لا حرية للرجل من دون حرية المرأة



حمزة الشمخي
2005 / 2 / 15

منذ البداية ، منذ اللحظة الأولى ، ظهر على هذا الكون، المرأة والرجل ، ولكن دون تفرقة .. دون تمييز ، وقبل أن تظهر مرارات الظلم الإجتماعي، لكي تلحق ألأذى بعد ذلك، بهذا الطرف أو ذاك ، وأن يغلف هذا الظلم ببعض العادات والتقاليد والقيم المتخلفة ، والتي منبعها العنف والتبعية وحب السيطرة على الطرف الآخر .
وبعد هذا، وعندما كانت المرأة في فترات تاريخية معينة ، هي صاحبة القرار والنفوذ وإدارة الشؤون الحياتية كباقي البشر من الرجال ، أو تفوقهم أحيانا في الكثير من المجالات ، والشواهد التاريخية كثيرة ، ولا نريد التركيز عليها في هذه السطور ، بقدر مانريد أن نتطرق، لبعض المفاهيم والقضايا التي تهم المرأة في وقتنا الحاضر .
حيث أن كلنا يعرف ، بأنه لا يمكن الحديث عن تحرر أي مجتمع دون تحرر المرأة ، أي بمعنى أن تحرر المرأة يعني بالضرورة تحرر ذلك المجتمع ، ولكن يمكننا أن نقف أمام مقولة ومفهوم بإعتبار ( المرأة نصف المجتمع ) ، فلذلك ومن هذا المنطلق يجب أن تتساوى مع الرجل، هكذا طرح في الماضي ويطرح ويتجدد اليوم.
أرى أن هذا المفهوم، يقلل من قيمة وأهمية ومكانة المرأة كإنسان ، لأن التعامل معها وفق المعادلة النسبية والحسابية العددية، يلغيها ككائن بشري على هذا الكون ، لأن وجودها وحضورها ومساواتها ومشاركتها الرجل في الحياة ، لا يحدده إطلاقا ( النصف والربع )!! ولا حتى 5% من المجتمع ، وأن الذي يعطيها الحق، كل الحق ، هو كونها إنسان لا يختلف في الحقوق والواجبات عن الرجل في كل زمان ومكان ، ومهما تتغير الظروف والدساتير وألأنظمة والحكام .
لأنه يجب أن ينظر الى المرأة كالرجل، حتى لو كانت إمرأة واحدة في مجتمع يسوده المئات من الرجال ، وليس أن نطالب بمساواة المرأة والرجل، إلا إذا كانت المرأة في مجتمع ما، تشكل نصف ذلك المجتمع، أو أقل منه قليلا أو أكثر ، هذا هو بحد ذاته، تمييزا ما بين المرأة والرجل ، ومن هنا أن فرق العدد ما بين النساء والرجال في المجتمع ، لا يعني شئ بالنسبة للحريات والمساواة بين البشر .
أما بخصوص المساواة من خلال أعطاء المرأة، نسبة معينة محدودة ودورا جزئيا في العملية السياسية وفي كل الشؤون العراقية المختلفة، مثل الوزارات والجمعية الوطنية والمؤسسات والدوائر .... ما هو إلا إجحافا بحق المرأة وقدراتها وإمكانياتها ودورها المتميز في المجتمع ، حيث کأنها تمنح مناصب ووظائف مكرمة من الرجل ، وليس هذا هو حقها الطبيعي ، والذي يجب أن تحصل عليه، بعيدا عن النسبة والتناسب والحصة والمحاصصة، والتي بدونها لا يمكن أن تحصل على أي شئ ، إلا وفق هذه المعادلة البائسة ، وليس على أساس النزاهة والكفاءات والقدرات والإمكانيات والمهارات التي تتمتع بها المرأة، والتي بموجبها يمكن أن تكون في هذا المكان المناسب أو ذاك بدلا عن الرجل أو سوية معه .
إننا يجب أن نجعل من المرأة شريكا حقيقيا في الحياة، والتي بدونها لايمكن أن تستمر وتتطور، لأن الحياة هي التي تفرضها بقوة، ولا يمكن تجاوزها بقرار من هذا وفتوة من ذاك .
وأن نبدأ بكل شجاعة وجدية وإخلاص، بتحطيم أسوارالتعصب والجهل والظلامية، وبعض العادات والتقاليد البالية وإلغائها للأبد ، والعمل على سن قوانين تحفظ حقوق المرأة والرجل في آن واحد، وإلغاء كل القوانين والتشريعات التي لا تعطي للمرأة حقها في الحياة، وأن تسود حياتنا ثقافة العلم والتطور والإنفتاح، وروح العصر الحضارية التي تخدم الإنسان، وتلبي متطلباته اليومية، وتحقق سعادته وتبني حاضره وترسم مستقبله .
وأن يساهم الجميع في صياغة ورسم وكتابة الدستور الدائم، بمضامين تقدمية تأخذ بنظر الإعتبار حركة الحياة وتطوراتها وتفاعلاتها، بعيدا عن النصوص الجامدة والجاهزة، والتي لفضتها وتلفضها الحياة يوما بعد آخر .
وأن المساواة والعدالة الإجتماعية يجب أن تسود الجميع، دون تمييز بين المرأة والرجل، وأن تبدأ من البيت والشارع والمدرسة، قبل أن تأخذ دورها الفوقي والشكلي أحيانا في الوزارة والبرلمان ... ، لأن حرية المرأة ومساواتها مع الرجل لا تتحقق من خلال وجودها وحضورها في هذه المؤسسات العليا فقط .
بل ينبغي أن تكون حالة حياتية يومية ، وهذا يتطلب التثقيف الدائم وفي كل وسائل الأعلام المختلفة ، والإستفادة من تجارب الشعوب ومكتسباتها الإنسانية .
حيث إنه لا يمكن حتى الحديث، عن العمل والنضال من أجل الديمقراطية والإستقلال والسلام والأمن والبناء ... دون مشاركة المرأة ومساهمتها الفعالة في كل مفاصل وشؤؤن كيان الدولة العراقية .