرأة عاملة ... نسبة عالية جدا ... لم ار فقيها واحدا ولا اريد اظلم احدا ، لا يوجد ارشاد في هذا المجال ... ولا خطابة ولا تأكيد على هذه الامور المهمة .... لم يستطع احدهم حل الواقع الاقتصادي المر الذي تعيشه المرأة المسلمة بل يحاربونها في بعض انواع المهن الى درجة التهديد بالقتل .... فوكيلة الوزير يتم تهديدها وناشطة حقوق الانسان مهددة ، وموظفة الامم المتحدة مهددة ...وغيرها .... واذا كنا نقول ان الواقع اليوم هو استثنائي ... اتسائل: وهل كانت سنين الحصار استثنائية ايضا؟ يوم كانت المرأة تقايض وظيفتها بشرفها لا بشهادتها؟ ولن نساوم!

وهل سلم واقعنا الاجتماعي من ذلك ؟ هل تحررت النخوة في احدهم ليطبق كلام علي ابن ابي طالب: عفوا عن نساء الناس ... لكي تعف نساءكم؟

ينسب لعلي ابن ابي طالب عليه السلام بيتا من الشعر يقول فيه : لا تأمنن على النساء اخا ... ما في الرجال على النساء امين ...

ازمة المرأة المسلمة ... فكرة تعصف في ذهني ... واعجب الايمان كما ينسب للرسول الاكرم صلى الله عليه وآله : اعجب الايمان ... ايمان قوم يأتون بعدكم .. يجدون ... كتبا يؤمنون بها ... حبر على ورق مثلما يقال ...

المرأة المسلمة وغير المسلمة في ازمة ، وارفقوا بالضعيفين ... ورفقا بالقوارير ... والمرأة ريحانة وليست قهرمانة .... كلنا نعرف هذه الادبيات الفقهية .. ولكن ... نحن نلقي بنساءنا واخواتنا وفلذات اكبادنا دوما في مهب الريح ....

ثم نقول .... لدينا ازمة اخلاق ... كفانا كذبا على انفسنا ....

لا احد يعلم سوى الله ... ما تعانيه فلذات اكبادنا من البنات واخواتنا من النساء في التكيف مع واقعنا الاعجب من العجب نفسه ...

وليس البلية في ايامنا عجبا ... بل السلامة فيها اعجب العجب ..

بنت الهدى استطاعت ان تنظر بعين فقيه المرأة لأنها امرأة ... لهذا اقول ان المرأة المسلمة وبسبب من قوة الايمان الذي تحمله تجابهها تحديات اكبر ، وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم .... لكن فقهاء المرأة اليوم ... قد اخفوا رؤوسهم ... لأن الرجل لايستطيع ابدا ان ينظر الامور بمنظار المرأة .... امر يستحيل عليهم ... ويصعب افهامها لهم ...
على حد قول الشاعر تي اس اليوت :
كيف استطيع افسر .. كيف استطيع ان افسر لكم ...
ستفهمون الاقل بعد تفسيرها ...
وكل ما يمكن ان ارجو افهامه لكم ... هو الحوادث فقط .. وليس الذي حدث!