القرآن يطلب تغطية الفرج وليس الرأس



سامي الذيب
2012 / 6 / 18

يعود النقاش حول الحجاب على السطح باستمرار. ولذلك لا بد من التفكير في معنى الآية القرآنية الرئيسية التي تحكم موضوع الحجاب، وهي الآية 31 من سورة النور والتي أدت إلى ممارسات مختلفة جدا في المجتمعات الإسلامية سببها الإختلاف الشاسع في فهم هذه الآية الغامضة. وعندما قمت بترجمة القرآن الكريم الى الفرنسية تمعنت في الترجمات المختلفة الموجودة واعطيت ترجمتي الخاصة لهذه الآية. وقد توصلت إلى أن هذه الآية لا تطالب النساء بتغطية الرأس بل الفرج. نذكر أولا نص هذه الآية لمعرفة مواطن الغموض

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ

وهذه هي ترجمتي الفرنسية لهذه الآية
Dis aux croyantes de baisser leurs regards, de garder leur sexe, de ne faire apparaître de leur ornement que ce qui est apparent et de rabattre leurs voiles sur leurs fentes (24:31).
لقد قمت بترجمة كلمة جيوبهن بكلمة
leurs fentes
بينما قام غيري من المترجمين بإعطاء ترجمات مختلفة تماما عن ترجمتي نذكر منها على سبيل المثال
poitrine - Hamidullah, Abdelaziz, Chiadmi
échancrures - Berque
gorges - Blachère
seins - Kasimirski
والكلمة الفرنسية التي استعملتها انا لترجمة كلمة جيوبهن (fentes) تعني الشق وفي هذه الآية ترادف كلمة الفرج فكيف توصلت لهذا المعنى؟

نجد كلمة الجيب بالمفرد في القرآن في آيتين تتعلقان بالنبي موسى بمعنى شق اللباس، كما جاءت كلمة الجب في قصة يوسف بمعنى شق الصخرة أو البئرنذكرها هنا
سورة النمل الآية 12 : وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ
سورة القصص الآية 32: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ
سورة يوسف الآية 10: قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ

وهناك استعمال رابع في القرآن لكلمة الجيب ليس في آية ولكن في قراءة مختلفة لسورة التحريم الآية 32:

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا
وقد تم قراءة هذه الآية بصورة مختلفة كما يلي: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا في جيبها مِنْ رُوحِنَا

ومن الواضح أن كلمة جيب في هذه القراءة جاءت مرادفة لكلمة فرج.

وقد يكون صلة بين سورة النور وبين عادة جاهلية وهي طوفان النساء عاريات حول الكعبة وحك أعضائهن الجنسية بالحجر الأسود تيمنا. وقد جاء في صحيح البخاري: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

وكلمة الحج قد تكون مأخوذة في الأصل من كلمة الحك. وقد جاء في كتاب الملل والنحل لأبي القاسم الشهرستاني، ص 247، أنه كان يمارس في الحج طقس غريب وهو الاحتكاك بالحجر الأسود. ويفسر الدكتور سيد القمني في كتابه الأسطورة والتراث، ط 3، ص 163 (http://www.bramjnet.com/vb3/showthread.php?t=405545) سر الاحتكاك بالحجر الأسود بقوله: وهناك رواية إسلامية: إن الحجر الأسود كان أبيض ولكنه اسود من مس الحيض في الجاهلية. أي أنه كان هناك طقس لدى الجاهليين تؤديه النساء في الحجر، وهو مس الحجر الأسود بدماء الحيض.

فسورة النور إذن تطلب من النساء تغطية فروجهن وليس رؤوسهن أو صدورهن... في اشارة الى عادة الطوفان حول الحجر الأسود.

هذا ونلاحظ أن الحجر الأسود أو ما تبقى منه من حصوات موضوع في إيطار بشكل الفرج. وهذا أمر يتطلب دراسة من علماء النفس لمعرفة لماذا يقوم ملايين المسلمين بوضع رؤوسهم في فرج لتقبيل الحجر الأسود. فهل هذا متنفس غير معلن للجنس أو شوق للعودة الى رحم الأم؟ وقد يقفز فرويد واتباعه فرحا أمام هذا الطقس الوثني.

والبعض يذكر الآية 59 من سورة الاحزاب لتبرير لبس الجلباب:

يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين.

يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية : كان نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهنّ إذا كان اللـيـل خرجن يقضين حوائجهنّ، وكان رجال يجلسون علـى الطريق للغزل. مما يعني أن لبس الجلباب مطلوب عند قضاء الحاجة الطبيعية في الليل.

وتجدر الإشارة الى أن إرادة المتزمتين في جعل الحجاب بمختلف أشكاله سلاحا لحماية النساء أو الرجال من الفتنة تناقض القرآن الذي يدعو الناس للتمتع بما خلقه الله دون اسراف:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ – سورة المائدة الآية 87
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – سورة الأعراف الآية 33
وهناك الحديث النبوي الشهير: إن الله جميل يحب الجمال. ولا يخطر على بال أحد تغطية الزهور الجميلة خوفا من قطفها.

وهناك أيضا سؤال: لماذا نحجب المرأة وليس الرجل ما دام أن كل منهما يمكن أن يكون فتنة للآخرين؟ كما يمكن التساؤل لماذا فهم المتطرفون الآيات القرآنية بصورة مغلوطة. وللإجابة على هذا السؤال ربما من الضروري الرجوع الى المقولة التي تنسب الى النبي محمد: (عقول النساء في فروجهن). فكلما رأى متطرف رأس إمرأة يفكر بفرجها. ومن هنا جاء الخلط بين الرأس والفرج في نفسه.

وأنا أدعوكم لرؤية هذه الأغنية الجميلة لمحمود شكوكو من فيلم لعام 1945 يبين كيف كانت ملابس المرأة المصرية قبل هجمة المتأسلمين الرجعية:
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=RAd8kvdWwso

كما ادعوكم لرؤية خطاب للرئيس جمال عبد الناصر يستهزئ فيه بمرشد الاخوان المسلمين الذي كان طلبه الأول بعد الثورة ان يفرض الطرحة على جميع المصريات
http://www.youtube.com/watch?v=OWCJnFu9gF0

وقد أثار ارتداء البرقع أو النقاب كما في بعض البلاد الإسلامية نقاشا في البلاد الغربية التي تحاول فرض حظر عليه بناءاً على مبدأ المساواة بين الجنسين. ودون الدخول في الجدل الديني، فإن مثل هذه الملابس تخلق مشكلة تحديد الهوية، وخصوصا لأسباب أمنية. فأي شخص، بغض النظر عن جنسه أو دينه، يمكن له استخدام مثل هذه الملابس لارتكاب جرائم إرهاب أو نهب. ولذلك يجب منعه كما يمنع التلثم في الأماكن العامة.