لماذا تعشق المرأة المسلمة قيدها.؟



جهاد نصره
2005 / 4 / 16

أكثر ما يدهش في الأيام الراهنة، هو تمسك المرأة المسلمة بقيدها، ومن ثم دفاعها المتواصل
عن مالكها السيد، وعن حقه في ضربها متى شاء وبالطريقة التي يهواها حسب نظرية ( نفض
السجادة ) –.
في دراسة بحثية ميدانية أردنية نشرت منذ أيام، تبين أن /63/ بالمئة من نساء الأردن
الإسلامي الهاشمي، يتعرضن للضرب من قبل الأزواج الفحول وهن راضيات بذلك، ومقتنعات
أن الضرب حق شرعي من حقوق الرجال.! وفي الجمعية الوطنية المنتخبة في العراق، وصل
عدد كبير من النساء المختارات من قبل أصحاب القوائم من الفحول الإسلاميين إلى الجمعية
الوطنية ليتبين أنهن سيعملن على تقليص الحقوق المدنية للنساء العراقيات، وسيقفن في وجه
المنظمات النسائية المدنية.!
وهذه الحقائق المريعة، نلمسها عند أغلب النساء في المجتمعات الإسلامية التي تهيمن فيها
الثقافة الذكورية المدعومة من منظومة الفقه الإسلامي الاستبدادي منذ عشرات القرون، ومرد
الدهشة يكمن في عدم تمكّن المرأة المسلمة وبالرغم من جهود المنظمات النسوية، والأحزاب ،
السياسية من التفاعل مع مناخات الحرية، وثقافة حقوق الإنسان، وقيم التحضر والتمدن التي
تسم العصر الراهن.. حتى أن الفتاة المسلمة تأخذ معها حجابها حين تذهب للدراسة في البلدان
الغربية.!
وهكذا، بدلاً من أن تسعى للخلاص من عبوديتها.. والتحرر من هيمنة ثقافة الفحولة المهيمنة
عليها، تذهب باتجاه معاداة النساء المناضلات كتعبير لا شعوري عن الاستكانة والرضى الذليل
بالهيمنة المركبة التي تحيا في ظلها..!*
لقرون عديدة خلت، ظلت المرأة المسلمة رهينة اشتراطات الفقه الإسلامي التي تبقيها مجرَّد
عبدة منزلية فاقدة لوجودها المستقل حيث بقيت على الدوام أنثى للرجل لا تُعرَّف إلا من خلاله..
و لا تدور إلا في فلكه.. وهي ترث هذه الحالة العبودية وتوِّرثها لبناتها جيلاً بعد جيل..!
وبالرغم من أن معظم حكومات الدول العربية وقَّعت على ميثاق حقوق الإنسان الذي صدر عن
هيئة الأمم المتحدة عام /1948/.. وهي وقعت أيضاً على الوثيقة الخاصة بحقوق المرأة
ومساواتها مع الرجل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام/1967/ وفيها طلب
واضح وصريح من كافة الدول الموقعة بضرورة تعديل تشريعاتها بما ينسجم مع النصوص
المعلنة وبخاصة ما تعلق منها بحقوق المرأة السياسية.. وبأهليتها المدنية والمالية الكاملة، فإنها
لم تلتزم بما وقَّعت عليه حيث أبقت على قوانين الأحوال الشخصية السائدة التي تتعارض مع
المواثيق الدولية..وهكذا لا يزال الرجال العرب قوامون على النساء.. ولهم وحدهم حق الولاية
على العائلة.. وهم يرثون ضعف ما ترثه النساء.. وكل رجل مسلم بإمكانه الزواج من ثلث
دزينة وشهادته تقابل شهادة امرأتين في المحكمة وذلك لضعف عقلها..!
ثم إن المرأة المسلمة لا تستطيع الخروج من المنزل دون إذنٍ مسبق فكيف إذا أرادت السفر..!؟
وكل هذا وكثير غيره، يعني أن المرأة المسلمة في أيامنا هذه لا تزال خاضعة كليا لأحكام
بيت الطاعة كما نصَّ عليها الفقه الإسلامي وهي مناقضة كلياً للبنود الواردة في الوثيقة الحقوقية
الخاصة بأوضاع المرأة.. والشاذ في الموضوع، هو أنها لا تزال تداري قيدها لا بل تعضّ
اليد التي تسعى لنزعه..!.
منذ تسعة قرون كتب ابن رشد: (( المرأة في الظاهر صالحة للحمل والحضانة فقط ،وما ذلك
إلا لأن حالة العبودية التي أنشأنا عليها نساءنا أتلفت مواهبها العظيمة، وقضت على مواهبها
العقلية.. فحياة المرأة تنقضي كما تنقضي حياة النباة..! وقد كان ذلك سبباً في شقاء المدن
وهلاكها )).
وهكذا ارتبط التخلف الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية ببقاء المرأة أسيرة ثقافة العبودية..
وما لم يحدث تغير حقيقي في محتوى وعي المرأة بما يعني كسر حلقة ثقافة العبودية هذه، فإن
التغّير في الواقع الاجتماعي يبقى سطحياً كما هو واضح في مختلف المجتمعات الإسلامية..
أما عن السبل، والطرائق المفترضة التي تساعد في ذاك التغير، فهو موضوع تشتغل عليه
الفعاليات السياسية والاجتماعية المختلفة وعلى الأخص المنظمات النسوية المستقلة.. ويدعمها
في جهودها المجتمع الدولي برّمته.

* نوال السعداوي خير مثال على ذلك فقد تبين أن أعداءها من النساء أكثر عدد الرجال..!؟