الحلقة السادسة عشية المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني ( الحزب الشيوعي الفلسطيني ) سابقا



طلعت الصفدي
2013 / 2 / 2

الحلقة السادسة عشية المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني
( الحزب الشيوعي الفلسطيني ) سابقا

ثورية وتقدمية الرفيق بمقدار موقفه من قضية المرأة

يقولون الرجل يحبل ولا يلد ،ونقول ان المرأة تلد الحياة والخير والرحمة ،وكشجرة الزيتون والبرتقال وسنابل القمح تتجذر في الارض ،تورق وتزهر وتثمر ،ثورات وانتفاضات ضد كل اشكال الظلم القومي والطبقي ،ضد الاستبداد السلطوي ،والقهر المجتمعي ،والظلم الأسري ،والتحرش الجنسي ،ومواجهة دعاة التخلف والتطرف والأنانية ،وكل مروجي عزلها عن مجتمعها ومحيطها الكوني ،وحبسها في زنزانة البيت والمطبخ لتبقى جاهلة وأسيرة وتابعة ،وضد قوانين انتهاك كرامتها الآدمية ،وتشريع قتلها ولو على الشبهة ،وما يسمى بدعاة الدفاع عن شرف العائلة ،وتملصه من العقاب كقاتل .

الرجل الشرقي يحبل ولا يلد ،كالهالوك والعوسج ،وكذكر النحل يغتصب عمل الشغالات ،لا يعترف بآدمية المرأة وبعقلها ،وبإنسانيتها ،وهمه جسدها ،وإشباع بطنه وأمعائه ،وكأنها بلا كرامة وإنسانية ،تحارب على كل الجبهات الداخلية والخارجية من المهد الى اللحد ،وكشجر بلادنا تموت واقفة ولا تنحني قليلا إلا للعاصفة لتعود رافعة رأسها بشموخ ،فهي الأم التي تحمي شرف العائلة ،وليس بعلها وأخيها ،فشرف العائلة لا يحميه السيف والرصاص والقتل ،فهي ام الشهيد والأسير والجريح والمعتقل ،وليست ضلعا اعوجا ،وليست ناقصة للعقل ،وهل نسيتم أن درب الجنة من تحت أقدامها ؟؟

يمكن الحكم على أي مجتمع بمقدار موقفه من قضية المرأة ،فالمجتمع الذي يعتبرها سلعة ولذة ،هو مجتمع متخلف غير انساني وغير حضاري ،ينتمي لعصور الظلام والقرون الوسطى والتقاليد البالية ،والرفيق الذي يتعامل مع زوجته وأخته وزميلته في العمل والشغل ،ورفيقته في النضال بهذه الطريقة ،يكون هو قد فقد آدميته وإنسانيته ،ولا يمكن أن يكون ديمقراطيا وتقدميا مهما رفع من شعارات التقدم والديمقراطية . ان معيار ثورية المناضل يقاس بمقدار نظرته وسلوكه تجاه المرأة ،ومدى احترام عقلها وكرامتها ،وحزبنا حزب الشعب الفلسطيني ( الحزب الشيوعي سابقا) كان سباقا في نظرته للمرأة الفلسطينية التي شاركت في النضال التحرري ،وفي النضال الديمقراطي والاجتماعي ولعبت دورا متميزا في الدفاع عن الوطن ،وتعرضت للاستشهاد والاعتقال والنفي ،وأولاها الاهتمام للوصول الى اعلى مواقع القيادة العليا ،ومراكز صنع القرار ،ومع أن تاريخها النضالي والكفاحي طويل ،فلم ينصفها المجتمع حتى هذه اللحظة ،ولا زال التمييز واضحا ضدها ،يفتقد الى الاساس الاجتماعي العادل والمتساوي الذي يضمن حقوقها الاجتماعية والسياسية ،ويزيل عنها كل اشكال التمييز .

ان كرامة المرأة الفلسطينية من كرامة الوطن والمجتمع ،فلا كرامة لأحد دون استكمال مهمة التحرر الوطني من الاحتلال الاسرائيلي ،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة ،وعاصمتها القدس ،وعودة اللاجئين لديارهم طبقا للقرار الأممي 194 ،وضمان الحقوق الاجتماعية والديمقراطية للمواطنين دون تمييز ،فالأرض تحمي وجودنا ،وتصون عرضنا وشرفنا ،ومن يفقد أرضه فلا كرامة له ،ولا كرامة للمجتمع الفلسطيني طالما يجري امتهان كرامة الانسان ،وفي المقدمة منها حقوق المرأة ،ولا قيمة للنظام السياسي الفلسطيني ،طالما يجري الاعتداء على حقوقها الاساسية حقها في الحياة والحرية والعدالة الاجتماعية ،حقها في العمل والتعليم اللذين يعتبران مصدر قوتها الحقيقية في المجتمع الطبقي الاستغلالي.
ان حزب الشعب الفلسطيني ( الحزب الشيوعي الفلسطيني ) سابقا ،يناضل مع كافة القوى الديمقراطية والتقدمية ألفلسطينية ،وكافة مكونات المجتمع بفكره الحداثي والعصري من أجل ازالة هذا الظلم والاستبداد ،والقهر الاجتماعي ضد المرأة الفلسطينية التي تتعرض لمختلف اشكال التمييز سواء في البيت والعمل في المدرسة والجامعة في الروضة والسوق ،في سيارة الأجرة والأتوبيس ،ويناضل من أجل ضمان حقوقها الاجتماعية والاقتصادية ،ويعمل من أجل تطوير قوانين الاحوال الشخصية وضمان مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات ،وعلى سن قوانين لمكافحة العنف والتسلط ضد المرأة ألفلسطينية ،واعتبار العنف خرقا لحقوق الانسان ،مطالبا دور مؤسسات التربية والتنمية ألاجتماعية بأخذ دورها ،ومواجهة التقاليد البالية التي تنكر على المرأة دورها في المجتمع ،وقدرتها على المشاركة السياسية ،والتصدي لكل محاولات عزلها وإخافتها من الواقع وإبقائها حبيسة البيت والمطبخ.

ان حبس المرأة الفلسطينية بين الجدران والمطبخ ،يعطل أكثر من 50% من قدرة المجتمع الانتاجية ،ويسلب طاقاتها الابداعية في المجتمع ،ويغتصب دورها في المشاركة السياسية والمجتمعية ،ويفرض عليها العزلة والتبعية والإلحاق للعادات والتقاليد البالية التي لا زالت تنظر للمرأة كعورة ،ودونية للرجل لتبقى نظرتها الى الحياة محدودة . ان كل التجارب والخبرات المختلفة للشعوب ،تؤكد بأن الخروج من قفص العبودية الموروثة يكون بانخراطها في عملية الانتاج والعمل في المصنع والمشغل والمزرعة والمؤسسة والروضة .... الخ باعتبار أن العمل ذو قيمة اجتماعية واقتصادية ،فالعمل يصقل موهبتها ،ويساهم في بلورة شخصيتها ،ويفتح أمامها ابواب المعرفة ،وتكتسب المهارة والخبرة ،وتتعرف على وسائل الاتصال الجماهيري ،وثقافات الشعوب وثوراتها الاجتماعية والديمقراطية ،ومع تراكم الخبرة والتجربة تتغير نظرتها للحياة ،ويتعدل طريقة تفكيرها وسلوكها ونشاطها النفسي ،وتمتلك القدرة على العمل الهادف الواعي ،وإذا كان العمل قد حول القرد الى انسان ،وان الوعي الاجتماعي هو انعكاس للواقع الاجتماعي ،فلا بد من تغيير واقعها حتى تكتشف نفسها ومجتمعها ،وهنا لا بد من مساعدتها في اقتحام سوق العمل على الرغم من البطالة التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني .

لقد أثبتت التجربة ،ان عشرات المئات من رفيقاتنا الباسلات غير العاملات ،قد التصقن بالحزب فكريا ،وتركنه تنظيميا بعد زواجهن وانشغالهن برعاية وتربية ابنائهن ،اما العاملات في المؤسسات الانتاجية او الخدماتية المختلفة ،فقد تمسكن بالحزب فكريا وتنظيميا وساهمن في نضال الحزب السياسي والكفاحي والاجتماعي والديمقراطي ،وأخذن دورهن في قيادة العمل ليس فقط على المستوى الحزبي بل والمجتمعي ،وامتزن بوعي سياسي واجتماعي عال ،وكن أكثر قدرة على النضال السياسي والاجتماعي والديمقراطي ،فالعمل يصقل فكر الرفيقة ويساعدها على مواجهة متطلبات الحياة لنفسها ولأسرتها ،ويزيل تبعيتها للرجل كمصدر لإعاشتها ومصدر قوتها ،وما لم يسع الحزب للعمل على توفير ورش ومؤسسات انتاجية ولو محدودة ،تعمل فيها الرفيقة الحزبية ،وتساهم في عملية الانتاج سيبقى هذا القطاع محدود التأثير في المجتمع . ان من الضروري وضع خطة ولو قصيرة الأجل تهدف الاهتمام اكثر بالرفيقات بتوفير اماكن عمل لهن بإنشاء بعض الورش والمشاغل المحدودة والجمعيات تعمل فيها الرفيقات بطريقة علمية وإدارية ،ويساهم الحزب في تسويق المنتجات ،ويشجعهن على عملية الانتاج ،والبحث عن مصادر دعم ،وبدون توفير العمل سيبقى وجودهن في الحزب مؤقتا ومحدود التأثير ،ومعرضات للنزوح من الحزب. وفي نفس الوقت الاهتمام برفع مستوى وعيهن النقابي والمهني والسياسي والاجتماعي ،وزجهن في المعارك الوطنية والكفاحية لتشعرن بقيمتهن كمناضلات ومنتجات في المجتمع ،وعقد دورات لتأهيلهن حتى يستطعن أخذ دورهن الكفاحي ،والقدرة على التعبير عن مفاهيم الحزب السياسية والاجتماعية والديمقراطية ،ويدافعن عن قضاياهن الاقتصادية والاجتماعية ،ووجودهن كرائدات في المجتمع ،وتشجيعهن على القراءة الذاتية ،ومعرفة أسس المعارف السياسية ،وفهم قوانين التطور في الطبيعة والمجتمع والتفكير البشري ،وربط النظرية الثورية بالممارسة الثورية .