حجب الحريات وسفور ايديولوجيا الاقصاء



احسان جواد كاظم
2012 / 9 / 5

كما دلق حبر اسود على ورق نشّاف ابيض, يواصلون قضم مساحات جديدة لمد سلطانهم وتكريس نمط حياة واحد اوحد لاينتمي لروح العصر, بفرض الحجاب وكأنه ركن من اركان الاسلام لايستقيم بنيانه الا به... بتكفين النساء بالسواد وهن احياء.
فالقرارات الاخيرة المتعلقة بمنع غير المحجبات من دخول مدينة الكاظمية لاتستند الى اساس دستوري او قانوني قط بل هي تتناقض معهما.
فالمادة 10 من الدستور العراقي تنص على " ان العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية, وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها, وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها".
اي ان قدسية هذه الاماكن محددة داخل اسوارها, لكنهم " يبغونها عوجا"* فقد ارتأت الحكومة المحلية لمحافظة بغداد شمول المناطق المحيطة لهذه الاماكن بالقدسية, وعلى هواها.
وكان رئيس لجنة الاوقاف النيابية علي العلاق قد صرح ل" شفق نيوز ": "ان الحكومة المحلية لمحافظة بغداد اتخذت قرارا طبقا للصلاحيات المعطاة لها بمنع دخول السافرات الى المنطقة المحيطة بالامام موسى الكاظم, كون مدينة الكاظمية مدينة مقدسة".
ولا نعرف هل حماسة السيد النائب في البرلمان العراقي لفرض الحجاب ام جهله بالمضمون الحقيقي لبنود الدستور جعلته يوسع مجال القدسية ولم يكتفي بالمناطق المحيطة ويصرح: " ان الدستور العراقي في المادة 10 والمادة 43 اعتبر ان المدن المقدسة ( لاحظوا المدن المقدسة اكرر المدن المقدسة وليس العتبات المقدسة والمقامات الدينية كما جاء في الصيغة الاصلية للدستور ) هي كيانات مقدسة دينية تحترم وتراعى وعلى الدولة ان تراعي حرمتها".
وتناغم مع هذا الطرح أمر احد الضباط الكبار, الذي لابد وان يكون ممن يصلون وراء من غلب , والذي ازعجه رؤية سيدة سافرة تتبضع في اسواق الكاظمية, بمنع السافرات من دخول المدينة عموما لنفس السبب... قدسيتها.

ولاندري لماذا استند السيد عضو مجلس النواب الى المادة 43 من الدستور التي تنص على :" أولا :اتباع كل دين او مذهب احرار في أ- ممارسة الشعائر الدينية , بما فيها الشعائر الحسينية.
ب – ادارة الاوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية, وينظم ذلك بقانون.
ثانيا : تكفل الدولة حرية العبادة وحماية اماكنها,
فالسفور ليس ضد حرية العبادة وممارسة الشعائر ولا يشكلن السافرات خطرا على العتبات الدينية والذي يستدعي تدخل الدولة لحمايتها منهن.
والقدسية التي يسعون لفرضها على مدن معينة, بكل ماتحويه هذه المدن من تناقضات ,هي ضرب من ضروب التأسيس لوثنية جديدة. وقد ثلمتها ممارسات رجال دين قبل غيرهم, فقد تداولت مواقع الانترنيت مشاهد تعذيب رجال أمن عراقيين لشابة, احدى ضحايا رجل دين, محجبة من اخمص قدميها الى قمة رأسها, قتلته بعد ان تنكر لوعوده لها بالزواج وبعد ان نال من عفتها ثم رماها لمصير مجهول. ( انظروا مقالنا" من هي الضحية... ضاعت علينا القضية !).

ان استثارتهم بمجرد وجود امرأة سافرة او حتى شاب ببنطال قصير تعني بالتأكيد ان تدينهم وورعهم زائف وما هو الا مظهر مرآئي غرضه التغرير بالبسطاء من المواطنين بينما هم حقيقة يتفجرون شبقا مرضيا .

لقد كان لفوضى الصلاحيات والمسؤوليات في ظل غياب القانون وهشاشة البناء المؤسساتي للدولة دوره في جعل كل من هب ودب ادعاء حيازته على السلطات وجلد المواطن بقرارات قرقوشية استبدادية... فقرارات الحكومة المحلية, اية حكومة محلية لاترقى الى مستوى قانون لاسيما اذا تعلق بالحريات العامة والشخصية وليس بتنظيم الحياة الادارية في المحافظة وتقديم الخدمات . والدستور وبنوده اهم واعلى من اي قرار او قانون, هذا طبعا في الدول الديمقراطية والتي يفترض ان العراق احدها.
وفي الوقت الذي يجري رفع لافتات ,لايعرف من وراءها, في مدخل مدينة الكاظمية وقرب السيطرات الحكومية ترحب بالقرار الحكومي القاضي بمنع غير المحجبات من دخول المدينة, تقوم جهات حكومية بمنع رفع لافتات تدين تجاهل القوى المتنفذة في السلطة لقرار المحكمة العليا ببطلان قانون الانتخابات الجائر الذي سطى على اصوات الناخبين وحولها لصالح قوى المحاصصة الفاسدة.
وقد اصبح واضحا ان اثارة هذه الدعوات بين وقت وآخر ما هو الا للفلت الانظار عن فشل حكومة المحاصصة في تطمين ابسط الحاجات المعيشية للمواطنين وهي اضافة جديدة الى سجل حافل من ممارسات واجراءات الحد من الحريات والتدخل في الشؤون الشخصية والتي كفلها الدستور.

وقد قالها الامام الصادق بحقهم:" لاتغتروا بصلاتهم وصيامهم, بل اختبروهم بصدق الحديث واداء الامانة".
اختبرناهم وحصلوا على أعلى درجات الفشل... صفر.

* آية قرآنية