قصص نساء نجسات



توفيق أبو شومر
2013 / 2 / 27

ظلَّتْ معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية ثلاثة أيام تذكر خبرَا مُفزعا تعرَّضتْ فيه مُراهقة فلسطينية من الناصرة لأبشع اعتداء من قبل أحد أقاربها المتزوج والبالغ من العمر أكثر من خمسين عاما، حيثُ قام برش وجهها بالأسيد الحارق وشوّه جمالها لأنها رفضتْ أن تتزوجه!
كما أن مكتب الإحصاء الإسرائيلي الحكومي نشر في الوقت نفسه معطياتٍ عن حالة النساء الفلسطينيات من الصامدين في أرضهم منذ عام 1948 وأشار التقرير إلى أن ثلاثة آلاف فتاة فلسطينية أقل من ثماني عشرة سنة يجري تزويجهن كل عام.
ونشرتْ وسائل إعلام إسرائيلية أخرى خبر الجريمة البشعة التي ارتكبتها إمراة بدوية من تل الشفا بالنقب، حيث طعنت زوجها حتى الموت، لأنها أُكرهت على الزواج به احتجاجا على كونها الزوجة الثانية له!
لا أحد يُنكر حق الإعلام الإسرائيلي أو غيره في نشر تلك الأخبار، لأنها مصدر من مصادر الدخل المادي فهي أخبار تجذب القارئين، ولا أحد أيضا يُنكر أن هناك قهرا للنساء الفلسطينيات من المجتمع الذكوري العربي الفلسطيني، فتلك أمورٌ معروفةٌ لنا جميعا، ولا أقصد أن يُوظَّفَ هذا المقال لمدح وتبرير حالة النساء الفلسطينيات والعربيات اللاتي يتعرضن للعنف،غير أنني أنتقد طريقة عرض تلك الأخبار وتضخيمها في الإعلام الإسرائيلي لتغطِّي أخبارا فظيعة أخرى تجرى في حق النساء اليهوديات في إسرائيل، فالمرأة في إسرائيل تتعرض لعمليات قهر لا تقل عما يجري لنظيرتها الفلسطينية،بل إن ما تتعرض له الإسرائيليات أكثر عنفا وقهرا، غير أن نشر هذا العنف لا يكون بالطريقة التي تُنشر فيها أخبارُ الفلسطينيات المقهورات، إذ أن أخبار النساء الفلسطينيات أكثر تضخيما وترويجا وتسويقا بلغات العالم في الإعلام الإسرائيلي لغرض خدمة الرواية الاحتلالية التي اعتادت إسرائيل أن تسوقها في العالم عن المرأة الفلسطينية، لغرض إفقاد القضية النضالية الفلسطينية قدسيتها وشعبيتها العالمية، لأن العالم سيتراجع عن دعم قضيتنا باعتبار أننا نقهر نساءنا ونقتلهن على خلفية اتهامات تتعلق بشرف الأسرة والقبيلة، ولأنهن أقل منزلة من الرجال!!
تمكنتُ في التوقيت نفسه من التقاط بعض الأخبار عن النساء اليهوديات المقهورات أيضا من المجتمع اليهودي الذكوري ومنها:
تجري شرطة مودعين عيليت وهي مدينة المتزمتين (الحارديم) التحقيقات في اغتصاب طفلة من قبل حريدي في مخزن بجوار الكنيس، وهناك عصابات حريدية كثيرة ويرفض السكان التعاون مع الشرطة، وأنكر ممرضو المستشفى أنهم عالجوا الطفلة المغتصبة، كما أن أهل الطفلة يرفضون الحديث حتى لا تصبح ابنتهم عانسا( يديعوت 5/2/2013).
أزالت صحيفة هموديع الأصولية التابعة لحزب اتحاد التوراة اليهودي صورة حذاء نسائي من لقطة صورة لطفل رضيع تم إنقاذه بعد أن فتح درج الأحذية ونام في داخله، مما أدى إلى إغلاق باب البيت الرئيس بسبب الدرج المفتوح ، مما استدعي إحضار رجال الإطفاء الذين التقطوا له صورة بعد أن تمكنوا من فتح الباب، وظهر الطفل في الصورة بعد إنقاذه سليما معافى، يرقد إلى جوار أحذية نسائية!!
فقام الرقيب الصحفي وهو عبارة عن( لجنة استشارية دينية)بإزالة الأحذية النسائية من الصورة الصحفية التي نُشرتْ مع الخبر في الصحيفة السابقة، لأن الصحيفة تمنع نشر أية إشارة إلى أمتعة وأغراض النساء، لأنهن نجاسة (يديعوت 6/2/2013).
حبست الشرطة الإسرائيلية عشر نساء من جمعية (نساء الحائط الغربي) لأنهن تجرأن على لبس تاليت الصلاة (عباءة)، لكي يتمكنّ من الدعاء عند الحائط الغربي، لأنه لا يحق للنساء (النجسات)الاقتراب من الحائط الغربي المقدس ومن النساء المسجونات رئيسة جمعية نساء الحائط عنات هوفمان وأخت الفنانة سارة سلفرمان ( يديعوت 14/2/2013).
وأخيرا غابت صور الفتيات الصغيرات عن ألعاب عيد أستير هذا العام 2013 بسبب الرقابة الحريدية التي تنص على حظر صور النساء حتى وإن كانت الصورة لطفلة أنثى!! فالحل عندهم هو إظهار صور الرجال فقط، لذا قررت محلات بيع الألعاب أن تزيل وجوه الفتيات والبنات الصغيرات من كل الألعاب لأنهن نجاسة عند المتزمتين الحارديم!!