صدام حسين والمرأة العراقية



سمير عادل
2001 / 12 / 9



في كل مرحلة يصّعد صدام حسين من حقده وكراهيته ضد طرف ما،ويحاول أن يعبر عنه من خلال تصريحاته وأقواله "المأثورة" في إحدى جلساته البهلوانية . فمرة يشن حملة ضد العمال وبعدها ضد الإلحاد والشيوعيين وتارة ضد الأطفال وأخرى ضد الهاربين من الخدمة العسكرية وهذه المرة كان حقده من نصيب المرأة العراقية، فجميع شرائح المجتمع العراقي يجب أن تنال حصتها من تبريكاته "حفظه الله". "فالفضائية العراقية عرضت جلسة لصدام حسين كما ان صحف الزمان والحياة نشرت مجموعة من تلك الأقوال وهو يهاجم المرأة العراقية ويأمرها بأن لا تذهب للسوق ولا تطالب زوجها بشراء الملابس وعليها أن تفتخر بأنها زوجة مقاتل وليس زوجة رأسمالي وبعكس ذلك على حد تعبيره فأنها كما يقولون بالفارسية أو التركية بأنها "أدب سز".
إن من يسمع صدام حسين وهو ينطق بهذه الكلمات يساوره الشك بأن هذا الرجل لم يصاب بمرض السرطان حسب الشائعات بل انه مصاب "بالخرف" لكن الحق يقال إن صدام حسين في كامل قواه العقلية لا ينطق على الهوى بل في الفضائيات.
بيد انه لم يشر إلى أية امرأة يقصد ؟ هل هي تلك المرأة التي سرحت فائضا عن العمل بعد قرار ترشيق الدولة في نهاية الثمانينات من القرن الفائت أم تلك المرأة التي ارجع إليها زوجها أو أخيها أو أبوها في نعش بعد أن زجوا به في محرقة الكرامة العربية أثناء الحرب العراقية-الإيرانية وحرب الخليج الثانية أم تلك التي ألقت بأطفالها ومن ثم حاولت أن ترمي نفسها في مياه دجلة رعبا من أن الجوع كما يقول الشاعر مظفر النواب "أبو الكفار" يمكن أن يسحق كرامتها أم تلك المرأة التي قطع رأسها بيد فدائيه "فدائي صدام" وعلق أمام بيتها صونا لشرف العراق في الوقت الذي اصبح شبح العوز يجتاح بيوت العراقيين كافة ويكسر عظمهم .
وإذا كان صدام يطلق كلمة "ادب سز" على تلك المرأة التي لا تسمع كلامه ،فماذا يطلق عليه هو عندما يبذخ بملايين الدولارات على أعياد ميلاده ويقتني افخر الملابس من الأسواق الغربية وشباب العراق يبيعون "كلاهم" بمبالغ تافهة للمستشفيات الأهلية للبقاء يوم آخر على قيد الحياة ، وماذا سيطلق على كبار قادته من العسكريين ومسئولي أجهزته القمعية وزوجاتهم عندما يتزينون بآخر الموديلات المستوردة خاصة إن صدام حسين ينفق عليهم نصف ثروات المجتمع العراقي لضمان ولائهم لنظامه في الوقت الذي اصبح شراء ملابس جديدة من قبل عامة العراقيين من إحدى عجائب الدنيا السبعة ؟!
وبالرغم من أن صدام حسين يعرف حق المعرفة بأن المرأة العراقية لم يبق لها أي عزاء بعد أن سلبها حقوقها المادية وسلط القوانين الرجعية والمتخلفة عليها وبعد أن طالبها بأن تجلس في البيت ولا تنافس الرجل في سوق العمل وبعد أن غرس أنياب الحصار الاقتصادي بمباركة أمريكا في جسدها، يأمرها بأن لا تتجول في السوق و لا حتى تحلم أو تتحسر على ما تعرضه المحلات !
إن صدام حسين يبلغ من الذكاء ما يحسد عليه ،فهو يعرف إن آهات العراقيين وزفراتهم وحرمانهم من أدنى المستلزمات الحياتية هو بسبب نظامه وأحلامه القومية .فعندما تفكر المرأة في الحصول على ابسط مطالبها التي في نظر صدام من المحرمات ،فهي خطوة لان تسأل نفسها ومن معها لماذا أصبحنا على هذه الحالة؟ ،لماذا لا نستطيع أن نعيش مثل البشر ، من هو السبب وراء كل هذا الجوع والحرمان ..الخ من تلك الأسئلة الممنوع تداولها في قاموس البعث الفاشي؟ عندها يصبح ناقوس الخطر يدق لدك نظام صدام.
أن صدام حسين كممثل لتيار قومي فاشي ،رغم جميع القوانين والقرارات التي شرعها بالضد من المرأة والمحاولة لتقليل من شانها وأهانتها بدءا من قرار ترشيق الدولة ومرورا بقرار 111 لمجلس قيادة الثورة وانتهاءا بقانون العشائر ،فهو يخشى من دور المرأة في تغيير المجتمع . فجزء كبير من تاريخ الحركة الثورية في العراق الذي ناضل من اجل حياة افضل كما يعرفه صدام حسين احتلته الحركة النسوية العراقية فلا غرابة من أقوال صدام حسين المناهضة للنساء العراقيات فهو يدرك افضل من غيره من أنهن مع الرجال كنسن أجهزته القمعية في 14 محافظة عراقية أيام انتفاضة آذار 1991 .
لقد تعود صدام حسين على أن الرجال فقط يحملون المعاول ،لكن ما لم يتعود عليه بأن المرأة العراقية تحمل المعول ايضا بيد ان هذه المرة ستحفر به قبرا لنظامه الذي طالما فرض القهر عليها وعلى كل ما يمت بصلة للإنسان والحياة في العراق. وهذا هو سر مناهضة صدام حسين ومعاداته للمرأة العراقية.