حوار حول - الفمنستية - ، والعلاقة بين حركة تحرر النساء والحركة العمالية



بيان صالح
2013 / 3 / 5

مقابلة جريدة الى الأمام مع الناشطة النسوية اليسارية بيان صالح منسقة مركز مساواة المرأة
ملف 8 مارس


الى الامام: كيف تربطين بين حركة تحرر النساء والحركة العمالية او نضال الطبقة العاملة؟

بيان صالح: في البداية اشكر جريدة الامام لاتاحة الفرصة لاشارك في ملفها الخاص بمناسبة اليوم النضالي العالمي للمراة.
اعتقد هناك ارتباط وثيق بين استغلال العامل واضطهاد المراة لان فلسفة وجود الاثنان يعتمدان على نفس القاعدة وهي الملكية الخاصة ويجب ان تكون هناك علاقة وثيقة بين نضال العمال ونضال المراة وذلك للوصول الى الهدف الاخير وهو الغاء النظام الراسمالي والملكية الخاصة.
ومن المعروف ان عبودبة واضطهاد المراة لم تكون ابدية أي واذا رجعنا الى اصل انقسام الادوار بين الرجل والمراة فجذوره تعود الى عصر العبودية أي عصر ما بعد المشاعية البدائية، حيث ظهرانقسام المجتمع الى اسياد ومضطهدين وحيث لم يكن هناك استغلال او قمع في عصر المشاعية ودور المراة لم يكن مقتصراَ على البيت وتربية الاطفال، بل هي كانت صاحبة القرار والنسب كان يحدد نسبة الى الام، ولهذا السبب كانت المراة هي الزعيمة داخل العائلة.
ولكن بعد الهزيمة الكبرى واخذ زمام السلطة منها، وظهور الملكية الخاصة فأن الرجل اخذ زمام المبادرة بسبب الاعمال التي تتطلب قوة جسمانية في تقسيم العمل وضرورة معرفة والد الطفل الذي سيكون الوريث بعده ،كل ذلك ادى الى زحزحة دور الام من موقع الزعامة.
وبالتوازي مع هذا ايضا برز الانقسام الطبقي بين العبيد والمالك والمراة التي اصبحت من فئة العبيد أيضاَ لا بل انها قامت بدورين في آن معا، فهي من عبيد الملاك او صاحب العمل وتخضع لعبودية الزوج في البيت.
وهكذا انتهى نظام الامومة وحلت محلها العائلة الابوية التي يتزعمها ويقودها الرجل وفقدت المراة مكانتها الرئيسية في عملية الانتاج ودورها في ادارة الحياة الاجتماعية، وهنا يتبين دور الملكية الخاصة في تحويل المراة الى اداة لمتعة الرجل واداة لانجاب الاطفال وكأنها لم توجد الا من اجل خدمة الرجل.
و كما يشير "انجلز" في "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" فان اضطهاد المراة ظهر في مرحلة محددة في تاريخ البشرية, وهي نلك المرحلة التي انقسمت فيها المجتمع الى طبقات والمراة مضطهدة في جميع المجتمات الطبقية، والسبب يعود الى تطور قوى الانتاج وتمكن الانسان من انتاج فائض عن احتياجاته اللازمة وهذا الفائض ادى بدوره الى ظهور الملكية الخاصة واستغلال الانسان من الانسان.
من المعلوم مطالب الحركة العمالية من تحسين شروط العمل من حيث الاجور وضمان العمل تشمل العاملات ايضا ولكن هناك ظروف خاصة بالمراة العاملة وما تعانيه من استغلال واضطهاد تاريخي لكونها امراة. واعتقد يجب على الحركة العمالية والاحزاب اليسارية المدافعة عن الحركة العمالية الاعتراف الكامل بالواقع المزري للعاملات والنساء بشكل عام وتبني قضية المراة لخضوعها الى اضطهاد مزدوج.
ومن الضروري جدا ان تنظم المراة العاملة نفسها في مختلف المنظمات النسوية والفمنستية المدافعة عن حقوق المراة ضد جميع انواع الاضطهاد والتمييز ضدها وفرض اصلاحات آنية لصالح المراة وفي تفس الوقت تنظيم نفسها في احزاب وحركات عمالية لاجل انهاء النظام الراسمالي والذي هو السبب الحقيقي وراء اضطهادهن.

الى الامام: هناك تصورات "فيمنستية" ولن نقول حركة، والتي مفادها بأن سبب مآسي واظهاد ودونية المرأة في العالم المعاصر بسبب الرجل، كيف تردين على هذه التصورات؟

بيان صالح: نعم كثير من ناشطات الحركة الفمنستية يعتبرون اضطهاد المراة ناتج عن النظام الذكوري (البطريركية) اي يتصورون بان نزعة السيطرة الرجولية كعامل اساسي في اضطهاد المراة بعيدا كل البعد عن المجتمع الطبقي والراسمالي.
وتدعي هذه الحركة الى ضرورة اتحاد كل النساء ضد كل الرجال لانهاء اضطهاد المراة وتحررها. واعتقد هذه النظرة عن سبب اضطهاد المراة خطيرة جدا لانها تمنع وجود اي امل لانهاء هذا الاضطهاد بل دونية المراة واضطهادها ستكونان أبدية طالما يوجد الرجل والمراة في المجتمع.
وهذه النوع من الحركة تنتج بالضرورة فكرة تواجد الفوارق والاختلافات البيولوجية كمصدر اساسي لاضطهاد المراة وبهذا يتم تشتت نضال الانسان تحت النظام الطبقي الراسمالي على اساس التناقض الجنسي والاختلافات البايلوجية ويصب هذا لصالح ابقاء المصدر الرئيسي للاضطهاد وهي الراسمالية والصراع الطبقي ومن جهة اخرى تعزز هذه الحركة استمراروخلود استغلال واضطهاد المراة وعجز ايجاد طريقة للتخلص منه وانهائه. من الممكن ان تحقق الحركات الفمنستية مكتسبات واصلاحات كبيرة لصالح المراة ومساواتها في المجتمع ولكن تلك المكتسبات والحقوق من الممكن فقدانها تحت أي ازمة اقتصادية في ظل النظام الراسمالي الطبقي كما نلاحظ الان في الازمة الاقتصادية الحالية ان نسبة اكبر من النساء تعرضن الى فقدان عملهن وانظمامهن الى الفئة العاطلة عن العمل في المجتمع مقارنة بالرجل.
وكمثال حي حاليا في الدانمارك تحت تاثير الازمة المالية الاخيرة وما يروجه ارباب العمل من الرجل من الادعاءات والتنظير الى ان احد الطرق الناجحة لحل الازمة الاقتصادية وازمة البطالة ان تترك المراة العمل في المؤسسات الخدمية كرياض الاطفال والحضانات وتعود للبيت وبهذا الدولة ستوفر دفع مبالغ رواتب المراة التي تعمل في رياض وحضانة الاطفال ومن ثم ارباب العمل والرجل لا يحتاج ان يدفع ضرائب عالية (الضرائب هي مصدر الرفاهية النسبية للمجتمعات الاسكندفاية) وبهذا ستخف اعباء الاسرة على الرجل وسيكون مهتما بالعمل خارج البيت ولساعات اطول لاعالة الاسرة, والمراة ستقوم بخدمة البيت والاطفال وبهذا ستقل ازمة البطالة والازمة المالية.
يا لخطورة تلك التوجهات لضرب مكتسبات المراة الدانماركية واجبارها ترك العمل في الفضاء الاجتماعي والعمل داخل البيت والاسرة وكما اعتمدت الراسمالية عبر مراحل وجودها على مؤسسة الاسرة وعمل المراة المجاني (غير مدفوع الاجر).
ومن خلال عملي داخل المنظمات النسوية الدانماركية والكثير منها فمنستية لاحظت عزل قضية المراة واعتبارها قضية تخص المراة فقط بدل اعتبارها قضية المجتمع باكملها وجر الرجال المدافعين عن مساواة المراة وقضيتها الى صفهم.
هناك تصور شائع بان المراة الدانماركية حصلت على حقوقها كاملة وهي متساوية مع الرجل في المجتمع ولكن للاسف حتى الان هناك فوارق بين اجور المراة والرجل بنسبة 18%, حتى الان لم يتقبل المجتمع الدانمركي اجازة الابوة, وبعد نضال 6 سنوات من عمل ما يقارب 24 منظمة نسوية في الدانمرك لتجريم شراء الجنس وجسد المراة تم رفض هذا المطلب من قبل البرلمان الدانماركي قبل بضعة اشهر وستكون مظاهرة 8 مارس هذا العام ضد شراء الجنس وجسد المراة, اكثر الاعمال الخدماتية من نصيب المراة, اما بخصوص العمل المنزلي وحسب اخر تقرير بان المراة الدانماركية تعمل بمعدل 20 ساعة اكثراسبوعيا من الرجل في الاعمال المنزلية وتربية الاطفال, تتواجد ما يقارب 42 بيت ماوى لحماية النساء في الدانمارك.
وهذا يشير بان ما زال الطريق امامنا طويلا ولا بد حشد جهود المراة وجهود جميع الرجال المتنورين للدفاع عن مساواة المراة وحقوقها الكاملة في المجتمع.

الى الامام: ما هي رسالتك في هذا اليوم الى المرأة في العراق؟

بيان صالح: بمناسبة اليوم النضالي العالمي للمرأة ادعوا المرأة العراقية و جميع نساء العالم ومنظماتها الى:
النهوض ورفض الواقع المرير من خلال التنظيم والانتماء للمنظمات النسوية المدافعة عن حقوقها والمطالبة بالمساواة الكاملة في المجتمع بمساندة الحركات والمنظمات التقدمية وجميع الأحزاب اليسارية الراديكالية والعلمانية والمنظمات العالمية للتصدي للعنف الممارس يوميا ضدها.
التنسيق الفاعل بين المنظمات النسوية وضرورة تشكيل لجنة تنسيق للعمل المشترك بين المنظمات المدافعة عن حقوق المراة المستندة الى المواثيق الدولية, وضرورة تجاوز التعصب والصراعات الحزبية بين تلك المنظمات والتوحد على مسالة الدفاع عن حقوق المراة ومساواتها, التركيز على النقاط المشتركة وكل ما يتعلق بهموم ومشاكل المراة اليومية, ورفض اقتصار دورها على ان تكون واجهات غير معلنة للاحزاب السياسية.
دعم وتفعيل المراة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتسهيل فرص العمل للمراة عن طريق تمكينها ورفع كفائته للحصول على عمل واستقلالها اقتصاديا.
التوعية القانونية للمراة العراقية وارشادها بمعرفة حقوقها وعمل برامج توعية لتتعرف المراة على جميع انواع العنف الممارس عليها وكيفية مقاومة العنف داخل البيت، في الشارع, في العمل.
دعم مشاركة المراة سياسيا والانخراط افي مراكز صنع القرار وتصعيد مشاركتها السياسية وتفعيل دورها في المعترك السياسي, والابتعاد عن التبعية المطلقة للأحزاب السياسية (خاصة تلك التى لها برامج معادية للمراة ومساواتها) التي تستغل دور ووجود العنصر النسائي في المصالح الضيقة لتلك الأحزاب وعدم المس بقضية وحقوق المرأة في المجتمع, ولقد شاهدنا كيف استغلت أصوات المرأة العراقية في الانتخابات وصناديق الاقتراع لصالح الأحزاب القومية والدينية.
المطالبة بتصعيد نسبة العنصر النسائي داخل مراكز السلطة بالكوادر والشخصيات النسائية الممثلة والمستعدة للدفاع عن حقوق المرأة وليس شخصيات نسائية (احيانا معادية للمراة) منصبة من قبل أحزاب أو أشخاص داخل دائرة لعبة كراسي الحكم.
المساهمة الفاعلة للمرأة في رفض الدستور الحالي والتي يحتوي على بنود يدعم قضم حقوق المرأة وطلب دستور مدني وحضاري بعيد عن النزعات القومية والدينية ورفض النموذج الافغاني اوالايراني او اي نموذج استبدادي اخر.
رفع الأصوات للمطالبة بوضع حد للعنف والاختطاف والتحرش الجنسي والقتل بذريعة الشرف, ومنع ختان الفتاة, حماية النساء عن طريق فرض عقوبات قانونية صارمة لكل من يمارس العنف ضدها.