|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
لينا جزراوي
!--a>
2012 / 10 / 8
علينا الاعتراف بأن الدين كان ومازال يشكّل قيمة كبرى وعظيمة في مجتمعاتنا ، وأن الفتاوي الدينية ماتزال تُشكل وعي الناس وحياتهم ، ويعتمدون عليها في ترجمة سلوكهم اليومي وأفكارهم ، ففئة رجال الدين عندنا ، يمتلكون سلطة هي أقرب الى السطوة على عقول الناس ، ويجدون لهم آذانا صاغية وصاغرة لدرجة تخال أن الأمور مُنزّلة ولا مجال للتفكير بها أو نقاشها ، فعندما يقول رجل دين ، أوعدينا تفحصي ،( كدعوة للمرأة لاجراء فحص دوري لسرطان الثدي) فأعرف أن أغلب النساء سيُجرين الفحص ، أكثر بكثير من احتمال أن يتوجهن للفحص بدعوة من لاعب كرة سلة أو قدم ، مشهور ، أو حتى ممثّل محبوب.
وهذا ما تُدركه قِوى الحكم والتأثيرفي كل مكان وليس في الأردن وحسب ، فعندما يكون الأمر ايجابي فلا مشكلة ، لكن ما أطرحه هُنا ويُثير استغرابي ، هو لماذا لا يُساعد رجال الدين في خدمة برامج الحدّ من العنف ضد المرأة ، وبرامج التمييز المبني على اساس الجنس مثلا ؟ أو في الدعوة للمساواة في الحقوق وتعديل مواد القانون بما يكفل حقوق متساوية للجنسين ، وأدنى الإيمان (فتوى) تُفيد تعديل المادة السادسة من الدستور ، عندما هاجت الأردنيات وماجت تطالب بتعديلها ؟ ولماذا الذهاب الى فحص الثدي ، مع العلم إني من مؤيدات اجراء الفحص تماما ،، لكني قبلها مع فحص النفوس وما يعتري الصدور تجاه المرأة وحقوقها ومكانتها في المجتمع .
وبكل صدق أقول أن في اطار عملنا النسوي على توعية المرأة والرجل معاً حول قضايا النساء ، كُنّا نستعين برجال دين مستنيرين ، والحقّ يقال أنهم لم يخذلونا عندما احتجناهم ، وكانوا يُقنعون ويُفسّرون النصوص الدينية للرجال المُعنِّفين ، ويدحضوا فكرةً كان يُستند اليها من قِبل المُعنِّفين ، بأن الدين في بعض نصوصه أعطاهم هذا الحقّ ، فكانوا ينجحون في الغالب بإزالة هذه الشمّاعة التي يُعلّق عليها بعض الرجال ممارساتهم اللادينية ضدّ المرأة.
فالرجل في مجتمعنا لا يصغي الا لرجلٍ مثله ، لأن كرامته وِقيَمُة التي نشأ وشبّ عليها تقول بأن للرجال لغةُ خاصة تُحترم ويُصغى لها ، وهذه حقيقة منتشرة ، فما بالكم لو كان رجل دين لديه من العلم والمهارة ما يؤهلانه لهذه المَهمّة الصّعبة.
لكني اليوم ، أعتب على المؤسسة الدينية التي تُضيّع على النساء فرصا كثيرة في نشر ثقافة الحقوق والمساواة بين الجنسين ، فلم أسمع في خُطب الجُمَع إمام مسجد يُظهر ويُبرز السّير النبويّة الشريفة التي تقول بمكانة المرأة في زمن الرسول الكريم ، وكيف كانت المرأة تُشارك الرجال في التجارة والسياسة وتحاورهم في مجالسهم ، بل وتتفوّق عليهم ، فلماذا لا يساعدنا رجال الدين ، أصحاب السلطة على المجتمع في التخفيف من الثقافة الذكورية التي تعوق تحقيق شراكة للمرأة ، كنصف المجتمع ؟ ولماذا لا يتحدث أئمّةُ المساجد من على منابرهم ، عن حقوق المرأة السياسية والقانونية والتشريعية ؟ لماذا لا يساعدنا رجال الدين المستنيرين بنشر ثقافة قَبول المجتمع تمثيل المرأة وشراكتها ، ونحن ندرك وهم يدركون، أن أي توجه لانصاف المرأة قانونيا وتشريعيا يصطدم بعقلية وثقافة المجتمع التي ترفضه كقيمة حديثة ، وتربطه تارةً بانحلال ، وتارةً بخصوصية المجتمع ، وكثيراً بالتحريم الديني.
علينا أن نعترف بأن الرجل في مجتمعنا هو صاحب القرار ، وأنه يستمع ويتأثّر بالخطاب الديني ، بل أن الخطاب الديني هو أكثر ما يشكل وعيه وسلوكه ، خصوصا تجاه المرأة وقضاياها ، لذلك فأن رجال الدين تقع عليهم مسؤولية مشاركتنا في عملية التوعية التي تستهدف الرجال ، ومن على منابر مساجدهم ، عليهم نشر ثقافة الحقوق والمساواة ، على قاعدة ما منحها إياه الشرع والدين ، وانتزعها منها المجتمع الأبوي التسلطي ، وثقافته.
لدينا نساء مؤهّلات ليعتلين أرقى وأهمّ المناصب ،، لكن ثقافة المجتمع تعوق وصولهن.
ولو كُنت رجلاً ،،
لاخترت أن أكون رجل دين ،،،،،،،،، لأُنصف المرأة.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك