إمرأة واحدة على الأقل



حكمة اقبال
2013 / 8 / 5

التأريخ النضالي لحركة نضال المرأة العراقية لنيل حقوقها وحرياتها القانونية معروف ، وبالطبع مُختلف عليه ، حسب اختلاف ايدلوجيات ومرجعيات القوى السياسية والاجتماعية على مدى تاريخ نشوء الدولة العراقية حتى الآن ، ولكن مما لايمكن الاختلاف حوله هو ان العراق أول دولة عربية استوزرت سيدة مناضلة من وسط الحركة النسائية عام 1959 ، ولم يكن عبد الكريم قاسم قد اختار الفقيدة الدكتورة نزيهة الدليمي لسواد عينيها ، بل لانه يعلم مكانتها الكبيرة بين مناضلات التحرر الوطني في العراق والمنطقة ، ومعها كان اعداد كبيرة على طول العراق وعرضه ، يمارسن النضال اليومي في مختلف الظروف السياسية ، وتحملن ، كما المناضلين الآخرين ، وقدمن تضحيات كبيرة معروفة .

لو افترضنا ان حاكم العراق السابق ، بول بريمر ، لم يفرض كوتا النساء على الاحزاب الاسلامية ، ولنفترض ان بريمر لم يستمع الى بعض العراقيات المناضلات اللواتي تصدرن حملة من اجل الغاء قرارمجلس الحكم رقم 137 في كانون الأول عام 2003 الذي اصدره عبد العزيز الحكيم القاضي بالغاء قانون الاحوال الشخصية لعام 1959 ، هل سنرى نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من عدد اعضاء مجلس النواب ، حسب الفقرة رابعا من المادة 49 من الباب الثالث من الدستور في البرلمان أو مجالس المحافظات ؟

المادة 16 من الباب الثاني في الدستور العراقي تقول ( تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين ) ، ومثل العديد من فقرات الدستور غير المفعّلة بقوانين ، وغيرها المهملة والمختلف في تفسيرها ، نجد ان هذه المادة مهملة تماما عند توزيع المناصب والمهام الحكومية بين الرجل والمرأة ، ويتعين على المرأة العراقية ان تواصل نضالها القديم ، رغم ان الظروف هي في صالح الاطراف التي لاتريد للمرأة العراقية ان تأخذ دورها الحقيقي ، وتُبرز كفاءتها العالية في مجالات العمل السياسي والاداري والمهني وغير ذلك .

في تركيبة مجلس الحكم عام 2003 الذي اختاره حاكم العراق بول بريمر المكون من 26 عضوا كان هناك اربعة سيدات ، ورغم انه جرى اعتماد تسلسل الابجدية في مناوبة رئاسة مجلس الحكم لمدة شهر لكل عضو ، الا ان السيدة سلامة الخفاجي لم تترأس مجلس الحكم ، ولو نصف ساعة ، رغم ان تسلسلها هو العاشر بين اعضاء المجلس ، ويبدو انه ليس من الوارد في ذهن أياً من ساسة العراق ان يمنح احدى النساء العراقيات احد مناصب الرئاسات الثلاث أو نوابهم ، رغم وجود كفاءات نسائية عديدة هي أفضل مما متوفر لدينا الآن .

ولكن ماذا بشأن الدرجات الأدنى ؟ لنتابع بالأرقام :
- في وزارة أياد علاوي كان هناك 33 وزيرا من بينهم ستة وزيرات
- في وزارة ابراهيم الجعفري كان هناك 36 وزيرا من بينهم ستة وزيرات أيضا .
- في وزارة نوري المالكي الأولى كان هناك 37 وزيرا من بينهم اربعة وزيرات فقط .
- في وزارة نوري المالكي الثانية ، عسى ان تكون الأخيرة ، كان هناك قبل وبعد الترشيق ، وزيرة وحيدة لاتمتلك جنطة لوزارتها ، وتستأذن زوجها عندما تخرج من البيت لاجتماعات مجلس الوزراء ، ويبدو انه يوافق دائما .
- لاتوجد سيدة واحدة في منصب مفتش عام وزارة .

توجد في تركيبة مجلس النواب الحالي ستة وعشرين لجنة برلمانية ، يختلف عدد اعضاء كل لجنة عن الاخرى ، لاعتبارات غير واضحة ، تتراوح بين ثمانية عشر عضوا ( لجنة النزاهة ) و أربعة أعضاء ( لجنة المرأة والاسرة والطفولة ) . ومن بين اللجان الستة والعشرين تترأس المرأة أربعة لجان فقط وهي ( الصحة والبيئة ، الخدمات والاعمار ، المرحلين والمهجرين ولجنة شؤون الاعضاء والتطوير البرلماني ) ، وحصلت المرأة على منصب نائب رئيس لجنة بعدد ثلاثة فقط وهي (الثقافة والاعلام ،المرحلين والمهجرين ولجنة مؤسسات المجتمع المدني ) ، وبصفة مقرر لجنة في اربعة لجان فقط . فيما خلت لجان الأمن والدفاع والمصالحة والعشائر البرلمانية عن أي من السيدات عضوات البرلمان . وبغض النظر عن طريقة توزيع عضوية اللجان بين احزاب البرلمان ، فانه من المفروض ان عضو البرلمان هو شخصية سياسية قادرة على اتخاذ القرار في اي مجال في شؤون الوطن والمواطنين . الا تصلح أياً من السيدات البرلمانيات ان تكون في لجنة الدفاع ؟ أو يكون أحد السادة في لجنة المرأة والاسرة والطفل ؟؟؟؟ ، سيجيب البعض بالتخصص ، وهل اعضاء لجنة الأمن والدفاع هم متخصصون فيه ؟؟؟

انتهت قبل فترة انتخابات مجالس المحافظات ، وتشكلت حكومات محلية في اربعة عشر محافظة ، بغض النظر عن الاختلاف والاتفاق بين القوى السياسية الفائزة في الانتخابات ، والسؤال هو : أين المرأة من مناصب قيادة المحافظات ؟؟
- لم تنتخب سيدة واحدة لمنصب محافظ .
- لم تنتخب سيدة واحدة لمنصب رئيس مجلس محافظة .
- لم تنتخب سيدة واحدة لمنصب نائب محافظ ، أو منصب نائب رئيس مجلس محافظة .
- لم يتم تعيين سيدة واحدة في منصب قائمقام أو مدير ناحية ، ولا حتى مدير تربية أو مدير صحة .

لو افترضنا ان نسأل عدد من ساسة الاحزاب المتنفذة عن سبب عدم اشراك المرأة في هذه المسؤوليات ، ستنحصر خياراتهم بواحدة من هذه الأجوبة :
- لم تحصل موافقة زوجها على توليها هذه المسؤوليات .
- لا نرغب في تحميلهن مسؤوليات كبيرة ، لأنهن مثل القوارير ، وهناك توصية بالرفق بهن ، .
- التغيرات في وضعهن الصحي شهريا ، قد يؤثر على الوضع الأمني في المحافظة .
- هذه اختيارات قادة الحزب والكتلة ، وهم يفقهون أكثر مني .

طريق تحقيق حقوق المرأة أصبح أطول من سابق عهده ، وبالطبع أصعب وأشق ، ولكن لابد من السير عليه ، وعداه ذلٌ و هوان . وكم هو مُفرح حقا ان يوجد صبايا بين تجمعات الشباب ضد العنف في كركوك ، أو في مجموعة التحضير لمهرجان السلام في بغداد ، وتجمعات اخرى في محافظات اخرى ، رغم محدودية المشاركة ونوعيتها .
سيداتي ، نساء العراق ، بمختلف الاعمار ، سرن الى الامام ، ونحن ، أو بعضاً منا ، معكن دوما .

5 آب 2013