مظلومية المرأة العربية في جنسية أولادها



رعد عباس ديبس
2013 / 3 / 13


إن جميع القوانين والشرائع السماوية تقر بالمساوات بين الرجل والمرأة أمامها وكذلك فعلت العهود والمواثيق والاعلانات الدولية الخاصة بحقوق الانسان السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي وافقت عليها الدول العربية كافة وأنضمت اليها وبذلك من المفترض أن تكون القوانين المحلية التي تسنها تلك الدول متوافقة مع هذه المواثيق والعهود الدولية. وقد أكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 15 الفقرة (1) على حق كل فرد بالتمتع بجنسية ما, والجنسية ( علاقة قانونية بين الفرد والدولة ترتب لكل منها حقوق وواجبات اتجاه الآخر) وعادة ماتمنح الدول الجنسية اعتمادا على قاعدتين هما حق الاقليم ( كما في الدول التي تتبع المدرسة الانجلوسكسونية, حيث تمنح الجنسية لكل فرد يولد على اقليم تلك الدولة) أو حق الدم ( كما في الدول التي تتبع المدرسة الفرنسية, حيث تمنح الجنسية للفرد وفقا لجنسية والديه أو أحدهما), وبما أن الدول العربية تتبع المدرسة القانونية الفرنسية فهي تمنح الجنسية على أساس حق الدم, ولكنها ليست كدول العالم الاخرى التي تؤمن بحقوق الانسان وحقوق المرأة وتمنح الجنسية للمولود على اعتماد جنسية الأب أو الأم, إنما تمنح الجنسية للمولود نسبة الى جنسية الأب فقط دون الأم ( باستثناء تونس في التعديل الجديد لقانون الجنسية) , وحتى في العراق الذي ينص دستوره في المادة 18 – ثانيا ( يعد عراقي كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية وينظم ذلك بقانون) وعندما صدر قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 ذكرت المادة 3 منه ( يعتبر عراقيا : أ- من ولد لأب أو لأم عراقية) وهذا يعني أن من يولد لأم عراقية, أيا كانت جنسية والده وأينما يولد, يتمتع بالجنسية العراقية حال تسجيله في دائرة النفوس إذا ولد داخل العراق أوحال تسجيله في القنصلية العراقية إذا ولد خارج العراق, كما هو الحال في الدول المتقدمة والتي تحترم حقوق الانسان وحقوق المرأة, ولكن المادة 4 من نفس القانون تنص بأن ( للوزير أن يعتبر من ولد خارج العراق من أم عراقية و أب مجهول أو لاجنسية له عراقي الجنسية إذا اختارها خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد ألا إذا حالت الظروف الصعبة دون ذلك بشرط أن يكون مقيما في العراق وقت تقديمه طلب الحصول على الجنسية العراقية) وبذلك تكون هذه المادة مناقضة للمادة السابقة لها وللمادة 18 من الدستور العراقي هذا من جهة, ومن جهة أخرى فان المولود سوف يبقى بدون أوراق ثبوتية طيلة 18 عام حتى يبلغ سن الرشد وهذا مايسبب المعانات له ولأمه طيلة هذه السنين, ومن جهة ثالثة من أين يأتي بالوثائق التي تمكنه من دخول العراق والاقامة فيه لكي يحصل على الجنسية. أما في دول الخليج فالمصيبة أكبر لأن أبناء الخليجيات المتزوجات من عرب أو أجانب لا يحصلون حتى على حق الاقامة الى جانب أمهاتهم إذا انتهت إقامة الأب في بلد الأم لاي سبب من الاسباب.
هذه القوانين المتخلفة تسبب الكثير من المعانات للنساء العربيات وتضيف هم الى جانب همومهن الكثيرة المتأتية من سطوت الرجل ومحاولة تسلطه على المرأة بسن القوانين المخالفة لحقوق الانسان التي ضمنتها الشرائع السماوية والقوانين الدولية الانسانية والمواثيق العالمية, علما بأن النتائج السلبية للحيف الواقع على المرأة تصيب الرجل أيضا لأن المرأة هي التي تحمل الرجل في أحشائها وهي التي تلده وهي التي تربيه فيجب الانتباه الى هذا الجانب لكي يصلح المجتمع لأن صلاحه بيد المرأة.
د. رعد عباس ديبس