المرأةُ ... الحرية_ أساس الصراع مع الرجعية



رشيد كرمه
2005 / 4 / 15

نظم النادي العراقي في مدينة _ بوروس _ السويد حفلاً ومهرجاناً بمناسبة يوم المرأة العالمي لما لهذا اليوم من أهمية بالغة لا لكونها تمثل نصف المجتمع وإنما كون المرأة رمزاً للحرية وعنواناً للتقدم والرقي وما سيمائيات المجتمع العراقي في الوقت الحاضر إلا دليلا ً على الواقع المزري للمرأة العراقية .
وليس من الإنصاف ان نوجه اللوم للرجل فقط في صيرورة هذا الواقع . فهناك أعداد هائلة من النساء تشارك وبغباء ملفت للنظر في تكريس هذا الواقع بدفاعها عن الحجاب كونه ( مكملاً لشخصية المرأة ) أولاً وما عمل المرأة خارج البيت ومشاركتها في العمل السياسي والإجتماعي إلا إهانة لها ثانيا ً.
من الجدير بالذكر إن عدداً منهن يفضلن العيش في بلدان ( الكفر ) على العيش في البلدان ألإسلامية !!!! ولا أدري كيف سنتحول الى بلدانٍ صناعية ننتج ما نحتاجه مع قوى عامله ترتدي كم هائل من الملابس إبتداءً من العباءة والعصبة ونواحيها ؟ وكيف تتدبر المجتمعات ألإسلامية واقعها الإقتصادي ؟,أخيراً كيف تحصل المرأة المتلفعة بالسواد من قمة رأسها الى أخمص قدميها على فرصة عمل تبدو شحيحة على غيرها من النساء المتحررات من هذا القيد المخجل ؟
ولأهمية دور المثقفين وألأحزاب التقدمية والنوادي الإجتماعية والتي ستكون عماد المجتمع المدني ومحركها الديناميكي توجه النادي الى أنصار المرأة _ الحرية _ للمساهمة في تنظيم ملف عن المرأة
بمناسبة 8 آذار وسننشر تباعاً المساهمات .
( دور المرأة من خلال التنظيم الجماهيري ......................... كريم دوخه.. عضو النادي العراقي )

منذ سنة 1910 وإتحاد المرأة في أوربا يحتفل سنوياً في 8 آذار بعيد المرأة العالمي فانه وبمبادرة من المناضلة الشيوعية الألمانية _ كلارا زدكين_ التي قدمت إقتراحاً للأتحا د النسائي ألأوربي باعتماد اليوم المذكورعيداً عالمياً.. وسرعان ما قوبل المقترح بالأستحسان منتقلاً الى أنحاء العالم تدريجياً الذي أخذ يحتفل بهذا اليوم .
ففي أمريكا تم أول إحتفال بالعيد عام 1960 وفي السويد إحتفلت المرأة السويدية لأول مرة عام 1971 والآحتفال تكريم تستحقه المرأة لما قدمته من تضحيات وافرة تجاه المجتمع في حقب تاريخية طويلة ..
وفي العراق فان الاحتفال بعيد المرأة جرى سنة 1959 من خلال مسيرة جماهيرية كبيرة وإحتفالاً وتظاهرة رائعة من أجل دعم حقوق وحرية المرأة.. مما أرعب الرجعية وقوى الظلام العراقية . فبدأ التآمر على الحقوق البسيطة التي تحققت للمراة والذي تكلل بإصدار قانون الأحوال الشخصية الذي أُلغي في أول إجتماع لمجلس وزراء إنقلاب 8 شباط الفاشي. أما بعد عودة البعث للسلطة فانه تآمر على المرأة من خلال سلب حق تكوين تنظيم نسائي ديمقراطي يدافع عنها وبذلك شكلت منظمة إتحاد نساء العراق لتحل بدل المنظمة النسائية التقدمية( رابطة المرأة العراقية ) مما إستدعى أن يُحتفل بالمناسبة سراً وبما يتناسب مع ظروف الإرهاب البعثي.
وبالرغم من إن تاريخ المرأة والرجل هو تاريخ واحد ألا أن سيطرة الرجل أعطت للتاريخ والحضارة شكلاً ذكورياً وأبعدت المرأة عن المشاركة التأريخية والحضارية بفعل سطوة وسيطرة الرجل. رغم ان الصراع الطبقي عبر التاريخ أوجد وحدة تأريخية بين المرأة والرجل الا ان الأخير أنكر دور المرأة في الصراع , ولعل هذا التوحد التأريخي ظهر جلياً بعد ظهور إستغلال الإنسان للإ نسان بعد ظاهرة تقسيم العمل التي أدخلت المرأة عبودية الإستغلال وسيطرة الرجل وتخلت المرأة قهراً عن حريتها السابقة في مجتمع المشاعية البدائية ..وهكذا لازالت هذه السيطرة منذ ذلك التاريخ ولغاية تاريخنا الحديث ممارسة يومية إجتماعية ضد المرأة .
والمسيرة التأريخية النضالية الطويلة من ا لصراع الطبقي قد علمتنا ان العمل الجماهيري المنظم خير وسيلة لتحقيق الأهداف, مختصرة الزمن ومجسدة وحدة أهداف الفئة الإجتماعية التي قامت بتحقيق التنظيم الجماهيري , إضافة الى اسباغ الصفة الإجتماعية لمثل هذه التنظيمات , كما يوحد التنظيم الفئة الإجتماعية العنية بصورة جلية .
والمنظمات الجماهيرية لها أشكال ونوعيات مختلفة .. حسب ظروفها الإجتماعية والحاجة الى تشكيلها , فمنها ما هو مهني يدافع عن حقوق نقابية اقتصادية بحته كالنقابات , أو سياسية لتحقيق نظام سياسي معين دفاعا ً عن المصالح الطبقية لجماهيرها .. أو إجتماعي للدفاع عن حرية وحقوق المرأة وبث الوعي الإجتماعي حول ذلك بين النساء.
وقد استخدمت النظم الرجعية والدينية والفاشية مثل هذه المنظمات لأهميتها في المجتمع ولغرض إحداث (بلبلة فكرية ولغرض التشويش ) على حرية وحقوق المرأة من خلال بناء منظمات نسوية بديلة مدعومة من السلطة ووسائل إعلامها مثل _ منظمة نساء الجمهورية , وإتحاد نساء العراق , وجمعية الأخت المسلمة , _ التي لم تكن لتدافع عن حقوق المرأة الإجتماعية والسياسية وتحريرها من الإستغلال . بل لترسيخ المفاهيم البالية التي إستخدمها الرجل للسيطرة على المرأة وإستغلالها , لأن المرأة بعرفهم
( ناقصة عقل ودين ) وهناك من يضفي القدسية الدينية والموروثاتية بالعا دات والتقاليد الرجعيين على الاستغلال والسيطرة .
وقد كا نت لهذه المنظمات دور قذر في محاربة المنظمات النسوية التقدمية التي تدافع عن حقوق المرأة وحريتها كأن يقال _ ان الاستغلال والسيطرة هي من الأوامر الألهية التي لايمكن مناقشتها أو المساس بها لأنها مقدسة فما على الجميع الا إطاعتها والإمتثال لها _ وهلم جرا .

الــنظـا م الـر أ ســـــما لـي و الـمرأة : : : :::::::::::::::
أما الرأسمالية العالمية .. فإنها اعتبرت المرأة سلعة مشاعة للرجل تتحكم بها قوانين العرض والطلب وهي أساس ألإقتصاد الحر , ووضعوا لكل صنف من النساء قيمة ( سعر ) تتناسب مع هيئة المرأة وذوق الرأسمالي .. وبذلك تم تقويض شخصية وإرادة المرأة لصالح سيطرة الرجل أو عبودية رأس المال وتم تحويل المرأة الى _متاع جنسي رخيص _ ولطالما رفعت الرأسمالية شعار المساواة بين الرجل والمرأة وهو نوع من التلاعب با لألفاظ .
ان الرجل الذي تريد الرأسمالية مساواة المرأة به في النظام الرأسمالي نوعان الرجل المستَغِل والمُستَغَل فاذا أُريد المساواة مع المستغِل فهذا غير ممكن لان مثل هذا الرجل وضع قيد العبودية على رقبة المجتمع والمرأة جزء منه , أي على رقبة المرأة , فكيف تستطيع ان تغير وتتحررمن القيد وواضعوه واقفون بالمرصاد لها ولكل من يحاول مثل هذا العمل الذي يتعارض مع الرأسمالية وتعتبره إعتداءً عليها .
أما إذا أرادوا مساواتها مع الرجل المُستَـغَـَل ( بالفتح ) وهي كذلك الآن !!! فانهم يصبحون ديماغوغيين بشعارهم هذا .. إذ فمن سيقود عجلة الإنتاج في المجتمع الرأسمالي غير الرجل المُستَغَل بالفتح والمرأة المُستَغَلة ( بالفتح ).
ولمعاينة موقف الرأسمالية العالمية عبر التاريخ القريب من المرأة من خلال إدعائاتهم وشعاراتهم نجد ان في عام 1929 اصاب العالم الرأسمالي كساد كبير إستغرق أكثر من عقد من الزمان أدى الى الحرب العالمية الثا نية ففي بداية الكساد أصبحت الأيدي العاملة فائضة عن الحاجة فلجأ الرأسماليون الىإطلاق ابواقهم من خلال منظريهم بان الاطفال في بلدانهم اصيبوا بامراض نفسية معقدة بسبب حرمان هؤلاء الاطفال من دفء وحنان الامومة نظرا لانشغال المراة بالعمل خارج المنزل مما أدى الى تسريح النساء من العمل وحجرها بالبيت تطبخ وتسهر على راحة الرجل مكونة عالة إقتصادية عليه.
فكانت نسبة النساء التي أبعدن عن العمل وقطعت ارزاقهن هي النسبة الأعلى التي تحملت فوضى الأنتاج الرأسمالي والكساد . وهكذا أصبحت المرأة أسيرة البيت في العالم الرأسمالي _ المتقدم _ تكنلوجياً وديمقراطياً ويتمتع بفضاء واسع من الحرية ومع هذا اضحت المرأة عالة على الرجل والمجتمع تنتظر الفرج لحل مشاكلها من الرجل حسب مزاجه وظروفه ألإقتصادية.
وعندما ظهرت بوادر الحرب الثانية واحتاجت الأننظمة الرأسمالية الى الجنود , سيق الملايين من العمال والفلاحين الى التجنيد لإرسالهم الى جبهات القتال مما خلق فراغاً كبيراً في المعامل فأصبحت الأماكن شاغرة بعدد من سيقوا الى الحرب وعادت الأبواق نفسها التي روجت لسجن المرأة الى إطلاق حريتها خدمة للوطن . ان هذا الزعيق لم يكن تعاطفاً مع المرأة وحريتها وحقوقها وإنما لحاجتهم الى الأيدي العاملة لسد النقص كما أسلف ولتحقيق أكبر ربح ممكن يعوض الكساد الذي حدث , وهو الباعث في ميلاد الحرب العالمية ا لثانية , وهكذا أعطت الرأسمالية العالمية الدليل القاطع على ميكافيليتها الى العالم وشعوبها والى المرأة تحديداً مما يحتم عدم ثقة شعوب المعمورة بالرأسمالية العالمية أو المحلية . ومطلوب منها ( الشعوب ) كموقف تاريخي أن تعمل بكل قوة من أجل هدم الرأسمالية , وانه ليوم عرس وابتهاج ذلك اليوم الذي تسقط فيه وتولي الى غير رجعة , وتتحقق حرية الأنسان من عبودية رأس المال أينما كان على الكرة ألأرضية .
دور الـمـر أة الـعـراٌقـية ::::::
ان مهمة المرأة العراقية في تعزيز دورها في المجتمع يأتي من خلال دورها في المنظمات الجماهيرية ففي بلدان متخلفة كالعراق , تسوده المفاهيم الغيبية والقدرية والسلفية تبدو المهمة شاقة وصعبة , ولكنها ليست مستحيلة وهي تحتاج الى إرادة وتصميم . كتصميم الرعيل الأول من النساء العراقيات المناضلات والتي صقلتهن وحدة العمل والنضال الجماهيري وتعرضن الى الكثير من المشاق ومن مختلف صنوف التعذيب والإضطهاد , مطاردة , وسجنا ً , وبعداً قسرياً عن الوطن .
فحري بنا جميعا ً أن نساعد ونُخرِج أكثر من نصف المجتمع من دوامة التجهيل الرجعي , الديني و البعثي ونطلق طاقات المرأة ونساهم على تحررها من قيودها الاجتماعية والإقتصادية ,و لكي نستطيع أن نبني مجتمعاً حراً . والمرأة العراقية جديرة بذلك علينا أن نثبت حقوقها ونصون حريتها وإرادتها في الدستور الدائم لمنع الطريق على القوى الرجعية والسلفية والبعثية والرأسمالية التي تريد أن توئد المرأة وهي على قيد الحياة .