صراع البنات والصبيان متى ينتهي؟



مكارم ابراهيم
2012 / 9 / 22

ربما اعتدنا على النظرة الدونية للفتاة او الانثى في احاديث المجتمعات الشرقية كالقول بانها غبية ناقصة ضعيفة عاهرة كسولة الخ الخ الخ... اما الرجل او الصبي فهو القوي البطل الذي لايبكي لايخسر الذكي الشريف القوي الذي يؤتمن لقوته وذكائه.
ولكن هل يعقل اننا في القرن الحادي والعشرين عام 20012 وفي دولةة اسكندنافية كالدنمرك مازلنا نقيم المراة بمقياس يختلف عن تقييم الرجل ؟ ففي استطلاع ميداني عالمي وجد ان تقييم المراة السياسية يكون قاسي جدا وليس بنفس مستوى تقييم الرجل السياسي.
المثير للاستغراب موضوع المنافسة بين الذكر والانثى يناقش اليوم كثيرا ومؤخرا تناول في الاعلام الدنمركي بالاخص بعد ان استقال السيد فيلي سوندال رئيس حزب الاس اف الشعبي الاشتراكي عن منصبه القيادي كرئيس للحزب ورشحت بدله السيدة الشابة استريد كراو لمنصب رئيسة حزب الاس اف الحزب الشعبي الاشتراكي.
والمثير للسخرية اننا في دولة اسكندنافية متحررة كالدنمرك واقرا تعليقات في الفيس بوك من نساء دنمركييات يسالن ": هل يمكن لامراة مثل استريد كراوو وهي الام ان تعتلي منصب رئيسة حزب وتوفق بين وظيفتها كام ومنصبها السياسي كرئيسة للحزب؟
ولما لا يمكن لها كاام ان تصبح رئيسة حزب نفس السؤال كان قد طرح سابقا على رئيسة وزراء الدنمرك السيدة هيلة توني سميث كيف لام وزوجة ان تدير منصب سياسي مهم كرئيسة وزراء للدنمرك؟
يلاحظ المحللين السياسيين في الدنمرك بان تقييم المراة السياسية يكون بمقياس قاسي جدا مقارنة مع تقييم الرجل السياسي في الدنمرك حيث يكون عادة تقييم الرجل السياسي من منطلق افكاره السياسية وايديولوجيته اما تقييم المراة السياسية يكون من منطلق المطبخ!
من المضحك جدا اننا مازلنا ننظر للرجل السياسي بنظرة مختلفة عن المراة السياسية فالمراة مازالت مضطهدة بتقييمها عندما تستلم منصب سياسي مهم ومايستغرب ان احدى السيدات الدنمركيات ذكرت باننا نشعر بالامان اكثر عندما يكون الحاكم او رئيس الوزراء رجل فهو انسب من المراة بهذا المنصب لانه اقوى واذكى غريب جدا ان ياتي هذا الكلام من امراة دنمركية مثقفة ومتحررة! فكيف اذن تفكير الرجل عندما تعتلي امراة منصب رئيسة وزراء ؟ وسؤالي المطروح هنا هل سيستمر هذا الصراع بين الرجال والنساء هل هو صراع ازلي متى سينتهي؟ متى نقيم الرجل والمراة من منطلق انساني فقط ؟ ام هل ستبقى المراة مضطهدة الى الابد ؟ لماذا مازالت هناك فروق جنسية اثناء تقييم الرجل والمراة في المناصب السياسية على الرغم من انه توجد اليوم ثلاث نساء في الحكومة الدنمركية رئيسات احزاب وشخصيا لم اجد ان الرجال الذين استلموا منصب رئيس وزراء في الدنمرك سابقا قبل استلام السيدة هيلة توني سميث كانوا بارعين او مثاليين فيحل الازمات بحيث لم توجد اية ازمات او مشاكل في فتراتهم الرئاسية.
احدى الشخصيات النسائية السياسية الدنمركية قالت " بانه طلب منها التلفزيون الدنمركي التي في تو ان تاتي ساعة مبكرة قبل البرنامج لحملة الدعاية في الانتخابات من اجل المكياج والملابس لكي تكون بصورة جميلة للناخبين للتاثير عليهم وقالت لكنني رفضت ذلك وقالت يجب التركيز على محتوايا الفكري وليس شكلي وملابسي واذا كان شكلي هو الاساس في تقييم الناخبين لي فانا لااريد انتخابهم لي على هذا الاساس السطحي الهش.
شخصيا اعتقد ان الشكل في الدول الاسكندنافية مهم جدا في تقييم الانسان سياسيا واجتماعيا سواء اكان رجل ام إمراة هذا مالاحظته فحتى رئيس الوزراء السابق بول راسموسن كان ينتقد شكل نظارته رغم انه رجل وليس امراة المهم نجد الكثير من الانتقادات للساسيين كانت سطحية على نوعية ملابسهم او طريقة التسريحة او المشية واذكر بالفعل الكل كان يتنبئ بفوز السيدة هيلة توني سميث رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي على اساس انها امراة شابة وجميلة وانيقة طبعا للاسف ان يكون تقييم الناخبيين للسياسي الرجل اوالمراة من هذا المنطلق السطحي .
متى نخرج من دائرة الصراع البدائية بين البنات والصبيان لماذا يبقى الرجل في تصوراتنا بانه هو الذي يمنح الامان والاستقرار وليس المراة.لماذا لايعترف الرجل بانه عندما يكون وحيدا بدون امراة تمنحه الحب يكون ضائعا وخاسرا في حين انه ينظر الى المراة الوحيدة بدون رجل على انها ضعيفة وخاسرة ولاتستطيع تدبير شؤونها؟
ان استماعي لهكذا نقاش في دولة اسكندنافية متحررة كالدنمارك يصيبني بالياس حول تقييم المراة في الشرق في ما يخص المناصب السياسية او حتى كانسانة تمثل نصف المجتمع .هل المراة خلقت للمطبخ وللانجاب فقط ؟ المشكلة اننا في الدنمارك المتقدمة المتحررة نقيم المراة من منطلق اطفالها والمطبخ كيف تتحرر المراة من الاضطهاد اذن في المجتمعات الشرقية المتدينة حيث المراة نفسها حفظت الدرس الذي يلقنوها اياه منذ الصغر انت فتاة عيب ان تفعلي كذا وكذا انت امراة والمراة ضعيفة انت شرف العائلة عيب ان تبتسمي لاحد عيب ان تكلمي رجل عيب ان تضعي مكياج و تجلسي مع رجل حتى لو كان مجرد صديق عيب ان تضعي صورك في الفيسبوك عيب ان تكوني على علاقة بدون زواج عيب ان تلبسي هذا وعيب ان لاتكوني محجبة وعيب ان تخرجي وتكلمي الرجال في فترة العدة وعيب ان تفعلي كذا وكذا والكارثة هي ان المراة نفسها تراقب الاخريات وتلفت انتباههن لهذه القواعد وتفتي الفتاوي وكانها الشيخ قرضاوي الا يكفي لدينا قرضاوي واحد ؟
لماذا لاننظر للمراة على انها انسان فقط وننظر للرجل على انه انسان فقط بدون ان نفرق بينهم عندما نتناول المناصب السياسية بينهم ليكن تقييمنا واحد وليس لكل واحد منهم له مقياس ضغط خاص او نلبس نظارة خاصة مختلفة عندما نقييم كل منهم على حدة متى ننتهي من هذا الصراع البدائي ؟

مكارم ابراهيم