ناقصات (أم ناقصون)..عقل ودين؟



فاتن نور
2005 / 2 / 26

( من جزأين.. الجزء الأول)
النساء ناقصات عقل ودين.. هي احدى تلك المقولات التي نالت حظا وافرا من الانتشار بين مجتمعاتنا وعند الرجال على وجه الخصوص،وللأسف هي مطروقة جدا من قبل المسلمين بنوعيهم، النوع الذي اسلامه ليس اكثر من كلمة موجودة في بطاقته الشخصية ،والآخر الذي يجيد اداء الفرائض والدارس أو المطلع على ما جاء في شريعة الله وسنته النبوية،وطبعا لكل قاعدة استثناء فهناك من الرجال الكثيرون اللذين لا يرددوا المقولات كالببغاوات،لنعود الى اصل تلك المقولة ونتسائل: هل هي مقولة لأحد المشاهيرعبرالتاريخ ام أحجية متناقلة ام انها حديث نبوي شريف؟ طبعا الجواب قد لا يختلف عليه اثنان فتلك المقولة نسبها التاريخ الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما هو معروف، وهي من ضمن المعارف المتوارثة والمسلم بها بلا جدال او ببعض منه وبشكل مضطرب، فقد قيل( وكثرما يقال) بأن الرسول قالها أثناء مروره بمجموعة من النسوة كن يتحادثن، وقد قالها بالشكل التالي حسب مارواه البخاري ومسلم:
"يا معشر النساء تصدَّقن، فإنِّي رأيتكنَّ أكثر أهل النار"، فقلن: وبمَ يا رسول الله؟ قال: "تُكثِرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهب للُبِّ الرجل الحازم من إحداكنّ"
لنفترض ان ما نقله التاريخ حول تلك المقولة ومرجعيتها صحيح ونتسائل ماهو محور النقص في العقل والدين لدى المرأة؟ طبعا الأجوبة موجودة سلفا وقد لا تخفى على احد ، حيث يتم تعليل نقص العقل عند المرأة بعاطفتها الجياشة والتي قد تقف حائلا دون اتخاذ القرارات السديدة في مختلف جوانب الحياة هذا من ناحية، وشهادتها التي هي مثل نصف شهادة الرجل من ناحية اخرى، جميل جداً ان تكون العاطفة هي نصف دائرة السبب في نقص العقل!.. اما بالنسبة لنقص الدين فطبعا يربط بكونها تحيض ، حيث تتوقف عن اداء الفرائض من صلاة او صيام وغيرها، حسنا .. السؤال هنا هو: هل الرسول صاحب الخلق العظيم اراد ان يحط من قدر النساء ويكسر قلوبهن لاسيما وحسب ما يحكى بانه قال تلك المقولة في يوم عيد، ام كان خطابه موجها لمجموعة من نساء المدينة وكن غالبيتهن من الأنصار وربما قالها من باب العظة الممزوجة بالملاطفة وللنسوة اللائي مرّ بهن على وجه التحديد وليس لعموم نساء الأرض، فهي ليست قاعدة عامة للتعميم والمداولة هذا ان كان قد قالها اصلاً!!،لو مر احدكم في المقاهي على سبيل المثال ووجد مجموعة من الرجال يتصفحون مجلات اباحية وكون المقهى مكان عام وغير مناسب لتصفح مثل هذه المجلات فخاطبهم بقوله:كم انتم فاسقون ايها الرجال..هل هذا يعني أن نتناقل تلك المقولة ونعممها على كل الرجال؟،لماذا ينقل الكلام ويتداول ولا ينقل معه الظرف والموقف ليتداولان كوحدة تاريخية واحدة لا يجوز تفريطها ام هناك من هم ناقصون عقل ودين ولعبتهم تفريط المقولات عن ظروفها؟
لنعود الى التحليل وبمنطق متسلسل وبسيط جدا:
خلقني الله، خلق لي دورتي الشهرية (انا لم اشتري دورتي من احد المتاجر للسمر الشهري)،جاءت توجيهاته على إعفائي من اداء الفرائض خلال فترتها، وجاء التنفيذ من قبلي فأنا انقطع عن اداء فرائضي الدينية خلال الدورة طاعةّ لربي،هل في هذا ولاء وتكامل في الطاعة والعبادة ام نقص؟ أم ان العبادة مباراة رياضية تحسم لصالح من يسجل الرقم الأعلى..هل هي مسألة حسابية تقرن بالعمليات الأربعة؟وكيف يمكن ان نعقل بأن الرسول قد اساء للمراة بهذا الشكل وبنفس الوقت كانه وجه نقدا لخلق الله حين يتهم النساء بنقص الدين وهن سائرات على ما جاء به من توجيه بشان الدورة ؟هل من يطبق شريعة الله يصح ان نتهمه بالنقص؟وهل ستتهم المراة بالعصيان وربما الغباء! لو قامت بفرائضها خلال الدورة؟ تنفيذ المراة لما جاء به الله بخصوص دورتها هو طاعة وعبادة وايمان بالتعاليم المنزلة فكيف يراها الرسول نقصا؟ نقل الينا من التاريخ ما أٌريد له ان يٌنقل وأغفل ما أُريد له ان يُغفل، فقد ذُكر بصدد تلك المقولة بأنها نُقلت عن الرسول بعد وفاته بأكثر من قرن فهل تم تناقل تلك المقولة إن قيلت فعلا بدون تحريف؟ والله أنا لا استبعد أن يكون ما وصلنا من تلك المقولة هو مقلوب رأسا على عقب وقد يكون الرسول قد مر وقتها بحفنة من النساء فانبرى لهن أحد مرافقيه ونهرهن لتخفيض اصواتهن وتحجيب رؤوسهن فنهره رسول الله بقوله: دع النساء وشأنهن فهن عارفات بما يفعلن فهن لسن ناقصات عقل ودين...أقول ربما فقط! سؤال اخير قد يطرح نفسه وهو لماذا نقل الينا مقولات متفرقة قالها الرسول في مواقف معينة ولها دلالاتها المحددة بتلك المواقف ولم تنقل الينا خطبه التي كان يلقيها ايام الجمع وامام جموع غفيرة من البشر؟ ، وبلاشك مجال التحريف والتشويه اقل مع اي خطاب يلقى امام العامة .
لنعود الى نقص العقل الذي يربط بعاطفة المرأة وشهادتها حيث يشار الى نقص عقلها بشهادتها التي ارادها الله ان تكون نصف شهادة الرجل ولا اريد ان اطيل في موضوع الشهادة حيث ينطبق عليها ما ينطبق على الدورة الشهرية من تساؤلات منطقية ولا يجوز ان نضع تطبيق شريعة الله اكليل نقص فوق رأس المراة، ولله حكمه في وضع ما وضع من توجيهات،ومن غير المنطق ان ينعت الرسول المرأة بشكل عام بنقص العقل لأن الله اراد لها ان تكون بشهادة النصف ففي ذلك تشويه لأرادة الله، ولم ينعت الله بكتابه النساء بالنقص فكيف لرسوله ان يفعل، لذا سأركز على المراة والعاطفة والنقص العقلي في الجزء الثاني لنرى كيف يفسر نقص المرأة بحجة العاطفة.

فاتن نور

05/02/25