أُسبوع آذاري للنساء



رابحة مجيد الناشئ
2013 / 3 / 30

أُسبوع آذاري للنساء
في مدينة ﭙواتيه الفرنسية
احتفل تجمع 8 آذار ‹‹ أحزاب سياسية يسارية، منظمات الدفاع عن حقوق المرأة ومنظمات مجتمع مدني أُخرى ›› بعيد المرأة، الذي يسمى هنا في فرنسا، عيد النساء- La fête des Femmesفي هذا العام 2013، اتفق التجمع على أن يستمر الاحتفال اسبوعاً كاملاً، من 4 إلى 11 آذار، مُفعماً بالفعاليات التي تصب جميعها في دعم شعار هذا العيد لهذه السنة :

" حق النساء في العمل وفي الأجور المتساوية "

ليس سراً بأن النساء يخضعن للتمييز في فرص العمل وفي الأجور، والأسباب العميقة لعدم المساواة هذه كانت قد تركزت في المجتمع على مر العصور. فبالرغم من وجود الكثير من القوانين التي تمنع عدم المساواة، ما زال التمييز بين الذكور والإناث حديث الساعة ، حاضراً ومطبقاً ومعززاً بمعطيات المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية - .L’INSEE

فحسب المعطيات الاحصائية:
♦- الاختلاف في الاجور ما بين الذكور والإناث في المتوسط بنسبة % 25 .
♦-%31,2 من النساء يعملن بوقت جزئي أو مؤقت مقابل %7,7 من الرجال.

إن السبب الأول لعدم المساواة هو التمييز العمودي - Verticale،

وهو يعني وضع العراقيل لمنع العنصر النسوي من الوصول للوظائف ذات المسؤولية العليا، على الرغم من تحصيلهن العلمي وكفاءتهن المهنية. فلجان تعيين الكوادر على سبيل المثال تضع معايير يجب توفرها في المتقدّم، كالتواصل والالتزام والحراكية( قابلية التحرك الجغرافي )، وتعتقد هذه اللجان بأن هذه المعايير غير ملائمة للنساء اللواتي لهن عائلة وأولاد....بل حتى من ليس لهن عوائل، يعاملن في الكثير من الأحيان من قبل المؤسسات والشركات، كأمهات مُحتملات، لذا ليس بإمكانهن النجاح في موضع المسؤولية العليا.

السبب الثاني، وليس الأَقلَ شأناً هو التمييز الأفقي- Horizontal -، الذي يُبقيهنَ في بعض قطاعات العمل:

% 80 من النساء يعملن في 5 قطاعات من17 قطاع، محددة من قبل ال INSEE، كمجال التجارة ومجال التربية ومجال الصحة ومجال السياحة والخدمات وهي في الغالب وظائف ثانوية. وهناك شيء مُشترك بين هذه المهن، هو التسجيل البارع للدور التقليدي للمرأة في المنزل أو في المؤسسات والمشاريع العائلية، وهكذا بالنسبة لأصحاب العمل مثل هذه الوظائف لا تستحق أُجوراً عالية بحجة أنها لا تحتاج لكفاءات ومهارات تكنيكية. إن سن القوانين لوحدها لا يكفي للقضاء على مسببات عدم التساوي، بل يجب العمل على تغيير المواقف والأفكار السائدة من جهة والتطبيق الحقيقي للقوانين من جهة أخرى.

فعاليات الأسبوع

الاثنين، 4 آذار:

في المركز الثقافي – الاجتماعي للحي الغربي لمدينة ﭙواتيه – لا بلزري:

1- مسرحية للجمهور من عمر 12 سنة فما فوق، تفضح العنف الموجه ضد العنصر النسوي متبوعة بنقاشات مع مؤلف المسرحية.

2- مَعرض صور فوتوغرافية بعنوان: ‹‹ فتيات وفتية: كل المهن ممكنة ››.

الاربعاء، 6 آذار:

برنامج إذاعي خاص في راديو ﭙلزار- Radio Pulsar ...... بُثَ لساعات طويلة : الاستماع لشكاوي النساء وَمناقشتها من قبل المختصين.

الخميس، 7 آذار:

في المركز الثقافي العلمي والتقني " Espace Mendès France ،" محاضرة - نقاش" حَولَ التصورات النمطية عن النساء والتساؤل عن كيفية تغييرها. والمحاضرة مُعززة بشهادات من قبل فتيات ونساء وأخصائيين في العلوم الاجتماعية والتربوية حَضرتها وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.

الجمعة، 8 آذار: من الساعة الخامسة مساءً حتى منتصف الليل

بدأ التجمع في الساعة الخامسة ثم انطلقت المظاهرة من ساحة شارل دﻴﮕول مُصاحبة بفرقة موسيقية مُكوَّنة من نساء وَرجال وَمن جنسيات مختلفة. جابت المظاهرة شوارع مدينة ﭙواتيه والجماهير تُحييها في كل مكان تمر به.
وعلى طول الطريق يُسمع صوت النساء وهن يرددن ترنيمة مُهداة لكل نساء العالم، وفيما يلي ترجمة لبعض مقاطع هذهِ الترنيمة:

لنستيقُظ نِساء...إماء
ولنحطم حَواجزنا
وُقوفاً، وُقوفاً، وُقوفاً
*****
نحن اللواتي دونَ ماضٍ
نحن اللواتي بلا تأريخ
ومنذ زمن سحيق، نساء
نَحنُ القارة السوداء
*****
مُستعبدات، مُهانات، نساء
مُشترات، مُباعات، مُغتصبات
في كل المنازِلِ عن العالمِ هابطات
*****
لنستيقُظ نِساء...إماء
ولنحطم حَواجزنا
وُقوفاً، وُقوفاً، وُقوفاً
*****
عند وصول المظاهرة إلى صالون بلوساك، وهي قاعة واسعة جداً تابعة لبلدية مدينة ﭙواتيه، كان بانتظار الجمهور المتظاهِر عشاءً احتفاليا، وجلسات حميمية، انتهت بالتوجه لسينما Tap Castille القريبة من البلدية من أجل مُشاهدة الفلم المخصص لعيد المرأة.

فلم فرنسي‹‹ دراما ›› كتابة وإخراج Cyril Mennegun -
2012 .

يتحدث الفلم عن مُعاناة امرأة بعد انفصال عائلي مُؤلِم في سِن الخمسين وفاقدة لكل شيء، كل ما تملكه هو سيارة متواضعة كثيرة العطب تتنقل فيها في النهار وتنام فيها في الليل.

تعمل لويز ويمر كخادمة في فندق وتكافح في سبيل الحصول على شقة والانطلاق في الحياة من الصفر، مُتمسكة بحبها للحياة.

صورة رائعة لامرأة ناضجة صلبة كصخرة، متضررة ومتصدعة في كل مكان، إلا أنها امرأة تحاول أن تبقى واقفة على القدمين وغير مُستعِدَة للتخلي عمّا تريد الوصول إليه... العيش بكرامة. فبعد كل المعاناة والمنغِصات التي عانت منها هذِه المرأة الشجاعة، تنتهي قصة الفلم برفع الرأس وبابتسامة عريضة للحياة.

حاز هذا الفلم على جوائز كثيرة.

الاثنين، 11 آذار كان مكرساً لشهادات عن:

*- إنشاء الشركات بواسطة النساء

*- رئيسات لمشاريع في مؤسسات وشركات يتحدثنَ عن نجاحهن في الخلق والانشاء للمشاريع ويشهدنَ على مكانة المرأة وثقلها في ميدان البحث والعلوم.

كانت هذِه الشهادات خير ما يُختم به اسبوع التضامن مع المرأة، لكن المعركة من أجل المساواة لم تنتهي بعد وقد تكون طويلة....

إن هذا الاسبوع الاحتفالي لم يكن للنساء الفرنسيات فحسب، بل كان كذلك اسبوعاً تضامنياً مع نساء العالم في كفاحهن المتواصل من أجل الحرية والاستقلال والمساواة. ولم يكن الوضع القاسي الذي تعيشه النساء العراقيات بعيداً عن الطرح والنقاش. ففي كل فعالية من فعاليات هذا الأسبوع طُرحت ونوقِشت معاناة النساء العراقيات الصابرات على المِحَن والمضحيات على الدوام. فبعد ظلم وجور النظام الدكتاتوري السابق، ومردودات نزاعاته وحروبه العبثية التي دفعت النساء ثمنها بالدرجة الأولى، استبشرن بسقوط ذلك النظام الجائر، متطلعات لحياة أَفضل في دولةٍ مدنية عِلمانية تؤمن بالديمقراطية وبالمساواة وبحقوق المواطنة. لكن الواقع الجديد جعل منهن ضحايا للإرهاب والاغتصاب والتهجير ولأجندات الفكر الرجعي المسيَّس.

تعاطفت النسوة الفرنسيات والأجنبيات مع المرأة العرقية في مُعاناتها وفي بطولاتها حتى أن تاريخها أعتبر من قبل المحتفلات شهادة عن التضحية والبطولة والحب والمواصلة.

أن الإجحاف بحق النساء واغتصاب حقوقهن ليس بجديد وليس مرتبطاً بمجتمع ما أو برقعةٍ جغرافية محددة ولا بحقبةٍ زمنية معينة، لكنه يختلف بالدرجة وبالنوع.