الاناء الاضعف - هل هى اهانة للنساء ؟



مجدى زكريا
2012 / 9 / 17

" لماذا يحكم فى النساء حسب جنسهن عوضا عن خبرتهن , مقدرتهن وذكائهن ؟ " بتى أ.
" تكيف النساء لكى يعتقدن انهن مخلوقات ادنى. " - لين ه.
هل تحط عبارة الكتاب المقدس " اناء اضعف " من قدر النساء ؟ ان الاية فى الكتاب المقدس التى نحن بصددها هى بطرس الاولى 3 عدد 7 , التى تذكر : " بطريقة مماثلة ايها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الاناء النسائى كالاضعف معطين اياهن كرامة كالوارثات ايضا معكم نعمة الحياة حتى لا تعاق صلواتكم. "
عندما كتب بطرس هذه الكلمات الى رفقاءه المسيحيين , كانت حقوق النساء قليلة جدا , ليس فقط فى العالم الوثنى القديم بل ايضا بين المجتمع اليهودى المرتد. فهل كان بطرس والمسيحيون الاولون يؤيدون النظرة الى النساء التى كانت سائدة انذاك ؟
كيف فسر قراء كلمات بظرس فى القرن الاول عبارة " اناء ضعيف " ان الكلمة اليونانية المنقولة الى اناء " سكوس " استعملت مرات عديدة فى الاسفار اليونانية وتشير الى مختلف الاوعية , وعندما دعا بطرس النساء بالاناء الاضعف لم يكن يحط من قدر النساء , لأن العبارة دلت ضمنا ان الزوج هو ايضا اناء رقيق او ضعيف. وتستعمل ايات اخرى فى الكتاب المقديس لغة مجازية مماثلة لتشير الى النساء والرجال على السواء. مثل " اوان خزفية " و " انية رحمة " صحيح ان بطرس يصف النساء بانهن الاضعف بين الجنسين. ولكن تستعمل رومية 5 عدد 6 الكلمة ضعيف لتطبقها على كل البشر - الذكور والاناث. لذلك لم تعتبر هذه الكلمة ازدراء بالنساء.
وعوض ذلك. اعتبرت كلمات بطرس ترفيعا لمكانة النساء. ففى زمن بطرس نادرا ما كان يوجد احترام للنساء. وكما سبق ورأى الله منذ زمن طويل , كثيرا ما ساد الازواج واساءوا الى زوجاتهم جسدديا , جنسيا , وعاطفيا. وهكذا دلت ضمنا مشورة بطرس للازواج فى الواقع على ما يلى : لا تستغلوا القوة التى اعطاها المجتمع العالمى للرجال.
وكلمة اضعف كانت تشير لا الى الصفات العاطفية بل الجسدية. الرجال هم انية ضعيفة والنساء هن انية اضعف. وكيف ذلك ؟ ان الرجال من حيث بنية العظام والعضلات , ممنوحون عادة قوة جسدية اكبر. ولكن ليس هناك دليل عن ان بطرس كان يصنع مقارنة فى ما يتعلق بالقوة الادبية , الروحية , او العقلية. اما من حيث ردود الفعل العاطفية للحوادث , فقد يكون من الافضل حقا وصف النساء بانهن مختلفات عن الرجال. وليس بالضرورة اضعف او اقوى. ويصف الكتاب المقدس الشخصية الادبية القوية , الاحتمال , والفطنة عند النساء اللواتى اتبعن طريق الله - مثل سارة , دبورة , راعوث , واستير , هذا اذا ذكرنا القليل. والرجال المتواضعون لا يجدون صعوبة فى الاعتراف بأن النساء يمكن ان يكن اذكى منهم.
تأملوا فى هذا المثل , شخص لديه وعاءان نافعان , واحد وصلب , والاخر اقل صلابة. فهل الوعاء الثانى هو بطريقة ما اقل قيمة لأنه ليس صلبا كالاول ؟ فى الواقع, ان الوعاء الاقل صلابة يعامل عادة باعتناء وكرامة اكثر من الوعاء الاصلب. لذلك , هل المرأة ذات قيمة ادنى لأنها تملك قوة جسدية اقل من الرجل ؟ بالتأكيد لا. يستعمل بطرس العبارة اناء اضعف , لا ليشوه سمعة النساء بل ليعزز الاحترام لهن.
يلزم الازواج ان يعرفوا زوجاتهم جيدا - مشاعرهن , قوتهن , حدودهن , ما يحببنه , وما لا يحببنه. ويلزم ان يعرفوا كيف يحترمون ذكاء , خبرة , ومنزلة زوجاتهم. حض الكتاب المقدس الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فانه لم يبغض احد جسده فط بل يقوته ويربيه. افسس 5 عدد 25 و 28 و 29.
ذكر ايضا بطرس انه يجب على الازواج ان يعطوهن كرامة. وفى اليونانية ينقل الاسم تيمه معنى الكرامة , الاعتبار , القيمة , الكينونة نفيسا. وبكلمات اخرى , اعطاء الكرامة ليس مجرد معروف بل اعتراف بما يستأهلنه.
طبعا. لم يعتبر الله النساء مجرد تحف. ففى اسرائيل القديمة , كانت شرائع الله تنطبق بقوة متساوية على كل من الرجال والنساء فى كل شئ. والام كالاب , كان يجب ان تكرم وتطاع.
والاعداد 10 الى 31 من الامثال الاصحاح 31 تظهر الاكرام للمرأة الفاضلة بسبب امانتها , كدها , وحكمتها فى الاعتناء بمسؤولياتها الكثيرة. وكانت تقدر كما يجب بسبب اشتراكها فى تولى شؤون العائلة , الى جانب المسائل المالية الاخرى. وكم يختلف ذلك عن موقف بعض الرجال الذين يعتقدون ان النساء هن مجرد حلى للزينة. وفيما بعد , فى الجماعة المسيحية الباكرة , جرت تقوية النساء بالروح القدس كشاهدات للمسيح. لذلك يجب ان يظهر الزوج بأعماله , علنا وسرا على السواء , انه يعطى زوجته كرامة.
طوال التاريخ. غالبا ما كان الرجال يعتبرون ان النساء يستأهلن القليل من الاكرام او الاحترام - كعبد. او مجرد وسيلة لارضاء الرجال. والمفهوم المسيحى لاعطاء النساء الكرامة يرفعهن بالتأكيد الى مستوى اعلى من الاحترام. تذكر ملاحظات بارنز حول العهد الجديد ان نصح بطرس " يحتوى على حقيقة مهمة جدا تتعلق بالجنس الانثوى. ففى كل نظام دينى اخر غير النظام المسيحى , كانت المرأة تعتبر من جميع الاوجه اقل شأنا من الرجل. والمسيحية تعلم . . . انها تستحق ( المرأة ) كل الامال والوعود التى يمنحها الدين . . وهذه الحقيقة الواحدة ترفع الجنس الانثوى فى كل مكان من الخزى. وتضع فورا حدا لنصف الافات الاجتماعية للجنس البشرى. "
والجزء الاخير من كلمات بطرس " كالوارثات ايضا معكم نعمة الحياة لكى لا تعاق صلواتكم. " يظهر فيها ان الزوج الذى يسئ معاملة زوجته يؤذى علاقته بالله , اذ تعاق صلواته.
والكتاب المقدس يأمر الرجال المتزوجين والعزاب على السواء باعطاء الكرامة للنساء , لا معاملتهن كأشخاص ادنى. والرجال والنساء الذين يعبدون الله بصدق والذين يكرمون واحدهم الاخر سينالون بركات سخية من يد الله.

.