هل الطلاق شريعة سماوية؟



جهاد علاونه
2013 / 8 / 6

إذا كان الزوج في الإسلام يحق له بأن يتزوج على زوجته بزوجة ثانية لأن الأولى غير مغرية في الفراش لملء نزوته, أو غير مغرية في المطبخ لملء بطنه فإنه لا يضمن بتاتا أن يجد ضالته في زوجةٍ أخرى ثانية أو ثالثة,فمن الممكن أن يواجه نفس هذه المشكلة مع الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ومن الممكن أن يكون هو سبب المشكلة وليس هي. والطلاق لا يمكن أن يكون حلاً لهذه الإشكالية المعقدة, فلا يمكن أن يوفق الله بين زوجين وبعد سنة أو سنتين ينكر ما فعله أو يعترف بأنه قد كان مخطئا,مثل هذا لا يمكن أن يحدث إلا في الإسلام الذي يقول بأنه دين سماوي نزل من السماء إلى الأرض, وبإمكان محبي الطرب وصوت وديع الصافي أن يستمعوا لهذا الفنان العظيم الذي غنى بما معناه (أن الفراق ليس من شرع الكتاب).

يقول جوزيه سارا ماغو:(ما أصعب أن يكون المرء مبصرا في مجتمع أعمى),فكيف بهؤلاء العميان يقبلون بالطلاق بين الزوجين علما أن الذي وفق بينهما شرعا هو الله,,ألم يتم استدعاؤنا من ذي قبل لحضور حفل الزواج وعقد القران بينهما على شرع الله ورسوله؟فما الذي جعل الله ورسوله يفرقان بين هذين الزوجين!!أليس هذا مجتمعٌ أعمى؟,ويقال بأن التلسكوب من الممكن له أن يكبر النجمة مئات المرات ومن الممكن للصحفي أن يفعل نفس الشيء مع أي خبر صحفي,ولكن الأدهى والأمر من كل ذلك هو أن أصغر مشكلة بين أي زوجين من الممكن تكبيرها بالتلسكوب آلاف المرات حتى تصبح في النهاية سببا للطلاق وعلى ما أظن هذا ما يحدث معنا في المجتمع الإسلامي.

ويقول أرسطو:ما زلت أشرب وأشرب ولا أرتوي إلا حين عرفت الله فارتويت دون أن أشرب شيئا,وهذا الكلام معناه أن أرسطو عرف الله حق المعرفة,وأنا شخصيا أقيم الذي يعرف الله حق المعرفة فقط من شرعية الطلاق بين الزوجين فالذي يعرف الله حق المعرفة لا يمكن أن يقبل بتطليق زوجته مهما كانت الأسباب فطلاقها دينيا معناه الاعتراض على حكم الله,فالله قد حكم منذ زمنٍ وانتهى الموضوع كله,فالزواج والطلاق والموت والحياة كلها بيد الله على حسب ما تقول به الشريعة السماوية الساقطة من السماء,فهذا هو المنطق حتى لو لم أكن مؤمنا ولا بأي دين,وأظن بأن الشريعة التي تشرع الطلاق بين الزوجين ليست شريعة سماوية,فالطلاق ليس حلا للمشاكل وإنما تُحل المشاكل بطرق أخرى أهمها الوعي والتثقيف, أما الطلاق لأسباب تافهة مثل ما يحد
ث في مجتمعات المسلمين فهذا أمر لا يقبل فيه الله مطلقا,وكما قيل(لا الله يقبل ولا عبيده) فلا يمكن أن يُطلق الزوجة لأنها لا تحترم عائلة الزوج, أو أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها كون الزوج لا يحترم عائلة الزوجة, أو لأسبابٍ أخرى تافهة, إلا إذا حدثت خيانة بين الزوجين,ويكون أحد الزوجين قد قام فيها,وحتى هذه الخيانة لا تستدعي دائما أن تكون سببا وجيها للطلاق.

الطلاق مثل السجن ليس حلا لمشاكلنا أو لمشكلة المرأة والرجل, فإذا كانت المرأة تشكو من زوجها لأنه يضربها كثيرا وتريد الطلاق منه لهذا السبب فلا يمكن أن يكون الطلاق حلا لهذه المشكلة ذلك أن الرجل سيتزوج من غيرها بعد طلاقه منها وسيعيد تكرار نفس المشكلة مع زوجة جديدة يضربها بكل ما أوتي من قوة,وكذلك بإمكان المرأة أن تتزوج من غير زوجها بعد خلاصها منه,ولكن هل بإمكان المرأة أن تتزوج برجل مسلم جديد يعرف الله ورسوله حق المعرفة دون أن يضربها أو يهينها أو يهيمن عليها بقوته العضلية؟يعني كما يقال في المثل العامي(قُمنا من تحت الدلف وقعدنا تحت المزراب).. إنه حصل وقد جُرب هذا الدواء عدة مرات وتزوجت المرأة المسلمة من رجلٍ ثانٍ وثالثٍ ورابع دون أن تتخلص من مشكلة الضرب.

إن المشكلة بعد الطلاق تبقى قائمة وإلى الأبد,والحل ليس بالطلاق بل من خلال إعطاء دروس ومحاضرات في التوعية وفي تثقيف الزوجين, فكما غنى ذات يوم وديع الصافي وقال بما معناه أن الدين الذي يحلل الفراق ليس شرعا ولا دينا سماويا,فمن المستحيل أن يوفق الله بين الزوجين بالحلال ومن ثم يأتي رجل آخر ويفك العقدة التي عقدها الله, فأنتم أيضا يجب أن تفكروا بالموضوع من جديد كيف الله مثلا يوفق عروسين بالحلال ومن ثم يأت رجل آخر أقل رتبة من الأنبياء والرسل والملائكة ليحرم ما أحله الله؟.

إن المسألة ليست سهلة وبحاجة إلى دراسة من جديد لننظر مثلا في عقود الطلاق ولأي سببٍ كانت تلك القرارات, إننا نجد بعض المشاكل التافهة بين الزوجين تؤدي إلى حل عقدة النكاح أو تفكيك عقد الزواج لسببٍ تافه, وهنالك حالات طلاق بسبب زيادة الملح في الطعام أو نقصانه , وأحيانا إذا كان الزوج المسلم في جيبه نقودا زائدة عن الحاجة وحين يشعر بقوته اقتصاديا نجده يطلق زوجته تعسفيا دون ذكر السبب ويدفع لها ما اتفقا عليه في عقد الزواج المكتوب بينهما.