العنف ضد النساء-الجنسي والجسدي والعاطفي واللفظي



ميساء ابو غنام
2016 / 11 / 25

ضرب واهانة وسفاح قربي وممارسة الجنس بالاكراه والحرمان من الميراث والعديد؟؟؟؟؟؟؟؟
ميساء ابو غنام
قضية تراوح مكانها اجتماعيا وقانونيا.....تمارس ضد النساء على اختلاف اعمارهم ومستواهم الاكاديمي او المهني،دراسات عديدة اشارت واكدت ان العنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني في ازياد دون وجود اي رادع قانوني او ثقافي او سياسي يهدف ضمن استراتيجيته القضاء على هذه الظاهرة او حتى تغيير اوجهها ايجابيا للحد من العنف الموجه للاناث في المجتمع الفلسطيني.
هذه العناوين تناولها برنامج انت الذي يبث عبر فضائية مكس معا تحت رعاية الصندوق العربي لحقوق الانسان،حيث اخذ البرنامج في محاوره الابعاد الاجتماعية والقانونية والنفسية وحاول طرح المشكلات على طاولة النقاش على امل ان يكون هناك صدى من قبل الجهات المسؤولة سواء اكانت مؤسسات رسمية تنفيذية او قضائية او حتى مؤسسات المجتمع المدني بما فيها وسائل الاعلام والمؤسسات التعليمية والدينية.
والضرب والاهانة وسفاح القربي وممارسة الجنس بالاكراه والحرمان من الميراث والزواج المبكر والتهديد بالقتل والفتور العاطفي والاعتداء الجنسي ...... عناوين تناولها الحضور بجميع جوانبها مسلطين الضوء على خفايا عجز المجتمع على وقف العنف نتيجة الثقافة الذكورية المجتمعية وعدم وجود رادع قانوني يحد من استمرارية العنف.
استضاف البرنامج كلا من الدكتور ابراهيم خميس طبيب مقيم في مستشفى كمال للطب النفسي والمامية باسمة جبارين المستشارة القانونية لمركز محور والدكتور محمد نعيم فرحات استاذ علم الاجتماع .
بداية علق الدكتور ابراهيم على انواع العنف واسبابه وتعريفه،حيث عرف العنف على انه اي فعل به ايذاء سواء اكان جسديا او لفظيا او نفسيا،اما العنف ضد النساء بكافة انواعه سواء تحقير او شتم او مادي مثل حرمانها من الميراث او من راتبها او العنف الفكري الذي يهدف لتغيير ارائها الشخصية او العنف الجنسي مثل اجبارها على ممارسة الجنس على غير ارادتها او حرمانها منه او بطريقة لا ترغبها،واشاتر الى العنف في القانون الدولي جريمة،ويعتبر البعض ان العنف اللفظي او بالشتيمة او الهجر او الحرمان الاجتماعي اي منعها من الخروج الى المجتمع والعزلة بانه ليس عنفا لذلك فالنساء يتوجهن للشكوى في مراحل متقدمة اي في اسوأ حالات العنف.
اما استاذ علم الاجتماع محمد فرحات فسر قضية العادات والتقاليد الموروث الثقافي وذكورية المجتمع وارتباطه بتعزيز مفهوم العنف ضد المرأة بأنه ظاهرة العنف ضد المرأة تعود الى التخلف والانحطاط للمجتمعات التي تمارس هذه الظاهرة، بحيث تشير الى تغير جوهري ذو صبغة ثقافية وحضارية وله اسباب اجتماعية واقتصادية وحضارية مختلفة انتجت هذه الصبغة وفي مكان ما تثيرر الى اشمئزازوتخلف ومؤشر على الانحطاط،ولكن اذا قسنا مسألة الاخلاقيات التي تقوم عليها المنظومة الدينية والثقافية في صورتها المعيارية فانها تنافي تماما الاشكال الحاصلة من ممارسات وعمليات تعنيف للمرأة في مستويات مختلفة معنوية او مادية وهذا يطرح ازمة يجب التوقف عندها من قبل الجهات المعنية عند السياق والاسباب التي ادت لتفاقم هذه الظاهرة ويجب ادراك جميع الاطراف لهذه الازمة وتفاقمها ،وهذا يحتاج الى الوعي من قبل جميع الاطراف لتفحص ووضع حلول واستراتيجيات واحداث تغيير ثقافي ونفسي لذى الذهنية الحاكمة والفاعليين الاجتماعيين والبحث عن الاسباب التي ادت لتفاقم هذه الظاهرة ونحن الواعظين قمنا بممارسات ذات صبغة عنيفة وهنا اشير الى ان العنف من صميم التاريخ وهو تعبير عن حصيلة علاقات القوى التي تحدث بين الناس وبالتحديد علاقات القوى القائمة داخل الاسرة وهي تعتبر اطار يجري من خلالها تصريف قدر معين من العنف لان في داخلها يتم تصريف قدر من العنف سواء للضبط او التربية او الهيكلة او الالتزام وهذا ممكن ان يكونون موضوعيا لانه لا يمكن ان تقوم بالتربية دون قدر من العنف المبرر لكن المعضلة موجودة في ممارسات منفلتة من اي مرجعية اخلاقية او دينية يستند عليها وفي نفس الوقت ترغم الثقافة والدين على تشريع اشكال عنف تعود الى تأويلات غاشمة وظالمة موجودة في ثقافتها وهي بحاجة الى تصدي.
ويضيف فرحات تعليقا على مفهوم الرجال قوامون على النساء وان المرأة ملكا للرجل وله الحق في ممارسة الجنس معها متى اراد او حتى الاعتداء عليها بالضرب ،ان فهم مسؤولية الرجل والتزامه وحقوق الزوجة والابناء ضمن مفهوم القوامة بالمعنى الايجابي وليس الاتيان بها من خلال تأويل شخصي بعيدا عن الدين والاشارة الى انها تشرع العنف والممارسات الحقيقة بعيدة عن مفهوم القوامة من مفهوم ديني.
اما البعد القانوني لقضية العنف ترد باسمة جبارين حول كون القوانين في فلسطين تسمح في قضية تعزيز العنف من قبل الرجل للمرأة ،بأن المنظومة القانونية في فلسطين الحالية تعزز العنف ضد المرأة لانه لا يوجد اي نصوص تجريمية للعنف باشكالها الواضحة الجسدي والنفسي والجنسي وجاءت معظم النصوص عامة ولا يوجد نصوص خاصة للعنف وايضا نفتقر لقانون يحمي الاسرة وهنا يوجد ثغرة قانونية كبيرة،مطبق لدينا في الضفة الغربية قانون العقوبات الاردني عام 1960وهو قديم ولا يتحدث عن العنف كعنف وانما كجرائم عامة.
وبالنسبة لضعف بعض القوانين تضيف جبارين ان القوانين ضعيفة وايضا القائمين على تنفيذ القانون لا يطبقونه،القانون الذي يجرم هو قانون العقوبات الذي يتحدث عن الجرائم وليس عن ضرب الزوجات او العنف في اطار الاسرة والقتل على خلفية الشرف الذي الغى الرئيس ابو مازن بمرسوم منه الماده 340 والتي تتحدث عن الاعذار المحلة التي تتحدث عن التلبس بجرم الزنى وهذه المراسيم لحماية النساء الا ان على ارض الواقع ما زالت قاصرة عن اداء دورها وايضا مجلس الوزراء اخذ عدد من القرارات نظام مراكز حماية المرأة المعنفة الا انها ما زالت قاصرة عن حماية المرأة.
اما طبيعة الرجل المعنف هل هو جيني ام مكتسب يعلق الدكتور ابراهيم خميس بأن العنف مثله مثل اي سلوك يعلم ويكتسب وبما ان العنصر الذكوري وهيمنته ومجرد انه دفع المهر اصبحت سلعة بيده وهذه المفاهيم تعزز العنف ولكن صمت المرأة لخوفها من المجتمع واخوتها وابنها وعائلتها وقضية العيب في نومها في بيت اهلها وضرورة عودتها الى بيتها يساهم في زيادة العنف لان ذلك لا يردع الرجل لعدم وجود قوانين دستورية او اجتماعية،وبالنسبة لقضية الاعتداءات الجنسية والتي لا تجد النساء رادع قانوني وبالاخص سفاح القربى حينما يكون الجاني رجل من العائلة يساعد على تعزيز الخوف لدى النساء المعنفات وبالتالي صمتهن يزيد الظاهرة ويسمح للمجرم بالاستمرار وبالتالي فان النساء المعنفات اللواتي يصلن للعيادات النفسية يكون نابع من وجود اعراض جسدية تكشف الفحوصات عن عدم وجود مسببات عضوية يحولن للطب النفسي وبعد اعطائهن الامان نتيجة اعراض مثل القلق الخوف والاكتئاب وغيرها يكتشف ان هؤلاء النساء يتعرضن للعنف.
وحول تناقض المجتمع الفلسطيني بين كون المرأة المتعلمة والناجحة وظيفيا هي معنفة في بيتها ،هل هذا يكشف عن حالة انفصام في المجتمع؟يرد الدكتور محمد فرحات الى حد ما يكشف عن حالة انفصام في المجتمع ولكن توسع الدور واختلافه وخروج المرأة من الادوار التقليدية وانفتاحها لادوار بالغة الايجابية في الحقل العام له اثمان ولكن وجود انفصال بين الدور والمتغيرات التي انتجت امكانية خروج المرأة من الدور التقليدي ومرجعية ذلك والمرجعية الاخرى الحاكمة للحياة الاسرية لان التطورات الاقتصادية والاجتماعية انتجت اوضاع جديدة للمرأة الفلسطينية ولعموم الفلسطينين ولكنها لم تنتج ثقافة فلسطينية جديدة لوضع وتصور لوضع المرأة وهذا يكشف عن تناقض جوهري ويحتاج لمعالجة،وهنا اود الاشارة الى ان النص القانوني مهم ولكن هناك ممارسات الواقع وتاريخيا في المجتمعات المتوترة على شاكلة المجتمع الفلسطيني كان هناك تناقض بين فقه الواقع وفقه القانون ولذلك فان معالجتها ثقافيا ويجب ان نتحلى بشجاعة ومختلف الاطراف المعنية ،القضية ليست نساء معنفات وانما مشكلة ثقافية حضارية واستبدال ثقافة الصمت بثقافة رفع الصمت من طرف كافة القوى والتشكيلات الاجتماعية.
وحول كون المرأة الفلسطينية هي من تربي نحو تعزيز دور الذكر وهي من تعزز العنف من خلال ممارستها العنف ضد المرأة،يؤكد فرحات اننا جميعا نتحمل وجود هذا العنف،ولكن الفتافيت التي يتشكل منها المجتمع الفلسطيني لكون المرأة المعنفة معنفة وهذا بحاجة الى قراءة عميقة وتستحضر ارادة حقيقية وللكن لا يمكن الحديث عن المرأة المعنفة وانما هو مناخ وبيئة له تداعيات يمس ليس الاسرة فقط وانما المجتمع بأكمله الذي هو مجموعة من العائلات.
وهل الرادع القانوني يعمل تحول في المجتمع الفلسطيني ح للعنف ضد المرأة؟تضيف جبارين نعم القوانين رادعة لان الثقافة المجتمعية هي من تربي المرأة والرجل في المجتمع الفلسطيني وبالتالي فان ممارستها انعكاسا لهذه الثقافة الحراك الاجتماعي وتوعية المرأة لحقوقها بحاجة الى تغطية رسمية وبحاجة لحماية لان النساء اللواتي كسرن الصمت وقفن عاجزات امام القانون لانه مثلا القتل على خلفية الشرف مثلا ما زالت مخففة على الرغم من المرسوم الرئاسي لان القوانين بالية وعاجزة عن تلبية طموح المرأة الفلسطينية وتغير الدور ايجابيا لصالح المرأة ولذلك يجب ان تطور القوانين لصالح المرحلة الحالية لحماية المرأة،وبالنسبة لسفاح القربى ما زال التعامل مع الجاني والضحية نفس العقاب ويتم التعامل معها على انها جريمة رضائية وتسقط القضية سقوطا او تحريكا.
اما بالنسبة للجهات القضائية تقول جبارين ان مراكز الشرطة استحدثت وحدات حماية للشرطة وهذا شكل فرق نوعي في التعامل مع ضحايا العنف واصبح للمرأة المعنفة وجهة تتعامل معها ،اما على صعيد الشكوى ووصولها للقضاء ما زال تفاوتها يعتمد على مزاجية الاشخاص النافذين على تطبيق القوانين سواء النيابة او القاضي وتفتقر المحاكم للتعامل مع المرأة المعنفة.
اما سلوك النساء المعنفات يقول الدكتور خميس انه ينعكس بشكل مباشر على المرأة وافراد اسرتها فهي مكتئبة واكثر دونية وتخسر قيمتها لنفسها ويقلل من انتاجها بالعمل واداؤها مع اسرتها وبعضهن يظهر عليهن العنف الجسدي فيقلل من ذهابها للعمل عوضا عن الخوف والاكتئاب والتوتر وايضا صدمات نفسية للاطفال من خلال ما يرونه ويقل اداؤهم الوظيفي ويتوارثو هذا العنف وبالتنالي ينعكس على سلوكهم تجاه بعضهم عوضا عن الانحراف مثل تعاطي المخدرات واستغلالهم من قبل جماعات تساعد على الانحراف وايضا الرجل المعنف لن يقوم بعمله على اكمل وجه.
اما اكثر المجتمعات عرضة للعنف يضيف الدكتور فرحات ان جميع المجتمعات والطبقات عرضة للعنف الا ان الصور مختلفة واحيانا الاكثر فقرا اكثر حدة في العنف وهو تشويه للحياة والنفس ولذلك فان سلامة المجتمع هو بعنف اقل .
ومن التوصيات التي قدمها الاخصائيون ضرورة كسر المرأة لصمتها تجاه العنف الذي يمارس ضدها والوعي المجتمعي لهذه الظاهرة للحد منها وتحمل المؤسسات الاعلامية والدينية والتعليمية دورها في التوعية وايضا فتح مؤسسات ايواء للمرأة المعنفة،وايضا ان نعود لافضل ما في عاداتنا وديننا وخصوصا احترام المرأة وان نتجرعه وان نتعاطى به واحداث كسر لحلقة العنف من خلال التغيير الثقافي،اما تغيير القوانين يجب تعديل قوانين الاحوال الشخصية وقانون عقوبات متطور واقرار قانون لحماية الاسرة.