للزوجة نصف ثروة الرجل



عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
2013 / 4 / 16

لا جدال في أن فض أي شراكة من طرف واحد ظلم واضح لا لبس فيه. لكن حتى بعد ذلك، تجد المرأة المطلقة نفسها ضحية ظلم أفدح لما تخرج مشردة ومفلسة من شراكة ربما امتدت عقوداً طويلة من الزمن قد أفنت خلالها سنين وزهرة شبابها في خدمة الزوج ورعاية الأبناء. للأسف، هذا هو حال كثير من النساء في ظل قوانين الأحوال الشخصية المتوافقة مع الشريعة السارية حالياً في مصر، وبأشكال مختلفة في معظم الدول الأخرى ذات أغلبية السكان المسلمة حول المنطقة.

في مسألة الزواج وتكوين الأسرة، لا تزال مثل هذه القوانين ذات الأرضية التراثية الظالمة بحق المرأة لا تنظر إلى الشكل القانوني المنظم للعلاقة بين الزوج والزوجة كعقد شراكة بين طرفين كاملين متساويين في الحقوق والواجبات، غير قابل للفض بناء على هوى تعسفي من أحد الطرفين، ومن دون قسمة بالعدل أولاً للأعباء وثمرة الكفاح المشترك طوال سنين الشراكة الماضية. على العكس، أغلب قوانين الأحوال الشخصية السارية لا تزال تقنن وضعاً بالياً تجاوزه الزمن منذ زمن بعيد في ما يشبه "عقد استرقاق" الزوجة وتسخيرها للرجل أو، في تشبيه آخر، "عقد بيع" يبرم بين ولي الأمر- "الطرف الأول، البائع"- من جهة والزوج- "الطرف الثاني، المشتري"- من الجهة الأخرى وفيما بينهما الفتاة العروس لا تعدو كونها سلعة يتبادل عليها الطرفان وصاية اقتصادية واجتماعية خانقة. هكذا، إذا ما حدث أن فقدت الزوجة وصاية الزوج بعد طلاق حينها لن تجد أمامها خيار سوى أن تعود أدراجها إلى حيث كان مقر الوصاية الأولى، أو الضياع في الشارع مشردة ومفلسة خلافاً لذلك.

مهما تكن عظمة وجلالة الشروح والمبررات الأسطورية المقدمة بتفاني مشهود، لن يتحمل المنطق السوي والمستقيم أبداً خلاف أن يكون حاصل جمع الواحدين الكاملين المتساويين (1+1) اثنين (2) كاملة غير منقوصة. إذا كان الحال كذلك، ولا يمكن أن يكون أبداً غير ذلك، لابد حينئذٍ أن تكون حصيلة القسمة العادلة لمجموع الاثنين الكاملة بين الواحدين الكاملين والمتساويين هي واحد كامل ومتساوي لكل منهما، لا اثنين كاملة إلى صفر، أو أن يكون نصيب الذكر الواحد مثل نصيب الأنثيين الاثنين. رغم كل مزاعم الرحمة والحماية والعدل والمساواة وكفالة الحقوق، طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية الحالية لا تزال المرأة لا تحصل من الميراث في ثروة أبيها سوى على نصف نصيب الرجل، ولا تحصل على أي شيء من ثروة زوجها عند الطلاق، حتى لو بعد خدمة وعشرة دامت أكثر من خمسين سنة متصلة.

لا جدال أبداً في أن الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا بعد تحقق مبدأ المساواة الكاملة بين الطرفين. كما لا يمكن أن يثور جدل في أن فض الشراكة- مثل انعقادها- يستلزم أن يكون برضاء وموافقة الطرفين معاً، أو بواسطة حكم (قاض) محايد إذا ما تعسر التوصل ودياً إلى اتفاق. علاوة على ذلك، فض الشراكة لا يتم من دون حصر وتصفية أصولها، الخاسرة والكاسبة معاً، ثم قسمتها بالعدل طبقاً لنسب المشاركة. خلاف ذلك، لا يكون العقد المبرم في الأصل "عقد زواج" مبني على الشراكة كما يدعى لكن، في الحقيقة، "عقد استرقاق" واستعباد مبني على مبدأ البيع والشراء والتداول السلعي بين الطرفين الكاملين والمتساويين الحقيقيين: ولي الزوجة (الطرف الأول، البائع) من جهة والزوج (الطرف الثاني، المشتري) في المقابل.

لا جدال أيضاً، من منطق واقعي، في حق الزوجة عند الطلاق في نصف ثروة الزوج المكتسبة منذ تاريخ إشهار زواجهما إلى تاريخ إنهائه. لو ما كانت ربة المنزل غير العاملة قد تفرغت لخدمة الزوج ورعاية الأبناء، ما كان استطاع الزوج في المقابل أن يتفرغ للعمل والكسب وتحقيق الثراء. هو تقسيم لأعباء مشتركة، حيث لو كان الزوج هو الذي تفرغ للمهام المنزلية ورعاية الأبناء لكان الكسب والثروة الأكبر من نصيب الزوجة. على سبيل المثال، الزوجة في حقيقة الأمر شريك كامل في كل قرش يكسبه الزوج من العمل بالخارج نظير تحملها في غيابه المسؤولية الكاملة عن أعباء رعاية الأبناء وتدبير شؤونهم في الوطن بينما هو متفرغ بكامل طاقته للعمل وجمع المال في البلد الأجنبي. لكن ما قد يحدث في الواقع أن الزوج يعود بعد طول سفر محملاً بثروة طائلة مسجلة باسمه وحده ويكون جزاء زوجته المكافحة في غيابه إما أن يتزوج فتاة شابة عليها ويريدها أن ترضى بالوضع الجديد أو أن يطلقها لتجد نفسها، خاصة إذا كانت غير حاضنة بعد، مشردة ومفلسة في الشارع.

إذا كان من العدل أن يحتفظ الزوج لوحده بكل تعبه وشقاه خارج البيت، يصبح من حق الزوجة هي الأخرى أن تحتفظ لوحدها أيضاً بكل ثمرة تعبها وشقاها داخله- الأبناء. أما أن يخرج الزوج من هذا العقد المزعوم غانماً المال والبنين بينما لا تخرج الزوجة سوى بملابسها، فلا ظلم بعده.