الجسد والثورة (بين شارب الرجل وصدر المرأة)-



هيفار حسن
2013 / 2 / 22

سقوط "الآلهة العارية" وتغطية جغرافية جسدها بسقوط حضارة سومر جعل من غطائها مقدساً، اشبه بكسوة محيطة بالحجر الاسود، ازاحة الكسوة عن جسدها تشويه لكاريزما الأنوثة، بل وانتقاصاً من شرفها من وجهة نظر من أسقط الآلهة السومرية من مكانتها الحقيقية، والكشف عن جغرافية جسدها ثورة، أو رغبة طبيعية ناتجة عن كبت تاريخي يظهر بين الحين والحين هنا أو هناك، للعودة إلى عصر الالهة العارية كما فسر ارسطو العشق بانه رغبة النصفين بعد فصلهما بالالتصاق والتوحد كرغبة للعودة الى ما كان وانهاء ثنائية الجسد.
جسد المرأة التي سجلت اولى الانتهاكات في تاريخ الرجال، وستحفظ اخر صولاتهم و جولاتهم في حضارة ذكورتهم اصبح مركزا محوريا في الحروب والثورات الطبقية المُغَّلفةِ بعضها بعباءة الدين او وهم الاقوام.
جسد الانثى عبوة ناسفة تستخدم من خلال الكشف عن تضاريسها لكشف زيف الوعي الجمعي وازدواجيته، وقد تكون رسالة تقرا لاحقا كما فعلت المصرية علياء مهدي اثناء ما تم اشاعته من خطأ التعريف بــ " الربيع العربي"،( الجسد – الديناميت) قد تنفجر على من يضع العبوة كما حدث مع ثانية مشهد التعري لعلياء المهدي في ستوكهولم .
لم تستخدم القوى الثورية موضوع "جسد المرأة" وجرائم انتهاكها وإزالة عذريتها من قبل أجهزة القمع، موقف القوى الثورية , أقل ما يمكن وصفه بأنه تناسق وتناغم مع عقلية سائدة وبنى فوقية في المجتمعات الشرقية والتي بدأت تتقبل رويدا رويدا جسد المرأة لا فقط في الأفلام المهربة والمجلات الجنسية بل وفي كشف إسقاط ثقافة "التابو" التي فرضت على المرأة إغتصاب صوتها بعد إزالة بكارتها.
نظام مبارك الذي أكد ذكورية القمع من خلال عملية سحل جنود جيشه للمنّقبة "ست البنات" وتعريتها أمام مجلس الوزراء، وضرب مبرح تعرضت لها "عزة هلال" أكد من جهة أخرى شجاعة المرأة المصرية وفعلها الثوري من خلال مقاضاة العسكر بجسدها المنتهك، كما فعلت "سميرة إبراهيم" مع عدد آخر من الفتيات في مقاضاة المؤسسة العسكرية في قضية كشف العذرية.
إن إخفاء جرم الاغتصاب خوفاً من الفضيحة هي إشكالية بنيوية، ليس في فكر الأنظمة العربية القمعية فقط، بل وفي فكر المجتمعات التي ترعرعت في ظلها، اشكالية لم تتحرر منها حتى الاحزاب الثورية التي لم تتناول الموضوع بجرأة على خلاف جرأة بعض الفتيات اللواتي كشفن عن جسدهن وتحدثن عن غشاء بكارتهن بكل وضوح.
فيما يتعلق بالوضع السوري وبعد سلسلة جرائم "طالبان سوريا" التي تؤسس لها "جبهة النصرة" فكرا، وجريمة، ونظاما فان الحالة السورية وبالأخص فيما يتعلق بوضع السوريات مرشحة لان تتكرر في الجانب الهزلي لتكرار التاريخ المتخلف لقندهار أفغانستان. ان صمت المعارضة السورية عن جرائم " جبهة النصرة" المتهمة اميركيا بالإرهاب بل ودفاع الائتلاف الوطني السوري عن تلك الجبهة التي بدأت تفرض نظام طالبان على المدن التي تحتلها سيجعل من جسد المرأة السورية محورا لمعركة مقبلة، فتعريتها واغتصابها وجه من عملة انتجتها حضارة الذكورة بأبجدية فائض قيمتها، وجهها الاخر هو تعتيمها ببدعة الحجاب ومهزلة النقاب.
المرأة السورية في خطر لا لأنها تواجه ارهاب فتاوى الشواذ حينما اباحوا لرجال انجبتهم حاضنة موروثة وملوثة بتعدد الزوجات وما ملكت الايمان وزادوا على السلف بنكاح الجهاد فهل يفوز من يقتل بجواري الفردوس المفترض وهو يقاتل من أجل جارة في وطن محتل، المرأة السورية في خطر لان معارضاتها التي تدعي الديمقراطية تتعامل بازدواجية مع جسد المرأة السورية ، فهي تدين اغتصابها من قبل السلطة وتقف تستمع وراء الباب لصرخات بكارتها ولم يشهروا حتى السيوف كما فعل السفلة على حد تعبير شاعر الرفض العراقي مظفر النواب.