لا غنى عن حركة نسائية كفاحية، تقدمية، ديمقراطية ومستقلة



المناضل-ة
2013 / 3 / 9

تعاني نساء قاعدة المجتمع من اشتداد الاستغلال وصنوف القهر المشتركة مع المقهورين من الرجال، و علاوة على ذلك يسحقهن الميز ضدهن بصفتهن نساء. فهن أولى ضحايا كل أهوال الرأسمالية التابعة، و ضحية السلطة الذكورية الراسخة في المجتمع.

هذا القهر المزدوج يضع غالبية النساء في موقع كفاحي متقدم، سواء ضمن الطبقة العاملة حيث يشكلن أغلبية بقطاعات إنتاج عديدة، أو في الأحياء المفقرة و المناطق القروية المهملة حيث يتقدمن حركات الاحتجاج من أجل الخدمات العامة ومستلزمات الحياة الأولية.

أنهن طاقة كفاح جبارة. هذا ما يعيه المستفيدون من نظام الاستبداد و الاستغلال والاضطهاد، ما يحدو بهم إلى سياسة احتواء و إبطال أي تبلور كفاحي ضد جوهر اضطهاد النساء، وحتى إلى ابتلاع الدولة لأشكال التنظيم النسائية، و استعمالها لتأمين إجماع و مشروعية للسياسات الرأسمالية المدمرة للحقوق الاجتماعية والمديمة لقهر غالبية النساء.

هذا هو جوهر كل التضخم الكلامي عن "التنمية المستدامة"، و " الإنصاف" و"المقاربة التشاركية" و"إدماج النوع" . هذه المفاهيم مكيفة ضمن سياسة عالمية تطبقها مؤسسات الامبريالية الراعية لمصالح الرأسمال العالمي ضد الطبقة العاملة وشعوب العالم التابع (المستعمر بطرق جديدة)، أي الأمم المتحدة و البنك العالمي وصندوق النقد الدولي و الوكالة الدولية للتنمية.

وقد وجدت ببلدنا قنوات تمرير جعلتها تنفذ إلى أعماق الطبقات الشعبية بالمدن والقرى: منها سياسة القروض الصغرى، و الأنشطة الاقتصادية "المدرة للدخل"، وأشكال متنوعة من الأنشطة الموجهة لتدويخ النساء.

هكذا، ليس ما يمكن نعثه راهنا بالحركة النسائية بالمغرب سوى شبكة جمعيات متخصصة، وتابعة بشكل وثيق لتمويل الدولة و للتمويل الخارجي، تعمل كذراع لسياسة النظام القاهرة للنساء، و كمقاولات من باطن في خدمة مؤسسات الامبريالية العالمية. لقد باتت قضية تحرر النساء مشتتة في جملة مواضيع منفصلة، و مطالب للتحسين الجزئي ، و مقترحات تشريعية و مشاريع صغيرة محلية للرد على استعجال البؤس النسائي. و هذا انتصار كبير لنظام الاستغلال و الاضطهاد.

كي يستعيد مشروع تحرر النساء حمولته التغييرية الراديكالية لا بد من العودة إلى نقد جذور اضطهاد النساء: الرأسمالية و البطريركية. و ثانيا النضال من أجل استقلال التنظيمات النسائية، عن النظام وعن المؤسسات الدولية، ومن أجل تبنيها منظورا شموليا يقدم بديلا إجماليا يحقق كرامة النساء المستغلات و المضطهدات، في ارتباط وثيق بباقي مكونات صف النضال من أجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية بمضمونهما الجذري.

إن العمل الخيري الذي يضطلع به نسيج الجمعيات المخاطبة للنساء إنما يديم نظام القهر و الاستغلال، بيد أن المشاكل التي يتدخل فيها ذلك العمل الخيري هي منطلق كل عمل تحرري، يناضل من أجل الإصلاحات لكن بمنظور ثوري، و إلا ظلت قضية تحرر النساء مجرد دعاوة مفصولة عن الواقع. هذا الارتباط الوثيق بمعاناة النساء اليومية بمنظور كفاحي و ديمقراطي هو ثالث شروط بناء حركة نسائية تحررية حقيقية: حركة نسائية كفاحية،تقدمية، ديمقراطية ومستقلة.

المناضل-ة