الاتيكيت على الطريقة الافغانية



فاتن الجابري
2012 / 10 / 21


كلما رأيت زوجين يتمشيان في الشارع ،أطيل النظر في مواقع مشيهما ، واعتقد أن موقع الرجل يدل على ذوقه وخلفيته الثقافية ، قط لم أر في بلاد الغرب أن يسبق الرجل زوجته في المشي ويتركها خلفه لاهثة تحاول اللحاق به أينما كانا في الاسواق أو أماكن النزهات أو في الشارع هما جنبا الى جنب حتى وأن لم يتشابكا في الايدي سواء أن كانوا شبابا أم شيوخا .
صورة والدتي بعباءتها تلهث وراء أبي وهو يمشي بعيدا عنها بعدة أمتار ، تعيد ذات السؤال لمَ يسبق الرجل المرأة وتمشي خلفه حين يكونان في الطريق ؟
ربما طبيعة الرجل كونه أقوى وأسرع من المرأة ،وهل الرجل الاوربي أقل قوة وسرعة من الرجل الشرقي بل على العكس أن اغلب الرجال الاوربيون يمارسون الرياضة بشكل يومي !
وفي مجتمعنا يمشي الرجل خلف المرأة فقط أيام الشباب والمعاكسات وفي الخطبة يكون جنبها ممسكا بيدها مطوقا لخصرها ، تختفي هذه الصورة بعد الزواج لتكون خلفه تسحب أطفالها وجسدها وهو كالطاووس يختال أمامها.
أحدى قريباتي أقسمت بأنها لن تمشي مع زوجها في الشارع بعد سقوطها وتعرضها لكدمات ورضوض مؤلمة ، رغم أدعائه بمناصرة قضايا المرأة وحقوقها التي يتشدق بالحديث عنها أمام زميلاته ويطبق أصول الاتيكيت معهن الا أنه معي يتصرف كأي فلاح غير متعلم
وعندما نسير بالشارع يسبقني بمسافة طويلة وانا أجري خلفه كأنني بمارثون ،مثلما حدث في تلك الليلة المشؤومة حين عبر الشارع مسرعا كعادته وعندما ركضت خلفه لاتبعه لم أنتبه الى الرصيف وتكورت على وجهي وهو ماض في سيره لا يدري عني ، حينها تبدلت الاشارة الضوئية ونهضت بمساعدة أحدى النساء ومن تلك الليلة أقسمت أن لا أمشي معه .
بعض الرجال يحرصون على تطبيق الاتيكيت مع الصديقات والزميلات من باب المفاخرة
والنفاق الاجتماعي لكنهم ينسون ذلك في بيوتهم مع زوجاتهم ، واخرون لايعرفون حتى اصول وقواعد أتيكيت التعامل مع المرأة الذي ينبغي تعلمه والتعود عليه منذ الصغر نعلم تلاميذنا الرياضيات والتاريخ ، وننسى أن نعلمهم أصول الحياة الاجتماعية وحسن التعامل مع المرأة ففيها سعادتهم ومستقبلهم القادم ، وحسبنا الاقتداء بأخلاق رسولنا الكريم في احترامه للمرأة وقد أوصى بها في أحاديثه قائلا :
(استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا)

في مجتمعنا الجديد الذي سنبنيه رجالا ونساءا ستكون المرأة جنبا الى جنب الرجل في البناء والحياة لا خلفه ولا أمامه حسب الطريقة الافغانية ففي طرفة تساق في هذا المضمار عن تخلف أوضاع المرأة في أفغانستان ،قبل الحرب على أفغانستان كتبت إحدى الصحفيات البريطانيات عن النظرة والاوضاع الدونية للمرأة اثناء حكم طالبان حيث كانت تمشي خلف الرجل بعدة أمتار، و بعد هذه الحرب بعدة سنوات عادت هذه الصحفية لتتفقد وضع الأفغانيات في ظل الحرية فذهلت و فرحت كون المرأة الأفغانية باتت تسبق الرجل بعشرات الأمتار و لدى سؤالها لاحدى الأفغانيات عن سبب هذا التحول أجابت أن الرجال باتوا يجعلون النساء تسير أمامهم بمسافة خوفا من الألغام التي انتشرت بكثرة بعد الحرب لتنفجر بالنساء في حال وجودها و من ثم يعبرون هم بأمان .