ماانتنها !صلة الرحم لو تحولت الى صلة لحم



ناديه كاظم شبيل
2012 / 10 / 5

انقطعت اخبارها فجأة ،وبدا القلق ينسج لي خيوطا وهمية شتى عن سر هذا الانقطاع الطويل ، اذ افشى لي صوتها في المكالمة الاخيرة بأنها ليست على مايرام ،فقد اتضح لي انها مصابة بالاكتئاب الناتج عن الغربة او الحنين الى ( الوطن ) ثم فجأة دق جرس الهاتف واتاني صوتها الذي يشبه زقزقة خائرالعصافير ولكنه هذه المرة افتقد الى تلك التغريدة السعيده واصبح حزينا منكسرا ، سالتها بلهفه :اخيرا ! مالذي الم بك ياامرأة ? ولم طالت غيبتك ? قالت باسى كبير :كنت مريضة جدا وتلقيت ابرا في الوريد ، ثم سردت لي الحادث بسرعة كبيره ولم تدع لي مجالا للنقاش .

كانت تملك بيتا صغيرا في احد ى المناطق الراقيه ببغداد ، وعندما ارادت مغادرة العراق لتنجو بنفسها وعائلتها من الموت المحتم على يد ازلام الطغمة الفاسده ، ولكي لا يصادر البيت كما حدث في ذلك العهد للعديد من المهاجرين ، قررت ان تكتب البيت باسم شقيقتها وتوأم روحها ، ظنا منها انها نفسها التي لا تخونها تحت اي ظرف ومهما قست الايام ، وسكنت الاخت في البيت دون ان تدفع فلسا واحدا ، الى ان كبر الاطفال واصبحوا شبابا في الجامعه تقر بهم عين امهم ويفرح بهم قلب خالتهم التي تكرمت عليهم لينالوا حظهم في التعليم العالي الذي حرمت منه ابنتها وقرة عينها ، ولكي تكمل فرحتها بابنتها ايضا قررت ان تبعثها للدراسة في احدى الدول الاوربيه على نفقتها الخاصه حيث ان البنت لم تحصل على معدل عال يكفل لها الدراسة في الجامعه التي تطمح ان تدخلها، ولكن من اين لها المبلغ الكافي لهذا الامر الباهض التكليف ?
فكرت في الامر طويلا واخيرا قررت بيع البيت الصغير فسعره الباهض سيكون كافيا لهذا الامر بالتأكيد .

اتصلت بشقيقتها وبكل بساطة قصت عليها الحكايه ، فما كان من شقيقتها الا وان تحول صوتها الى نباح كلب مسعور واخذت تكيل لها السباب وتنسب اليها الفواحش ، وسالتها ان كان من الضوروري ان ترسل ابنتها الى الجامعات الاوربيه ! واقسم ابن شقيقتها ان الموت سيكون بانتظارها ان قدمت الى العراق لهذا الامر او لغيره !


مما زاد في الطين بلة وفي القلب حسرة انها اضطرت وبحضور شقيقتها انم تدفن مصوغاتها في باطن الارض خوفا من مصادرتها على الحدود العراقيه ، وهاهي شقيقتها تكمل (معروفها) فتنبش الارض التي لا تخون امانتها وتبيع الذهب وتصادر المبلغ بقلب ضميره مات منذ اول يوم نشبت فيه الحرب العراقيه الايرانية ، الا الف لعنة على الحروب وعلى كل من ساهم في بعثرة الاخلاق وموت الضمائر .

هاهو العراق تتقاذفه موجات الموت الهائج ، والسبب هو اي فئة ستفوز بالكرسي والمناصب المتنفذه في ارواح وحياة المساكين، الكرسي الذي ماان جلس عليه احد الا وحوله الى سفاح مجرم ، والماضي والحاضر على مااقول شهيد ، اما الموت الذي هو حالة من السكون المطبق ، فهو الاداة البريئه التي يخوفون به البسطاء من العامه
بالعذاب الذي ينتظرهم بعده ، وكلنا يعلم ان الشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ ، فلو ان القادة اخلصت لخدمة الشعب لمااحتاجت ان تستخدم رجال الدين ليقذفوا الرعب في قلوب المساكين من العذاب بعد الموت ، ولوفرت له حياة كريمة وجعلت نظرته المستقبلية الى الامام وحررته من خرافات الماضي المريض، وعاش الجميع تحت قانون عادل واحد يضمن الحياة الكريمة للجميع دون تفرقة مذهبيه او طائفيه
.
كلنا بانتظار ذلك الغد المشرق الجميل ، الذي تسير فيه المرأة سافرة الى عملها دون خوف او وجل لان الوطن يحميها ، وان يفرح الخريج بشهادته لانه سينال التعيين فورا وفي مجال اختصاصه ، وان لا يخاف الكبير من غدر الزمن لان الراتب التقاعدي يغطي جميع نفقاته بما فيها السفر للاستجمام ، وان لا يخاف الاجير او الارملة او المطلقة منالفقر والمرض فالضمان الاجتماعييكفل لهم الحياة الكريمة ، هذا هو العراق الذي ننتظره والذي هو ات لا محاله ولو كره الطامعون ، ولو كره المجرمون