مشيت رغم ذلك



دارين هانسن
2013 / 4 / 7

بعفوية مصطنعة سحبت رجلي كدت اتهيأ لركض لا عودة فيه حين مسكت برجلي ألمتني فأوقعتني وتمسكت بفردة حذائي التي لم أستطع خلعها كي أتابع الركض
حيث لم يكتف هو بسفح دمائنا لم أكتف أنا بترنيمة صوت أت من بعيد
غرقت في مسامي حد الكفر حد استطلاع الرؤية وتحويل الأرقام إلى مجرد لغة سرية أفضح بها مشاعري أمامه من دون أن يعي حرفاً
للموت سحر غريب وقع لا أعيه طرقة باب فجائية في منتصف الليل وأنت وحدك وكأس الخمرة البارد أمامك وبانتهاءه تكون قد فقدت رائحة قريبة رغم المسافات التي تفصلكم الأن
خطوة أخرى متمردة تراجعت على إثرها للخلف وبقي حذائي في يدها كان يمكن لي أن أركض لكني بقيت أحدق في عينيها بعناد لم أعرفه من قبل
سقطت دمعتها ولعنتني ومازالت عينايا تحدقان فيما بعد رموشها وفيما أبعد من ذاك البؤبؤ الجاحظ كضفدع لا يعرف طريق العودة للغابة
مددت يدي وببساطة متوقعة سحبت حذائي أعرفها لا تقو على المقاومة وكل ما تريد هو الصراخ الأصم
وقفت مددت يدي وسحبتها أعينها على الوقوف فهرب ذاك الضفدع من عينيها وبقيت وحيدة معي
لعنتها كما لعنتني وغطيت تلك العينين ببعض الشتائم التي تليق بمقام أنثى تخلت عن أنوثتها من أجل صنم
قهوتها مرة قتلت الإبتسامة في وجهي لأنها شغلتني بالبصاق
لماذا أبصق بهذه الحقارة لا أدري بصقت حتى جف حلقي ونهضت مودعة
أحفر الطريق بتساؤلات لا إجابة عنها وخيالات ورؤى لا تتعدى مساحة رأسي وحين مللت من نظرات الناس الجائعة والأبواق النشاذ التي تعج معلنة عن بيع سكس رخيص أو اغتصاب لا مفر عنه إذا لم تكشري عن أنيابك وباعة حشيش وبعض الصبية الصغار الذين قتل الكبار كل أحلامهم فصاروا نزلاء الشارع يدافعون عنه بشراسة
وبعد أن يأست من وجود منفذ طبيعي يقود رجلاي إلى حافة النيل حيث أجلس وأتكرم على رجلاي بأن تلامسان مياهه التي ملت التلوث
وحين صرت أشك بأني فعلاً كائن فضائي لا ينتمي للمكان أو ملكة جمال فرعونية هربت من صفحات التاريخ أو قذر يثر الإشمئزاز يتسول بوقاحة في الشوارع قررت أن أركب أول عربية تأتي احتراماً لشعور المارة وقوقعاتهم الميتة
محبوسة أنت في شوارع القاهرة رغم كبرها لا مكان لك للسير فيها
حتى فمي هلك من تكشيرة أنيابي وطبق يائساً
أول عربية أتت فتحت بابها بسرعة وقبل أن أخبره عن اتجاهي شرعت بالتدخين دخنت بشراهة وأنا ألعن قدر النساء في مجتمعي اللعين نظر إلي باستغراب فعرفت فظافظتي واعتذرت عن إشعال سيجارتي من دون إذن ولكنه كان يسألني عن سيجارة دخنا في الطريق الجهنمي التي ظننته سيكون إلى المنزل ولكنه تحول إلى عراك أهلي بين رجل أكبرمن عمر جدي وبيني
ابتدأ العراك بالسؤال من أين أنت ولشدة بلاهتي أجيب بأني سورية ليبدأ عرضه الرخيص الغير المباشر ببيع السكس أو الترويض لمشروع اغتصاب ولكأنه يظن بأن السوريات عربة قطار يركب بها كل من هب ودب
مشوار قصير في ذاك التكسي ذو الرائحة النتنة لينتهي بإمساكي بحقيبتي وصفع رأسه من الخلف وخلع باب التكسي والمشي
لحسن الحظ كنت قد وصلت قريبة من منطقة الزمالك سارعت الخطى أقصد ديلز ذاك المكان الذي سينظف روحي من غبار شوارع القاهرة
مع أول كأس بكيت لوحدي بحرقة والكأس الأخرى بدأت روحي تستيقظ مجدداً لينتهي الكأس الثالث بخطة تقتضي الذهاب مشياَ إلى المنزل بعد أن تفقدت حقيبتي المصونة وجدت بها علبة ديدوران كان سلاح كاف كي يقنعني بضرورة المشي إلى حيث أسكن حالياً في الدقي
دفعت وسرت.. كان فمي قد ترطب مجدداً فاستطاع أن يكشر مجددا استوقفني أول محل لبيع الأغراض القديمة سرقت النظر وأنا أمشي
معي ما يكفي من السجائر لرحلة الدقي
بين البصاق والسجائر ولكنتي المصرية التي أرد بها على تعليقات المارة وصلت الدقي
رن هاتفي في أول الدقي كان صديقي يطمأن بأني مازلت أتنفس رغم السلاسل الموجودة حول رقبتي أخبرته بأن أمشي إلى المنزل وحدي كانت الساعة قد تجاوزت الثانية والنصف صباحا أتى ببجامة نومه مستقلاَ أول تكسي كي يحميني
الوقت الذي استغرقه وصوله كان كافياً لي كي أجد بار وأعاود الإتصال به كي يلاقيني هناك
رجال أصغرهم تجاوز الأربعين تحولت كل عيونهم صوب إمرأة عشرينية تدخل بارا في القاهرة وحدها حوالي الساعة الثالثة صباحا
بدأت عروضهم الرزيلة بالتدريج لتنتهي فجأة بوصول صديقي ببجامة نومه
تحولت العيون إلى بيجامته والهمس باللغة العريبة ظناً منهم بأننا لا نفهم
لعن الله المسلسلات التركية التي جعلت من المصري العادي يظن بأن الإنكليزية لغة التواصل بيننا في حال لا يفقه اللغة التركية رغم امتلاء نشرات الأخبار وشوارع القاهرة بأخبار بلادي أو اغتصاب نساء بلادي هناك تحت ما يمسى الدين! أو عفواً التجارة بالدين لصالح رجاله دوما!