حول الحجاب الراقص !



ماجد جمال الدين
2013 / 5 / 8

كتبت ألأخت العزيزة ليندا كبرييل مقالها الرائع ( الرقص خمرة المرأة ونشوتها ) حيث بأسلوبها الأدبي البديع فضحت فيه مدى النفاق الإجتماعي والزيف ألإنساني الذي تخلقه قضية الحجاب ، وفي نفوس النساء خاصة بتعارضه مع حاجاتهن الروحية والجسدية وتقييده البغيض لمشاعرهن التي تحاول الإنطلاق الحر كما في عملية الرقص الذي هو أيضا حاجة غريزية عرفها الإنسان قبل بدء التاريخ .
ألكبت النفسي ألذي يفرضه الإلتزام بالجاب والعباءة وتحديد أنواع معينة من الملبس يجعل الرجال والنساء عندنا أقرب إلى الهمجية حتى حين ممارستهم للرقص في ألأفراح العائلية مثلا ، فهم يتحركون عادة بأشكال حادة ومبتذلة بعيدة عن الرشاقة الفنية .. بينما في المجتمعات ألأكثر تحضرا منذ الطفولة يتعلمون ثقافة الرقص .
مقال ألأخت ليندا أستثارني لتذكر ما كتبت أنا سابقا حول بعض جوانب الموضوع ..
في عام 2007 في منتدى وشبكة البرلمان العراقي ، ( وهو منتدى حواري تركت الكتابة فيه منذ أمد طويل لأن ذهنية غالبية أعضاءه لا تختلف كثيرا عن ذهنية أعضاء البرلمان الحقيقي )، طرح أحد الزملاء قضية الحجاب للنقاش الحر ، ومن هنالك أنقل مداخلاتي :
((عن ألحجاب وألتبرج مرة أخرى ، وإضافة لكل ألنقاشات وما كتب عن ألمسألة وليس هنا فقط !

أريد أن أسأل هل يمنع ألحجاب ألمرأة عمليا أن تتبرج ، أي تبرز محاسن أنوثتها في ألشارع وأمام كل ألناس ؟ وأنا لا أتكلم عن ألمذيعات في قنوات ألجزيرة وألفضائيات ألإيرانية .. بل عن كل إمرأة .
كما أعتقد فإن حتى ألنقاب و ألعباءة ، بغض ألنظر عن طريقة إختيارهما ، لم يستطعا يوما أن يثنيا ألمرأة من محاولة إظهار مفاتنها مثلا من خلال طريقة ألمشي ألملائمة لتركيبها ألجسدي .
وسؤال آخر : هل ألرجل لا يتبرج ؟ ... ما هو مفهوم ألتبرج ؟
للاسف ألأديان ألإبراهيمية خلقت مجتمعات ذكورية بحيث لا يستطيع ألمرء حتى أن يفكر بطريقة متوازنة .. بحيث يقول أحدهم هذا الغباء مثلا : ألمرأة ألإنسان للشارع وألمرأة ألأنثى للبيت ! ؟ ولا أعرف ما ألذي يمنعه ،عدا إزدواجيته ، من تعميم هذه ألمقولة عن ألرجال أيضا .. وعند ذاك سيفهم خطلها .
ألتبرج وإظهار مفاتن ألجسد وجمالياته غريزة إنسانية أولية سواء عند ألإناث أو ألذكور ، كما هي أيضا من ألغرائز ألأولية عند كل ألحيوان .. وعدا عن هذا فهي بألنسبة للإنسان حاجة نفسية و إجتماعية !!
إذا كان ألناس لا يختلفون حول ألجملة ألأولى ، فألثانية تثير عادة ألكثير من الشكوك ولذا أود تفسيرها هنا بشكل واضح ,, فألقضية في ألتبرج لا تخص ألإناث ـ ألبنات وألنساء عامة وحدهم فقط بل ألذكور أيضا أطفالا وأولادا ، رجالا وكهولا وشيبا ..

ألحاجة ألنفسية ..
ألرجل أو ألمرأة منذ أقدم ألأزمان وعند كل ألشعوب كانوا دائما يتبرجون ، بإضفاء ألتلوينات وألعلامات ألفارقة والمفرقعة ( وأحيانا بشكل مثير للدهشة وألإستغراب ألعميق عن أبعادها ألجمالية ) على وجوههم وأجسامهم بمختلف ألأعضاء ، أو بألملابس أوغيرها من ألطرق ألإيحائية ألتي تبرز مفاتن ألتكوين ألجسدي وتخفي ما لا يراد إظهاره .. وألقضية خاصة ما تتنامى في فترة ألمراهقة ـ هنا كتعبير عن ظهور ألحاجة ألجنسية عادة ومحاولة ألإثارة وألتأثر ، ولكن ليس هذا هو كل ألسبب .

وألسبب ألرئيس والدائم هو محاولة إثبات ألنفس ووعي ألذات بوحدانيتها وتفردها ، إي إظهار خصوصية ألشخص وألتعبير عن حالته أمام ألآخرين ليلقى منهم ألإهتمام بألشكل ألذي يناسبه .. ولنلاحظ أيضا أن ألبهرجة في ألتبرج ( ولنسميه ألتبرج ألزائد عن ألحد وحتى ألمثير للضحك بلاجماليته وخروجه بشكل حاد عن المألوف ) يكون عادة كرد فعل ألفرد على ألشعور بعدم إهتمام ألآخرين به .. أو كبته في إظهار نفسه وتبرجه كحالة طبيعية .. ( من يحضر حفلات ألزواج عندنا حين تكون ألنساء لوحدهن وألرجال لوحدهم سيفهم ماذا أعني ).

بعد سن ألبلوغ بفترة وبعد شعور ألإنسان ، من ألجنسين ، بأنه كون نفسه كذات مستقلة ، فإن ألتبرج عادة ما يتحول إلى نوع من ألطقوسية ألجمالية ـ ألأناقة ألمتفردة . هذا ألتبرج ألهادىء وألذي يستمر عادة طيلة حياة ألإنسان ، لايبدل أسبابه وطبيعته .. وربما بألعكس يتحول إلى شيء ملتصق بألفرد ولا يستطيع ألتخلص منه بسهولة فهو ملازم لازم له في طريقة ألتعبير عن نفسه وحاجاته ذاتها والتي لم تتبدل .. طريقة ألتبرج ذاتها تكون عنده معيارا لشخصيته أمام نفسه وألمرآة ألتي يستعملها . ألمرآة هنا بألمعنى ألحرفي وألمعنوي ألبلاغي.

ألحاجة ألإجتماعية ..
ألمذاهب ألشمولية لخلق وعي جمعي ( قطيعي ) تحاول بشتى ألطرق توحيد كل ألناس ـ أفكارهم وما يأكلون وما يلبسون وكيف يتصرفون ، بفرض تصورات إنموذجية معممة من منظورها ألضيق ألذي لا يستوعب ألخصوصية ألفردانية للإنسان .. تلاميذ ألمدارس يجب أن يلبسوا هذا ألزي ألموحد وطلبة ألجامعة هكذا وعليهم أن يتصرفوا بهذا ألنمط ، والعاملون أو ألموظفات عليهم أن يلبسوا هكذا ويتحدثوا هكذا ولا شأن للمرأة بألسياسة كما لا شأن للرجل بألطبيخ وتبديل حفاظات طفله ألخ ..

ألتبرج بحد ذاته يخرق هذه ألقواعد ، لأنه تعبير عن ألفردانية . وهو كما عند ألمرأة أو ألرجل يساهم في تشكيل نوع جديد من ألعلائق ألمجتمعية بحيث تبدأ ألنظر للآخرين ليس على أنهم عامة ، وكتلة منصهرة موحدة بل تبدا بإحترام ذوات كل ألأفراد ألآخرين .. كل شخص هو آخر مختلف .. وليس ألآخرين كحالة هلامية ما ..
ربما أعود لاحقا لتصوير ألفكرة بشكل أمثلة حياتية لجعلها أكثر وضوحا وإقناعا .. بأن هذه ألمسألة على بساطتها ألظاهرية هي حاجة أساسية ألآن للتطور ألإجتماعي .

هنا مقتطف صغير من رسالة شخصية كتبتُها من ألمهجر ألذي استمر قرابة ثلاثين عاماُ ، إلى شقيقتي ألتي تركتها طفلة ولم أراها أوأحادثها طيلة فترة الغربة ، مع ألعلم أن ألرسالة طويلة جدا وبعثتها حينها كردود بعدة أجزاء قبل أن أستطيع ألعودة للوطن بداية عام 2004، ولأهميتها ألفكرية وألبعيدة عن ألخصوصية كما أعتقد ، فقد كنت نشرتها في إحد ألمنتديات على ألإنترنت نهاية ألعام 2006..:

((أختي ألحبيبة في رسالة سابقة كتبتِ لي ما معناه أن ترك ألحجاب يفترض أولا وجود عالم من ألناس ألملائكة . ألمسألة هنا عندكِ موضوعة بالعكس كما لو مشى ألإنسان على يديه وأستعمل قدميه . ألحجاب لايقي أبداً لا البنت ولا ألمرأة بأي عمرٍ كان ، لايقيها لا من عواطفها و حاجاتها ألجنسية ذاتها ولا من إمكانية ألتعدي عليها من ألشباب وألرجال من ألسفلة ، إذا كانت تريد ألمحافظة على نفسها في مجتمعٍ متخلف متوحش فلتتعلم ألكاراتيه أو تخفي في ثيابها مسدس صغير . بألطبع هنالك وسيلة أهم هو ألحصول بعملها ألطيب على إحترام ألآخرين فيكونوا كلهم عنها مدافعون وأخوةً لها سواء كانت محجبة أم لا . تحجب ألبنات وألنساء وفصلهم منذ الطفولة عن ألأولاد وألمجتمع ألرجالي هو ألذي يخلق ألكبت والمشاعر ألهمجية وألأخلاق ألتي هي أوطأ حتى من ما عند ألقردة ، بينما ترك الحجاب ولبس ألملابس الجميلة التي فيها ذوقٌ وفن يربي ألمشاعر وإحساس ألرقة والجمال بما يرفع الناس إلى مرتبة ألملائكة .

أختي الحبيبة أنوار الهدى نفس هذا الشيء ينطبق على ما تسمينه أنتِ العفاف إذا كنتِ ترين به معنى أن تبقى ألفتاة باكِراً حتى زواجها ( على ألطريقة ألإسلامية طبعاً ) . وتعتقدين طبعاً أنً ألمجتمع ألأوربي وألأميريكي وغيرها هي مجتمعات فاسدة لإنها تحلل العلاقة الجنسية قبل ألزواج . اولاً معنى ألعفاف والعفة بأللغة ألعربية هو أن يعف ألمرء عن ما ليس له وليس له به حق مثلاً لا يسرق ، ولا يسيء لإمرأة سافرة أو غير سافرة لم تعجبه مشيتها أو هي هيجت شهوته الحيوانية ولا يكتم نفسه ويعِف عن التعدي على حريات ألآخرين . وهنا أقول لكِ : في ألمجتمع ألبشري ألراقي ألمتحضر فعلاً جمال المرأة ألعارية لا يهيج ألشهوة ألجنسية بشكلها ألحيواني ، بل سواء عند ألرجال وألنساء يثير أكثر ألمشاعر ألإنسانبة سمواً ـ ألشعور ألجمالي ومشاعر ألألفة وألمحبة وألأحترام .

أما عن مسألة ألبكارة فأقول لكِ أن هنالك شعوباً عديدة سواء في ألهند والصين واليابان أو في ألأميريكتين ليس فقط تسمح بألعلاقة ألجنسية قبل ألزواج بل هي تربي أطفالها وتعلمهم منذ ألصغر ممارسة ألجنس كما يعلمونهم أخلاق وآداب ألجلوس حول مائدة الطعام لإن هذا يخلق في نفوسهم إحترام الذات وألجنس ألآخر ويمنع عنهم الهمجية ألحيوانية وألأمراض ألنفسية ألتي يخلقها ألكبت ألجنسي كعدم الثقة والشعور الدائم بألنقص سواء عند الفتيان او الفتيات . من ألجهة ألثانية أؤكد لكِ ومن تجربتي ألخاصة ضمنا ، أن الممارسة الجنسية قبل الزواج وأقصد بألضبط مع أفراد آخرين وليس فقط الزوج أو الزوجة ألمنتظرة يقوي ويعمق مشاعر الحب ألزوجي وألإحترام بين ألزوجين ولا يقلل ابداً عدد ألزيجات ، في ألاخير كلهم سيلتقون شركاء حياتهم وسيتزوجون وحياتهم الزوجية أسعد بكثير مما لو كانوا عرفوا فقط بعضهم البعض . والخيانة ألزوجية وألرغبة ألمكبوتة فيها وألتي تهين كرامة ألإنسان أمام نفسه ، تقل أيضا عادةً . ألمشكلة في ألنفاق ألذي يتعمده رجال ألدين بألخلط بين ألحرية ألجنسية من جهة وألبغاء وألدعارة من ألجهة ألأخرى وإعتبارهما شيئين متماثلين ، بينما ألعكس هو ألصحيح فهما شيئان متناقضان ومتضادان تماماً . فبينما ألحرية ألجنسية تربي ألمشاعر ألروحية وأخلاق ألسلوك ألمتكافى بين ألبشر وشعورهم بالمسؤولية عن علائقهم فيما بينهم ونتائجها ، فإن ألبغاء وألدعارة إذلال للطرفين وإستعباد للمرأة بوجه خاص وجعل جسدها ومشاعرها سلعة تباع وتشترى ولا يهم من كان ألنخاس .

وأقول لك أن أغلب ألزواج في أعراف وتقاليد مجتمعاتنا ألإسلامية ووفق شريعتها ما هو إلا نوع من ألبغاء وألدعارة وخاصة أن بعضا من ولاة أمر ألفتيات أي آبائهن بألحقيقة لا يختلفون نفسيا عن ألنخاسين في سوق ألعبيد تجرهم لذلك ألتقاليد ألبالية وأغلب رجال ألدين ألذين لا يرون ضيراً بل ربما يمجدون أن تقتل فتاة بريئة إغتصبت ، أن تقتل بإسم ما يدعونه بألشرف ألعائلي بينما يهيجون غضباً أن تذهب ألفتاة بإرادتها لشخص أحبته وإن أنجبت منه فلا يعترفون حتى بشرعية وجود هذا ألطفل ويبررون قتل ألفتاة وألطفل ألبريء .
وفي أحسن ألأحوال عندنا فإن ألآباء وألأمهات هم ألذين يأخذون على عاتقهم مسؤولية إختيار شريك ألحياة لأبنائهم وبناتهم وهذا بألطبع أسهل لهم بكثير من أن يربوا في بناتهم وأولادهم روح ألحرية ويعلمونهم كيفية التعارف ومعرفة ألآخرين بفضائلهم وسيئاتهم وكيفية ألإختيار ألصحيح ومسؤولياته ، وبألنتيجة فألأزواج ألجدد من ألشباب لايشعرون بمسؤولية ذاتية عن أخطائهم هم ولا بألطبع عن ألإختيار الذي لم يقوموا به بل جاء كالقدر ألمحتوم ليحكم عقودا من حياتهم وبنفس أسلوب ألتسلط يطبقونه على أبنائهم وبناتهم .

الفساد في العقول والقلوب لا يخلقها ألإنفتاح الجنسي وما يسمى ألثورة ألجنسية بألنسبة للمجتمعات ألمغلقة كألمجتمعات ألإسلامية بل بألعكس يخلقها ألكبت ألجنسي وألأوهام ألتي يغرسها رجال الدين . نسبة أللواط والسحاقيات في ألسعودية وإيران هي أكبر نسبة في العالم كله وبعدها طبعا باقي ألبلدان العربية ألتي تُشيد بإسلامها ، وهم يتحدثون على أن أوربا فاسدة لإنها ( بعض ألدول ) جعلت من حق ألأفراد توقيع عقد زواج كعيش مشترك بين رجلين أو إمرأتين من ألشواذ بيولوجيا (ونسبتهم في كل ألمجتمعات ألإنسانية تقارب 2ـ3 % ) يريدون هذا لإنفسهم وهذا حقهم فهم أحرار ولا يريدون ان يختبأوا في ألمرحاض، بينما ألكبت ألجنسي وعدم ألإنفتاح بين ألجنسين هو ألذي يزيد هذه ألنسبة أيضا في مجتمعاتنا ألمتخلفة .
أختي ألحبيبة أنوار ألهدى أنـا تعرضتُ هنا بصراحةٍ كاملة وعمداً لإصعب ألأشياء ألتي قد تجرح مشاعركِ في قضايا ألدين ألذي أرتضيه لنفسي حتى لا أكونَ كاذباً أمامكِ وامام نفسي . هذا ألحديث ألصريح قد لا يستسيغه أحد في مجتمع ألقهر ألفكري ألذي عشتم وتعيشون فيه وربما فقط بعد بضع سنوات يبدا ألناس بتفهم وتقبل ما قلته . فأرجو منكِ ان لا تكتبي لي رسالة تناقشينَ بها أفكاري هذه . كل هذا يمكن ان ينتظر ، بعد رجوعي سيكون لنا ألوقت ألكافي للحديث والفهم ألمتبادل . ))


تحياتي