افكار على هامش مقال بصحيفة الوطن الكويتية عنوانه - فحص العذرية.. للزوجات العراقيات -



مالك بارودي
2012 / 7 / 8

نقلت صحيفة الوطن الكويتية تقريرا غريبا من نوعه عنوانه "فحص العذرية.. للزوجات العراقيات" بتاريخ 05-07-2012 (رابط المصدر: http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=206211) وإليكم نص المقال:

"تنظم بعض الدول المتطورة فحصا طبيا قبل الزواج يهدف للتأكد من سلامة المقبلين على الزواج من بعض الأمراض المعدية والتي تنتقل بين الزوجين بسهولة مثل التهاب الكبد الفيروسي والإيدز وبعض الامراض التناسلية، واتخاذ التدابير العلاجية المناسبة والوقاية اللازمة منها، فضلا عن منع تشكل الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية للمواليد.
في حين تأخذ بعض الدول إجراءات أعمق من مجرد إجراء الفحص الطبي، إذ غالبا ما يتم صدور أوامر قضائية في العراق تنص على وجوب اجراء النسوة العراقيات فحوص عذرية لهن عشية الزواج، او بعد الليلة الاولى، طالما سادت عند الزوج شكوك بصحة عذرية الزوجة.
وفي ذات السياق أوضح مدير معهد الطب العدلي في بغداد الطبيب "منجد الريزه لي" لوكالة فرانس برس أن "معظم الحالات التي يستقبلها المعهد تكون بعد اليوم الاول من الزواج، بعدما يزعم الزوج أن امرأته ليست عذراء، ومن جانبه أشار الدكتور سامي داود ان الرجال يظنون انه خلال الليلة الاولى يجب ان تكون هناك دماء، ويعتقدون انه اذا لم يحصل ذلك، فان الفتاة ليست عذراء، وطريقة التفكير هذه تدل على "ضعف الثقافة".
و في ذات الجانب أوضحت المستشارة في منظمة الشفافية الدولية ماريان مولمان أن مسألة فحص العذرية واجبار الفتاة على الخضوع لهذا الفحص من خلال المحكمة او عبر طرق اخرى، يشكل خرقا لحقوق الانسان لا يمكن تبريره، وإهانة و إذلال للمرأة."

ماذا يمكن أن نقول ردا على مقال كهذا؟ لست أدري... لكن أظن أنه من واجبنا توضيح بعض الأشياء.
نحن مع حرية إختيار المرأة أن تكون لها علاقات جنسية قبل الزواج، فذلك لا يخص أحدا غيرها، بما انها إنسان يجب أن يتمتع بكامل حقوقه. ثم لماذا يحرم الرجل العربي على المرأة العربية ما يجيزه لنفسه؟ أليست، مثل الرجل، لها حاجيات جنسية؟ فكيف يطالبها المجتمع بأن تصبر وتحافظ على ذلك الغشاء التافه في حين يحل الرجل لنفسه إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج سواء كان ذلك في دور الدعارة أو مع صديقاته؟ لماذا هذا النفاق؟ لماذا يكيلون بمكيالين؟
ستقولون لي أن المسألة مرتبطة بالنسب ولهذا فهي مهمة ومصيرية... لا أعتقد أنها مهمة إلى حد إستصدار قرار بفرض فحص عذرية على إمرأة... ليس للقانون مكان هنا، فهذا يتعلق بحرية الزوجة وحرمتها الجسدية، وقانون كهذا يعتبر إعتداء فاحشا على حريتها وحرمتها، ولو كان هذا برضاها... في حقيقة الأمر، لا أحد يمكن أن يتقبل أن يكون موضع إتهام، لذلك فمسألة رضا الزوجة على هذه الممارسات ليست إلا وهما... قد يظنون أنها راضية ولكن الحقيقة أنه، في مجتمعاتنا الذكورية، تجد المرأة نفسها مجبرة على الإنصياع لإرادة زوجها والتي هي في نفس الوقت إرادة المجتمع الذي تعيش فيه لكي لا تصبح مرفوضة ومستهجنة ولكي لا تتغرب في بيئتها وبين اهلها، فتتبنى نظرة الآخر وتخضع للفحص رغبة منها في تبرئة نفسها أمام أعين المجتمع الذي يزعم أن الشرف مرتبط بالعذرية. فتضطر المرأة إلى مسايرة المجتمع بكل ما فيه من ظلم لجسدها وإعتداء على حقوقها وحرياتها...
ثم أن التعلل بالنسب واهية لأن المرأة المتزوجة (والتي إفتض زوجها بكارتها بنفسه وتأكد من عذريتها) يمكنها في أي وقت إتخاذ عشيق والحمل وولادة طفل غير شرعي يصبح شرعيا لكونها متزوجة... فهي الوحيدة التي تستطيع معرفة حقيقة أبوة أبنائها.)
وحتى مسألة أن تكون شريفة أو عاهرة (اي أقامت علاقات جنسية متعددة قبل زواجها) واهية ويمكن تجاوزها بأقل التكاليف. فهناك اطباء يرتقون البكارة ويرجعون العذرية بمقابل. فما الذي يمنع المرأة من رتق بكارتها قبل زواجها؟ والطريقة شرعية مائة بالمائة. وفي هذا الصدد، يجب أن نذكر بأن شيوخ الأزهر قد أفتوا سنة 1987 بتحريم عملية رتق البكارة ثم تراجعوا عن هذه الفتوى بعد عشرين سنة ليقولوا (علي جمعة) بإباحة هذه العملية. وهذا التراجع معقول إلى أبعد حد، نظرا لأن كل معطيات الحياة (تأخر سن الزواج إلى ما بعد الثلاثين، تسارع نسق الحياة، العمل، غلاء المعيشة، إلخ) والعلم والمعرفة قد تغيرت فأجبرت رجال الدين على مراجعة مواقفهم متخذين حجة من القرآن نفسه وهي أهمية ووجوب "ستر" المرأة إن "أخطأت"... وهذا يتطلب الغش والكذب أو على الأقل إخفاء الحقيقة عن الزوج... فماذا لهذا الأخير أن يقول عن ذلك؟ (وفي حقيقة الأمر، لا يوجد في القرآن نص واضح يلزم المرأة بأن تكون عذراء قبل الزواج لكننا نجد في نفس الوقت آيات عن مريم العذراء والحوريات في الجنة ولذلك فهم العرب أن هناك تثمينا لمكانة العذراء والعذرية في المطلق... ثم لو أخذنا سيرة محمد لوجدنا أن من بين زيجاته المتعددة كانت عائشة العذراء الوحيدة...)
في نهاية الأمر، أرى من المخجل أن يتطور العالم كله وتتغير طرق التفكير في سائر أرجاء المعمورة ويبقى تفكير الإنسان العربي سجين ترهات مثل العذرية. هذا فعلا شيء مؤسف...

----------------
لقراءة المزيد من مقالاتي، الرجاء زيارة مدونتي: http://chez-malek-baroudi.blogspot.com