نحن النساء : برتقالة وقديسة ..



بشرى ناصر
2005 / 2 / 16

مع تزايد حوادث التفجير والسيارات المفخخة ؛ والتي امتدت للكويت ... بات السؤال مفزعاً أكثر من ذي قبل خاصة بعدما ارتبطت كل عمليات نشر الذعر (بالملتحين الملثمين) أو بمعنى أدق : الإسلاميين .
فمقولة ابن لادن القريبة العهد ( يريدون تجريدنا من رجولتنا ) وما نراه سابقاً ولاحقاً من تحولات كبيرة تصب كلها في النهاية في مصب واحد هو (الإسلام ) فهل إسلامنا نحن يختلف عن إسلامهم ... ؟
أقصد إسلام من هم على شاكلة سيد قطب ومن نحى نحوه ؛ الماضون في سياسة تكفير كل شيء بدءاً بالأفكار وإنتهاء بالمجتمعات ؟ تلك التي تبناها من قبل (الأخوان المسلمون) الجماعة السياسية أكثر منها جماعة دينية ؛ وظلت مطاردة منذ نشوئها لما حملته من انتهازية واستغلال ؛ مستمدة وجودها من منازعات وخصومات تتشكل تبعاً للمواقف العامة في كل دولة وقطر ؛ السؤال المفزع المتولد من كل مسلسل الرعب هذا والذي يجعل الإسلام كدين( يصلح لكل زمان ولكل مكان ) بدا كشيء مختلف لا علاقة له بما نراه اليوم من سعار وجنون يجعل من العالم برمته ذبيحة قريبة من نصل الجزار ... فالإسلام الذي مارس طقوسه وتفاصيله أباءنا وجداتنا لا علاقة له بجرائم الشرف ؛ ولا الدعوات المرتفعة الصوت للحجاب بالابتزاز ؛ فهل ترتبط الرجولة القادمة على مقاس ابن لادن بالدم (ثالث المحرمات) ؟
وهل (التمركز) حول الأنثى هو الإسلام ؟ وعبر العصور ؟ فقراءتي للواقع المستجد الذي يضع الإسلام كدين مبشر بالعدالة والخير والتسامح موضع خطاب عصابي وشعارات رهابية قادني لمحاولة القبض على ما هو ملتبس وغامض والذي تنصب نتاتج هذا الخطاب العصابي علينا نحن النساء بالدرجة الأولى ؛ وليمثل شفرة إضافية تتوجه على رقابنا نحن مباشرة .
فكلما ارتفعت وتيرة حوادث الذعر والتخريب كلما تردى الخطاب الموجه للمرأة ؛ وتم التركيز أكثر على الجسد والابتذال في كل ما يصلنا عبرما يصرون على تسميته (فن وثقافة) ... فما علاقة الاثنين بموضوع الإسلام ؟ أقصد ماهي العلاقة بين (البرتقالة) باعتبارها الأغنية الأكثر إثارة للرغبات الحسية .. و السعارالمطل علينا من الدين ... ما علاقة المملكة العربية السعودية المحتضنة لأطهر بقاع الدنيا على الإطلاق ورجالها المشغولون بالجنس ؛ (بناء على إحصائية قدمها مساعد مدير وحدة خدمات الإنترنت والتي توضح لنا : أن 69 ,92 % من السعوديين يتصفحون مواقعاً إباحية) ؛ ما علاقة ما حدث في معتقل (ابو غريب) من انتهاكات إنسانية للنساء العراقيات دمرتهن نفسياً وجسدياً ومع ذلك ذبحن غسلاً للعار .... أصلاً : ما علاقة النساء بشرف الرجال ؟ ولماذا يصبح شرفهم عندنا نحن النساء ؟
لماذا نرتبط نحن النساء في الحروب والسلام( ببيضة الشيطان) وبذرة الشيطان لنصبح موطناً للخطيئة ونتيجة لتواطيء الذكور مع الخطيئة ؟
حاولت طويلاً التوقف عند هذه الأسئلة التي فجرها السؤال الوارد في أعلى المقالة ... فاكتشفت : أن النظر للنساء كموضوع( شبقي ) أو EROTIC يجعل من تحجب النساء وتنقيبهن موضوعاً غير قادر عن حل المشكلة ... إذ كلما ازدادت هيمنة الذكور كلما تراجعت أهمية النساء وبالتالي النزوع لتهميشهن عبر الأغطية والتحجيب والتنقيب ؛ وفي المقابل تخرج الجماعات الدينية في كل مرة عبر التاريخ مستخدمة موضوع المرأة كسلاح قوي فتاك تلوح به ؛ مستغلة بذلك الجنس كغريزة ؛ فالدعوات الدينية المتشددة لغطاء المرأة وتكفينها بالحجب يضعنا قبالة ترميز المرأة القوي للجنس ولتصبح رمزاً للشرف والعرض أهم بكثير من الرموز الأخرى في ذاكرتنا وثقافتنا ووجداننا ... أهم حتى من الوطن نفسه والقيم الأخرى الجميلة كالعدل والمساواة وحقوق البشر ؛
لنستخلص أن استخدام النساء دائم ومستمر وعبر العصور العربية المسلمة كسلاح دائم وناجح لتخويف الذكور الذين تسيطر عليهم (اسطورة الفحولة والذكورة) من فكرة (الديمقراطية ) باعتبارها تجلب الشرور والويلات أو بمعنى أصح تجلب الانحلال والفساد المرتبط دوماً بعورة المرأة .... ولذا يقبل ذكورنا المبجلون (العرب) على الديكتاتورية ويقبلون بها طالما تمثل الحصن الآمن لنا نحن نساءهم ... فالديكتاتورية (تعيّن) دوماً في صفوفها رجالاً ملتحين في صفوفها يخدمونها بولاء شديد ليطول عمرها ويستمر مجدها ؛ وهكذا تستمر اللعبة ؛ حتى تحتضر الديكتاتورية وتصبح غير قادرة على الاستمرار والتواصل يلوح أصحابها والمحتضنين لها ورقة (الدين ) ملوحين بها ؛ موجهين عنفها نحو المرأة تحديداً ... هكذا يمضي العالم ... فبينما تجتاحنا التطورات والتحولات العالمية المرتبطة بالعولمة والتي تحركها شركات متعددة الاستيطان ومجموعات مالية وصناعية مهيمنة على العالم ؛ نمضي نحن بخوف شديد نحو العولمة مقدمين خطوة ومؤخرين خطوة ... نقبل على مفردات الصناعة بنهم شديد وننبهر بالخلاطات المعدنية الهادرة ونرقب بإعجاب خجول الثقافة الغربية الماكرة التي تخلق الأشباه والنظائر وتعيد ترتيب الهندسة الوراثية ؛ جنباً الى جنب مع مخاوفنا القديمة من التغيير والمرتبط دوماً بالدونية والتقزم واحتقار الذات ... وكأننا كلما مضينا نحو التطور بأقدامنا كلما مالت أرواحنا للانعزال والانغلاق والذي يطالنا نحن النساء بالدرجة الأولى بالأفكار الفاشية؛ والتي تصنف النساء دوماً صنفين وفئتين : صنف القداسة والشرف لأخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا ومن يرتبطن معنا برباط الدم والنسب ؛ وصفة السقوط والعهر لمن لا يعنيننا من النساء اللائي على شاكلة (البرتقالة) أو أية امرأة تقدم لجسد ذكورنا المتعة والراحة ... فجسد المرأة العربية على امتداد الزمن مذل ومهان لأنه يعلن عن نفسه مرة ... ومبرمج اجتماعياً ؛ ولذا أيضاً نرى وعينا الجنسي مرهفاً ؛ ونرى أبرز (ثيمة) في ثقافتنا هي الجنس .... ولذا أيضاً : نتبادل نحن العرب النساء (كجواري)أو هدايا في السلم ... ونستبيحها ونسبيها في الحروب ... بعد كل ذلك السرد الطويل أريد أن أستخلص أن وضع المرأة العربية ك (ثيرمومتر) للمجتمعات يجعلها مسؤوولة مسؤولية كبيرة عن انتشال المجتمعات العربية مما هي عليه فهن وحدهن قادرات على التغيير وتحوير الواقع والذي يبدأ بخطوة أساسية : فهم الواقع فهماً عميقاً فنحن النساء حتى اللحظة لا نتحرك ولا نخطو خطوة دون قرار سياسي .