النقاب وشبهاته والرد عليها بالادلة الدامغة (9)



عبد العزيز خليل إبراهيم
2012 / 9 / 30

ولدعاة النقاب شبهات يجب أن نرد عليها حتى يستبين الأمر وسنذكر البعض منها كما جاء في كتاب ( الشعائر الثلاث اللحية النقاب تقصير الثياب) الصادر من لجنة البحوث والدراسات بالطريقة العزمية دار الكتاب الصوفي بمصر ما نصه:
الشبهة الأولي : يقولون : إن النقاب من الورع .
ونقول هناك فرق كبير بين الورع في السلوك الشخصي ، وبين الورع في إصدار الأحكام فالورع الشخصي يعني تجنب المباح لشبهة عارضة ، ولكن الورع الفقهي يعني التورع عن إصدار الحكم بالإباحة في أمر مكروه ، أو الحكم بالكراهة علي أمر مباح ، أو الحكم بالندب علي أمر مباح فقط أو الحكم بالحرمة علي شئ مباح لأن الله تعالي نهي عن إباحة الحرام ، بنفس الدرجة التي نهي فيها عن تحريم المباح .. لأن ذلك يعتبر افتئات علي سلطان الله سبحانه وتعالي في التشريع ، ومنافي للتوحيد الصحيح .
مع العلم أن الشريعة الإسلامية قائمة أساسا علي التيسير ورفع الحرج عن الناس ، وليس علي قاعدة الورع ، يقول الشوكاني في إرشاد الفحول ص 36 ( ليس في التنزه عن المباح ورع ) .
وعلي هذا فلو كان ستر الوجه من باب الورع المحمود لطبقه كرائم الصحابيات الجليلات علي أنفسهن ، ولدلهن (بتشديد الدال) النبي عليه الصلاة والسلام علي ستر وجوههن وهذا لم يحدث مطلقا فهل كان هؤلاء الصفوة لا يعرفون الورع وأنتم تعرفون ؟
ثم تقولون : إنكم سلفية فبأي سلف اقتديتم إن لم يكن السلف الأول هو عصر النبوة ؟.
الشبهة الثانية : يقولون : إن كثيرا من الفقهاء المتأخرين قالوا بوجوب ستر الوجه سدا للذريعة ولأمن الفتنة .
ونقول هذا اجتهاد ، وليس حكم الله سبحانه وتعالي فالله تعالي أوجب ستر العورة فقط أما ما لم يكن عورة فلا يجب ستره أصلا ، ثم إن الفتن كثيرة مثل فتنة المال والأولاد فهل نحرم المال من باب سد الذريعة حتى علينا غير المسلمين بأموالهم وقوتهم وهل نحرم علي أنفسنا إنجاب الأولاد بدعوي سد الذريعة .
إن إعمال قاعدة سد الذريعة ، ومنع المرأة من كشف وجهها مع أن الله تعالي أباح لها ذلك والقول بأن الضوابط التي أمر بها الشرع غير كافية لمنع الفتنة ، يعتبر استدراك علي عزوجل وتعديل عليه نعوذ بالله من الوقوع فيه وهو منافي للتوحيد الذي تدعون أنكم حماته .
الشبهة الثالثة : يقولون إن ارتداء النقاب حرية شخصية .
ونقول عجيب أن نسمع هذه المقولة من أناس يكفرون في كل مؤلفاتهم بالحرية ، ويقولون إنه لا يوجد في الإسلام شئ اسمه حرية شخصية .
وقولهم : إن النقاب حرية شخصية صحيح في حالة واحدة فقط إذا جلست المرأة في بيتها واعتزلت الحياة إلي أن تموت .
أما إذا كانت تعمل في قطاع عام أو خاص أو تخرج لمباشرة أعمالها مع أخيها الرجل في كل مكان وتخرج للدراسة وزيارة الأرحام والسفر للبعثات التعليمية في الخارج وغير ذلك من كل شئون الحياة الأخرى فيجب عليها إظهار شخصيتها في كل نواحي الحياة ، وذلك للتأكد من شخصيتها ولقضاء مصالح الناس بيسر ، وسدا لذريعة التزوير وانتحال الشخصية ، وقد رأينا من يدخل الامتحان بدلا عن آخرين مستترا بالنقاب ورأينا اللص الذي يسرق مستترا بالنقاب فتضيع الحقوق ورأينا القتلة يقتلون الأبرياء بغرض السرقة والانتقام والتشفي ويتسترون بالنقاب فيضيع دماء الأبرياء ولا يصل رجال الشرطة إلي المجرم الحقيقي ثم لماذا لا ترفضن إخراج بطاقة شخصية أو كارنيه أو فيزا أو قسيمة زواج أو رخصة سيارة أو شهادة دراسية وغير ذلك فيها صورة الوجه باسم الحرية الشخصية ولماذا تذهب المرأة للمصور لالتقاط الصور عنده لعمل الأوراق والشهادات المذكورة طالما أن تغطية الوجه حرية شخصية كما تدعون زورا وبهتانا علي الناس وعلي الله تعالي .
الشبهة الرابعة : يقولون : إن حديث ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) يدل علي أن النقاب واجب في غير الإحرام .
الرد :
(أ) في هذا القول تعسف في الاستدلال يخالف الأصول والصواب أن منع النقاب في الإحرام لا يدل علي انه مفروض أو واجب في غير الإحرام ، مثل منع غطاء الرأس للرجل في الإحرام لا يدل هذا علي أنه مفروض أو واجب في غير الإحرام .
(ب)النهي عن لبس النقاب في الإحرام لا يدل علي أنه بالضرورة كان من عادة جميع النساء في غير الإحرام ، ومثال علي ذلك البرانس والقمص فهما ممنوعان في الإحرام ولم يكونا من عادة الناس في غير الإحرام .
(ج) الحديث هذا جاء بصيغة النهي ، فلا يجب أن يوظف كصيغة أمر ، لأن ذلك افتئات علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فلو أراد رسول الله النهي والأمر معا لقال :
(لا تنتقب المحرمة وتنتقب غير المحرمة ) .. وهذا أمر معلوم بالبديهة والعقل فلو قلنا لك لا تشرب المخدرات فليس معني ذلك أننا نأمرك بشرب الخمر ، وإذا قلنا لك : لا تأكل الميتة ، فليس معني ذلك أننا نأمرك بأكل لحم الخنزير .
الشبهة الخامسة : يقولون : نحن نقلد نساء النبي صلي الله عليه وسلم .
الرد :
أ‌-إن لنساء النبي خصوصية لا يقلدن فيها ذكرها القرآن الكريم بقوله ( لستن كأحد من النساء )
سورة الأحزاب الآية 32
ب‌-لنساء النبي خصوصيات كعدم الزواج بعد النبي وعدم الخروج من البيت
إلا للضرورة القصوى وفرض الحجاب عليهن ومضاعفة الثواب والعقاب .
كما كان لرسول الله خصوصيات لا يقلد فيها مثل وصال الصيام ، وقيام الليل إلا قليلا ...الخ
ج - لو كان تقليد أمهات المؤمنين في فرض الحجاب ، وعدم الخروج من المنزل ، إلا لقضاء الحاجة وللضرورة القصوى له أفضلية لفعله نساء الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولكنهن لم يفعلن ذلك ، ولم يطالبهن النبي صلي الله عليه وسلم بذلك وهو سيد من يعرف الفرض والواجب والأفضل .
الشبهة الخامسة : يقولون : إن الآية (إلا ما ظهر منها ) النور 31 نسخت بآية الأحزاب ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) الأحزاب 59
الرد :
أ‌-سورة النور وردت فيها قصة الإفك .
ب‌-قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك 0 خرجنا مع رسول الله عليه السلام بعدما نزل الحجاب ) رواه البخاري ومسلم .
وعليه تكون سورة النور نزلت بعد سورة الأحزاب لأن آية الحجاب وردت في سورة الأحزاب ولذلك لا يجوز مطلقا القول بالنسخ ، فكيف ينسخ المتقدم المتأخر .
الشبهة السادسة ك يقولون : نحن نأخذ بالأحوط وهو الذي يجب علينا عند الاختلاف .
الرد :
أ – إن رأي الجمهور هو الأخذ أولا بالأقوى دليلا ، ثم إذا تساوت الأدلة ، يتم الأخذ بالأيسر اقتداء بهدي النبي صلي الله عليه وسلم ، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها ك ( ما خير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ) .
ب – وفي هذا الموضوع أن الوجه والكفين ليسا بعورة ولو أخذنا برأيكم في كل قضية مختلف فيها بالأحوط لجعلنا الدين ( مجموعة أحوطيات ) كما قال الشيخ القرضاوي وغيره ولجعلناه كله حرج ومشقة .
الشبهة السابعة : يقولون : ( إن الحافظ ابن حجر قال : الخمار هو غطاء الوجه ، وهذا دليل علي أن تغطية الوجه واجبة بنص الآية : ( وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ) النور 31
الرد :
أ – الخمار .. في كتب اللغة والتفسير والفقه معناه غطاء الرأس باتفاق ، وهذا قول شاذ للحافظ ابن حجر .. وجل من لا يخطئ .
ب – ذكر ابن حجر في كتاب فتح الباري ما يؤكد ذلك فقال والخمار للمرأة كالعمامة للرجل ، وهذا يؤكد أن الخمار في الأصل لا يغطي الوجه ( ج 1 ص 106 ) .
ج – قال ابن الجوزي في كتاب ( زاد المسير في علم التفسير ) : قوله تعالي : ( وليضربن بخمرهن ) وهي جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها .
د – حديث ( لا صلاة لحائض إلا بخمار ) .. لو كان الخمار هو غطاء الوجه ... لكان الحديث دليلا علي وجوب تغطية الوجه للمرأة المسلمة في الصلاة ، وهذا ما لم يقل به حتي القائلين بلبس النقاب .
فهل تتركون المحكمات ، وتبحثون عن زلات الشيوخ لا ثبات رأي فقهي غير سليم .
وتوجد شبهات أخري رد عليها العلماء الثقات بان النقاب عادة وليس عبادة ولم يفرضه الله علي نساء المسلمين وقد اكتفيت بذلك الأدلة حتى لا أطيل عليكم أكثر من ذلك والخلاصة فالنقاب بلاء علي النساء ولكن وعاظ التعنت والتشدد والغلو في الدين يلعبون بعقول الناس رجال ونساء علي الفضائيات التي تتاجر بالدين لأغراض سياسية هم يعرفونها فهل تفيق الناس من الغيبوبة ويعلموا أن الله تعالي جعل الدين يسر وليس عسر وبالله التوفيق .