ينتهكون حرمة اجسادنا باسم العفة والعشيرة والدين ويمهّدون للقتل المنظّم للنساء



ينار محمد
2012 / 7 / 10

حول فحص غشاء البكارة الذي تقرّه المحاكم العراقية

تصطف يومياعشرات من النساء الشابات والفتيات المراهقات برفقة سجانيهم من الآباء ،او الذكور الاقرباء، على ابواب العيادات الطبية لغرض فحص غشاء البكارة من قبل كادر طبي؛ ويكون الوضع النفسي للفتاة آنذاك كوضع المحكوم بالاعدام والذي لن يرجع من غرفة الشنق الا بمعجزة. وحتى لو تمت المعجزة، تبقى الفتاة تعيش اثم واهانة تلك اللحظة التي سُمح خلالها لشخص غريب بان يتلمس ويتفحص بكل فظاظة جزءا حساساً وخاصاً بها من جسدها، تاركاً إنسانة في وضع حرج ترتجف خوفاً وذلاً من حكمٍ بالاعدام الاجتماعي، واحيانا اعدام فعلي ينتظرها في باب العيادة او في باب المحكمة من قبل مدّعي الشرف وغسل العار.

تصّر السلطات العراقية على تثبيت وتقوية ثقافة كراهية المرأة وجعلها دوناً عن الرجل بواسطة القوانين والاجراءات القضائية والتي لا تتعامل معها كونها مواطناً يتساوى بالحقوق مع كافة المواطنين، وانما بفرض الوصاية وحالة التبعية القانونية والاجتماعية عليها، وذلك بفرض ممارسات يندى لها الجبين من قبيل فحص اعضائها التناسلية من قبل الغرباء قبيل ليلة زواجها، لعلها كانت "مستعملةً" من قبل اشخاص لم تقرّهم العشيرة والنظام الاجتماعي الهمجي الذي يتاجر بالفتيات حسب المصالح المادية والمعنوية لذكور العشائر.

لا يزال ذكوريو المجتمع ينظرون للمرأة كملكيةٍ بل وسلعة يقتنوها ويريدونها جديدة غير مستعملة، ولا يهمهم كونها انسانة ذات مشاعر وكبرياء واحترام للذات مما ينكسر ويُهان بتجاوزٍ واعتداءٍ سافر من قبيل وضعها تحت ايدي شخص يسمح لنفسه ان يتفحص بفظاظة جزءا خاصاً جدا من جسدها، حتى ودون ان تكون موافقتها مسألة مطلوبة. ولذا يحتاج هؤلاء الهمج القوانين والاجراءات القضائية التي تعينهم وتبرر اعتداءهم على حرمة اجساد النساء دون الحاجة الى موافقتها.

ان الزواج والاقتران في المجتمعات المتطورة، بين المرأة والرجل، هو قرار لشخصين بعشرة حياتية يكتنفها الاحترام والمحبة المتبادلة، مما يوفر جواً من الألفة التي تستقبل اولادهم الى حياة ملؤها الحب والدعم العاطفي والاجتماعي. وعادةً ما تتكفل هذه المجتمعات تهيئة هذه الاجواء للشباب والشابات من الذين يسعون تجاه بناء عيش مشترك. في مسعى اجتماعي كهذا يتم تعامل المجتمع المتطور قانونيا وقضائيا مع الذكر والانثى على قدم المساواة بالحقوق والواجبات كونهم زوجين يسعون لربط حياتهما وتشكيل عائلة جديدة.

اما في المجتمعات الذكورية المتخلفة والهمجية بعض الشيء، فان القرار بالزواج هو بيد الذكر اولاً واخيراً، حيث تظل الانثى تنتظر ان تكون محل رضى الذكر وعشيرته بأكملها. وبعد انهاء مرحلة رضى العشيرة، يتقدمون لطلبها عارضين الاموال وكأنهم يشترون الخروف لذبحه في العيد. ومن ثم يتعاملون معها كبضاعة اشتروها، ولا يقبلون كونها مستعملةً استعمالا سابقاً-حسب فهمهم- ولذلك يسخّرون من الوسائل ما يذلل فحصها كبضاعة او قطعة اثاث يريدون التأكذ من كونها جديدة قبل "الاستعمال". ولذا يذللون من الوسائل القانونية والطبية لكي يهينونها ويشككون بما يسمونه شرفها، منذ الليلة الاولى لما هو يفترض ان يكون اسعد ليلة في حياتها. ويظلون يتعاملون مع المرأة المملوكة طوال حياتها بما يضمن كونها ملكية خاصة للزوج وعشيرته، وكذلك وسيلة لانتاج اولادهم هم وليس اولاد الآخرين.

تسعى حكومة المالكي الى منع تقدم المجتمع الى الأمام بل وسحبه قروناً الى الوراء بفرض قوانين وقضاء وطب كراهية النساء وفرض دونيتهم بواسطة التشريع لفرض فحص غشاء البكارة للمرأة عشية الزواج. ويريدون بذلك تحويل اكثر من نصف المجتمع الى عبيد يتم اقتيادها الى غرفة الفحص لكي ينتظرها سكين ذبح "قليلات الشرف" على الباب. وذلك من نهج السلطات البرجوازية التي تلهث لفرض قوانين تهميش اجزاء كبيرة من المجتمع لكي تمارس سياسة فرق تسد، ويسهل عليها السيطرة على طرفين يعيشان نزاعا اجتماعيا مستمرا.

ان قوانين وممارسات فرض فحص البكارة على النساء اجراء همجي يخلو من كل شرف انساني، ولا يليق بتمدن حضارة عالمية تحترم الانسان لانسانيته وترفض تمييز المرأة عن الرجل.

تدعو منظمة حرية المرأة في العراق السلطات القضائية للتراجع عن هجماتها بالضد من المرأة وتشريعها لاوامر قضائية تسمح بالاعتداء السافر على اجساد وكرامة الفتيات والنساء باسم الشرف والعفة والدين. كفاكم تعاملاً يخلو من اي شرف انساني مع النساء.

ان المرأة في العراق لن ترضى ان تكون اقل من الرجل بنظر القانون والقضاء والمؤسسات التنفيذية.

لن تسكت منظمة حرية المرأة على اجراءات همجية من هذا النمط بل وستتقدم بشكاوى الى المحاكم الدولية كون الحكومة العراقية تمارس وبشكل سافر اعتداءً منظماً على اجساد النساء وعلى كرامتهم باسم شرف وعفة العشائر وذكوريي المجتمع، بل وتقوم بالتمهيد لحالات قتل النساء من قبل همجيي المجتمع وبدون محاسبتهم لاحقا، اذ انهم لم يتناسوا ايضا ان يكرسوا قوانين قبول قتل النساء.

ستظل المرأة العراقية تناضل من اجل حريتها ومساواتها بالرجل.
ولن تخيفنا هجماتكم وتثنينا عن مطالبنا المشروعة.